بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)-الحرب تشتعل وتسارع وتنتشر من مكان إلى مكان ومن موقع الى موقع ، والأطراف المشتركة تتزايد على مسرح الأحداث . والعمرة تأخذ أبعادا جديدة – بالنسبة الى البعض – وتضرب في أعماق كل شىء : الزمان والمكان والناس . والسلاح يغرق البلاد ، ويتنوع ويصبح أكثر فتكا وأكبر حجما وأكثر دمارا لجانبي القتال. والناس تسقط قتلى وجرحى . والمدن تسقط أكواما من تراب ، بعد أن كانت متاحف ومحالا ومعارض وأسواقا ومتنزهات وكافيهات ونواد رياضية ودور عبادة ودور دراسة يتعلم فيها كثيرون معنى الإنسانية .
الاجتماعات تتفجر مزيدا من الاجتماعات والكلمات والطعنات والطعنات المضادة والبكاء والضحك والتحديات الخطيرة ، بينما تشحن أجساد الموتى – على سيارات النقل العرجاء – إلى خرابات مقهورة مفروشة بفوارغ طلقات الرصاص وبقايا الزجاج ويقع الدماء . العرى تتمزق ، الواحدة تلو الأخرى . ووجوه الكراهية تطل مسفرة في برود في الكلمات وفي البيانات وفي تشنجات الكبار الذين يصنعون السلاح ويرسلونه ويوزعونه ، بينما ينددون بالمواجهة وبالقتال ويدعون إلى السلام القائم على المحبة المحتضرة في قاعات الاجتماعات وعلى شاشات التليفزيون وعلى صفحات الجرائد . والعواصم تقطع شرايين العلاقات بايديها وأمام العالم أجمع وفي هدوء ، وكأنه أمر معتاد ولا يحدث هزات ولا صدمات ولا يسبب خسائر ولا يشمل مواجهات خطيرة ولا يمهد الطريق الى مواجهات أكثر خطورة . فمن لا يعمل عليه أن يسمع وعليه أن يطيع وعليه أن يدفع .
على الجانب الموازي لكل هذه التطورات وعلى محيط الصورة الكبيرة تجري مياه نهر النفي والإنكار . فيعلن الكثيرون استحالة الحرب وعدم رغبتهم في خوض المعارك العسكرية الآن وفي المستقبلين – القريب والبعيد – وعدم خوض القتال ويعلنون حبهم للجميع ، فما مدى مصداقية مسار النفى الموازي؟