بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – هل وقت الحروب والنزاعات المسلحة يكون هناك مجال لأحكام وقواعد القانون الدولي ؟
وماهي الفئات والاماكن المشمولة بالحماية وقت الحرب ؟
وماهي الجهة الرقابية على التزام الدول بالقواعد والأعراف الواجبة خلال فترة الحرب ؟
إن المبدأ الذي قامت عليه جميع القوانين والأعراف فضلا عن الأديان ، هو “مبدأ الإنسانية” وهذا المبدأ قائم ودائم وقت الحروب والنزاعات ، وبالتالي فلا يتخيل أحد أن وقت الحرب والنزاعات هو وقت إباحة كل شئ واي شئ ولا حد فيه للانتهاكات، لكن هناك ضوابط وأحكام وقواعد للتعامل أثناء تلك الفترة الاستثنائية والصعبة في حياة الدول والأفراد ويضع هذه القواعد والأحكام “القانون الدولي الإنساني”
وهو يطبق إضافة لوقت الحروب وقت النزاعات المسلحة سواء كانت دولية أو غير دولية ، فيشمل حالة الحرب بين دولتين أو أكثر ، وكذلك النزاعات المسلحة الغير دولية مثل تلك التي تكون داخل إقليم دولة معينة بين أفراد القوات المسلحة الرسمية للدولة وبين جماعات أخرى منشقة عن الدولة وتسيطر على جزء من إقليمها. أما التوترات والاضطرابات الداخلية والمظاهرات .. الخ فلا ينطبق عليها هذا القانون.
فهناك قيود على وسائل القتال في الحروب؛ فمثلا الأسلحة ذات الأثر العشوائي غير مسموح باستخدامها.
فهناك اسلحة يحرم دوليا استخدامها مثل الأسلحة الحارقة – الأسلحة الكيمياوية – الأسلحة النووية – الأسلحة الذرية – البيولوجية – القذائف المتفجرة القابلة للانتشار …الخ من أسلحة محرم استخدامها دوليا .
ومعيار المنع هنا هو الاحتكام لمبدأ” التناسب والضرورة الحربية “وبناء عليه فكل مايخرج عن ذلك الهدف أو المبدأ فلا يجب التعامل به وقت تلك الحروب .
أما عن الفئات والأماكن المشمولة بالحماية وقت الحرب ؟
ففي المقال السابق تم الحديث عن أحد هذه الفئات وهم فئة الصحفيين والإعلاميين، وإلى جانب هؤلاء هناك فئات أخرى نصت عليها اتفاقية جنيف لعام 1949
فئات القوات المسلحة من الجرحى والمرضى في الميدان والغرقى في البحار ، وأفراد الخدمات الطبية التابعة لها، وأسرى الحرب.
فضلا عن السكان المدنيين ويشملهم بشكل عام كل غير المشاركين في عمليات القتال بشكل مباشر ، ولا تقتصر هذه الحماية على الاشخاص فقط وإنما تمتد لتشمل الممتلكات والأعيان المدنية العامة والخاصة المشمولة بالحماية كالمدارس والمستشفيات ودور العبادة والممتلكات الثقافية كالمسارح والمتاحف وغيرها من الممتلكات ذات الطبيعة التاريخية أو الثقافية أو الأثرية … الخ .
وفي حالة عدم تقيد أي من الجهات المحاربة بهذه القواعد والأعراف وقت الحرب كقتلها لشخص من الأشخاص المحميين كالمرضى والصحفيين والمدونين ومن في حكمهم ، و إتيان أي فعل من الأفعال التي تشكل جرائم ضد الإنسانية، فكلها تعد جرائم حرب يترتب عليها المساءلة والملاحقة الجنائية ومعاقبة الدولة المنتهكة لهذه القواعد ، أمام المحكمة الجنائية الدولية – تلك المحكمة التي تأسست عام 2002.
ومما يساعد على تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني غير المحكمة هم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، اللجنة الدولية لتقصي الحقائق .
وفي مثل هذه الحالات مساءلة الدولة تكون إما بالتعويض او اعادة الوضع على ماهو عليه أو التراضي ، وفقا لما تنص عليه المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي الرابعة وغير ذلك من النصوص الدولية .
وتطبيقا على ذلك فان ثبت من خلال التحقيقات مسؤولية إسرائيل عن مقتل الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة رحمها الله ، فإن ذلك يعد ارتكابا لجريمة حرب تحاكم عليها أمام المحكمة الجنائية الدولية.