بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)-حرية الرأي والتعبير كأحد حقوق الإنسان
إلى أي حد تُعطي حرية الرأي ؟
وما هي قيود حرية التعبير ؟
وماذا لو اقترنت حرية التعبير بالإساءة لسمعة الآخرين بالتطبيق على قضية جوني ديب وزوجته آمبر هيرد ؟
وماذا عن حرية التعبير إذا ما تعرضت لقدسية الأديان وشكلت إساءة إليها ؟
أما عن الحق الأول وهو حرية الرأي ، فهو حق مطلق لا قيد عليه او شرط ، وهو يعني حرية الفرد في اعتناق الآراء والأفكار التي تحلو له سواء كانت دينية او سياسية او اجتماعية او ثقافية .
وأكد القانون الدولي على ذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 في المادة التاسعة عشر منه ، حيث نصت على أن” لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء دون مضايقة “.
وكذلك جاء نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة التاسعة عشر أيضا الفقرة الأولي ، حيث نص علي ” لكل فرد حق في اعتناق الآراء دون تدخل ”
والحقيقة أن الحرية المطلقة لهذا الحق تتماشى مع العقل والمنطق فلا يتصور أن يكون هيكون هناك قيود من أي نوع على ما يعتنقه الفرد بداخله من آراء وما يؤمن به من أفكار.
ومن الجدير بالاشارة هنا ان هذه الافكار والاعتقادات يجب ان تكون نابعة من عقل ووجدان صاحبها دون أن يكون هناك تدخل من أحد في ذلك ، وانا هنا اقصد الجرائم التي تقع والمتمثلة في القيام بعمليات غسيل المخ للأفراد وحقنهم بأفكار وقناعات متطرفة تتعارض مع الفكر السليم فضلا عن تعارضها مع قيم الإنسانية .
ومن صور ذلك أيضا اتباع منهج “هذا ما وجدنا عليه اباؤنا “دون أن يعمل الإنسان عقله وقلبه في نوع الأفكار والاعتقادات التي يؤمن بها ، وهذا بالطبع ما لا يجب أن يكون فكل إنسان مولود حراً مستقلة بذاته عقلا وفكرا ومن ثم يجب ان يكون مستقلا بفكره وآرائه عن الآخرين ، وليس المقصود على الإطلاق مخالفة الآخرين لمجرد حب الخلاف ،فلا عيب على الاطلاق ان تكون آراء الإنسان متوافقة مع من حوله، ولكن المقصود فقط أن يكون الإيمان بهذه الأفكار والآراء نابعا من داخله هو ..
أما بالنسبة للحق الثاني وهو حرية التعبير، يثار بشأنه أكثر من مسالة، وبشكل عام هذا الحق يعتبر اكثر حقوق الإنسان الذي يثور الجدل بشأنها ويأتي الخلاف حولها في مسائل عدة متولدة عنها .
فبداية هو يعني تعبير الإنسان عن ارائه وافكاره ومعتقداته بأي وسيلة كانت من وسائل التعبير مكتوبة او مسموعة او مرئية .
ورغم كونه أحد حقوق الإنسان مرتبط بالحق الاول وهو حرية الرأي ، إلا أن هذا الحق ليس مطلقا وإنما هو مقيد ، بألا يتجاوز ما يسمى بالخط الأحمر ، وهي 1-النظام العام 2- الامن العام 3- سمعة الاخرين .
وهذا القيد منصوص عليه في المادة التاسعة عشر في كلا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .
ولكن في ذات الوقت أوجب العهد الدولي أن تحدد الدولة هذه القيود الثلاثة بقانون واضح في أضيق الحدود وبشرط عدم التوسع فيها بشكل تعسفي يؤدي إلى التضييق على حرية الأفراد وحقوقهم .
ومن الأمثلة التطبيقية على ذلك فيما يتعلق بشرط وقيد ألا يؤدي حرية التعبير الى الاساءة الى سمعة الاخرين ، القضية التي شغلت الرأي العام في الفترة الاخيرة ، وهي قضية الممثل الأمريكي جوني ديب وزوجته آمبر هيرد ، والخلاف الذي استمر بينهم طويلا والمحاكمة التي تعددت جلساتها وحظيت بمتابعة الرأي العام لها ، كان أساسها مقالا صحفيا نشرته امبر هيرد، عام 2018 في الصحيفة المشهورة واشنطن بوست ، كان المقال يتحدث عن كونها كانت ضحية لسوء المعاملة الزوجية ، مع العالم انها لم تتحدث بشكل صريح وتذكر اسم زوجها .
الا ان زوجها جوني ديب قال انه اضر بحياته المهنية كثيرا وسبب له في خسائر فادحة ، واضر سمعته ،وبناء عليه رفع قضية ضدها.
وللعلم في المحاكمة ذكرت زوجته أنه كان يعتدي عليها بالضرب ويمارس العنف الزوجي ضدها باشكال مختلفة ، ودفع ديب بأن ذلك قلبا للحقائق وهي من كانت تفعل معه ذلك ، مقدما الأدلة المختلفة على حقيقة أقواله مع الرد على جميع ادعاءات زوجته ودحضها ، حتى انتهت القضية بحكم هيئة المحلفين لصالح الزوج بتعويض تدفعه له امبر هيرد قيمته 15 مليون دولار ..
أما الحديث عن حرية الرأي والتعبير إذا ما تعارضت مع الدين فاستأذن ان أوضح ذلك بشكل مفصل في المقال التالي .