(زمان التركية)-قال الخبير في الشأن التركي خورشيد دلي، إن محددات الخلاف بين تركيا والسعودية تظل قائمة، رغم الحديث عن فتح صفحة جديدة في العلاقات، مؤكدًا أن الرياض تتعامل بحذر مع أنقرة ولا تضع ثقتها الكاملة في أردوغان.
خورشيد دلي أشار إلى أن قضية خاشقجي لم تكن “الورقة الوحيدة التي رفعها أردوغان ضد قادة السعودية، إذ سبق ذلك اصفطاف أردوغان إلى جانب قطر” بجانب “دعمه لجماعات الإخوان المسلمين وجعل بلاده حاضنة لهم، وهو ما اعتبرته السعودية دعماً للجماعات الإرهابية”.
يقول المحلل في مقال له على موقع “وكالة نورث برس” إنه بسبب هذه الملفات الخلافية، توترت العلاقات بين الجانبين خلال السنوات الماضية، وسط اتهامات وحملات إعلامية متبادلة، قبل أن يكتشف أردوغان انسداد سياسته هذه، ويبدأ بالانقلاب على نفسه، ويتجه نحو تحسين العلاقات مع الإمارات ومصر والسعودية وإسرائيل، على شكل وصولية سياسية في بناء العلاقات، والرهان عليها لتحقيق جملة من الأهداف الداخلية والخارجية.
المحلل دلي لفت الانتباه إلى عدة نقاط هامة تشير إلى أن السعودية لا تزال تتعامل مع أردوغان بجفاء، ولفت إلى أنه:
لم يعقد أردوغان خلال الزيارة أي مؤتمر صحفي، وسط أنباء عن أن الجانب السعودي طلب منه عدم إطلاق تصريحات خلال الزيارة.
رغم كل حديث أردوغان عن فتح صفحة جديدة بين البلدين، لم يتم خلال الزيارة التوقيع على أي برامج عمل، أواتفاقيات في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية، على غرار ما حصل خلال الزيارة التي قام بها أردوغان إلى الإمارات في شباط/ فبراير الماضي.
من تابع الإعلام السعودي خلال زيارة أردوغان، سيجد أنه لم يعطي أي اهتمام يذكر للزيارة خلافاً لزيارات قادة الدول إلى السعودية ومباحثاتهم مع قادتها، ولعل هذا يشكل مؤشراً قوياً إلى عدم وجود حماس سعودي، أو لهفة لفتح صفحة جديدة مع أردوغان خاصة أن الثقة به مفقودة، فيما احتفت تركيا بالزيارة، وأبدت حماساً منقطع النظير في الحديث عن هذه الصفحة.
المحلل خورشيد دلي أكد أنه رغم وجود توافقات مشتركة بين الجانبين السعودي والتركي، ورغبة كل طرف في الاستفادة من الآخر لتقوية موفقه إزاء العديد من القضايا الإقليمية إلا أن ثمة محددات مختلفة تؤثر على مدى التعاون بينهما، وعلى الثقة في اتخاذ خطوات مشتركة، خاصة أن السعودية التي تدرك الأهمية الإقليمية لتركيا قد لا تحبذ أن يكون ذلك من خلال أردوغان بسبب فقدان الثقة به، ولعل لهذا السبب بدت زيارة أردوغان وكأنها من دون نتائج عملية مباشرة، ربما في انتظار معرفة من سيحكم تركيا بعد الانتخابات المقبلة.
ختم دلي مقاله قائلا: مهما جرى الحديث عن أهمية فتح صفحة جديدة بين البلدين تبدو محددات الخلاف بينهما قائمة وقوية، فضلاً عن ذلك، فإن الحسابات والأولويات الخاصة للطرفين مختلفة، وتاريخ الدبلوماسية التركية يشهد المزيد من الانقلابات في هذه السياسة، وفي ضوء ذلك من يضمن أن أردوغان لن يصطف إلى جانب إيران على حساب السعودية إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي جديد؟ معادلة ربما تجعل من زيارة أردوغان إلى السعودية ليست أكثر من محاولة من قبل الأخيرة لاستكشاف نياته، وانتظار ما سيرسي عليه المشهد التركي بعد الانتخابات، أي أن الأهداف التي يتطلع إليها أردوغان في الرهان على هذه الزيارة وغيرها، لتسحين موقعه الداخلي قد لا تتحقق وإن ساعدته على منع الانهيار الاقتصادي.