تقرير: ياوز أجار
واشنطن (زمان التركية) – أزاح التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان في تركيا لوزارة الخارجية الأمريكية الستار عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في عام 2021، بحق الخصوم السياسيين للرئيس رجب طيب أردوغان أو المدنيين المختلفين معه.
قال الملخص التنفيذي للتقرير الأمريكي المؤلف من 93 صفحة، المنشور يوم الثلاثاء: “بموجب قانون مكافحة الإرهاب “المطاط” الذي دخل حيز التنفيذ في 2018، واصلت الحكومة التركية تقييد الحريات الأساسية، وعرّضت سيادة القانون للخطر، بعد إقدامها منذ محاولة الانقلاب في عام 2016 على عمليات الطرد والفصل الجماعية، التي طالت عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية والعاملين في الحكومة، بمن فيهم أكثر من 60 ألفًا من أفراد الشرطة والجيش، وأكثر من 4000 قاضٍ ومدع عام، إلى جانب اعتقال أكثر من 95 ألف مواطن، وإغلاق أكثر من 1500 من مؤسسات المجتمع المدني، لأسباب تتعلق بالإرهاب، وفي المقام الأول بسبب صلات مزعومة بحركة رجل الدين فتح الله غولن، الذي اتهمته الحكومة بتدبير محاولة الانقلاب وتصفه بأنه زعيم منظمة فتح الله الإرهابية”.
حكومة حزب العدالة والتنمية تتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب فاشل في يوليو 2016، وتحاكم أي شخص لديه أدنى صلة بالحركة، بغض النظر عن التورط الفعلي في محاولة الانقلاب، في حين أن الحركة تنفي بشدة هذه الاتهامات وتطالب بتحقيق دولي في هذا الصدد.
محنة السجناء السياسيين
تضمن التقرير الأمريكي معلومات موثوقة عن عمليات قتل تعسفي، ووفيات مشبوهة لأشخاص رهن الاحتجاز، وحالات اختفاء قسري، وتعذيب، واعتقال تعسفي، واستمرار احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص لصلات مزعومة بجماعات “إرهابية”، معتبرًا إياها من بين أهم انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا.
كما أشارت الخارجية الأمريكية في تقريرها الخاص بتركيا إلى محنة السجناء السياسيين، بمن فيهم المسؤولين المنتخبين، إضافة إلى عمليات الخطف والإعادة للأعضاء المزعومين في حركة غولن، دون اتباع الإجراءات القانونية.
خلال رسالة مشتركة في 5 مايو 2020، اتهم مقررو الأمم المتحدة الحكومة التركية بالانخراط في ممارسة ممنهجة لعمليات الاختطاف خارج الحدود الإقليمية والإعادة القسرية إلى تركيا، تعرضت لها ما لا يقل عن 100 مواطن تركي كانوا مقيمين في دول متعددة، بما في ذلك أفغانستان وألبانيا وأذربيجان وأفغانستان وكمبوديا والجابون وكوسوفو وكازاخستان ولبنان وباكستان.
الإعادة القسرية للاجئين
وأكد فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي أن عمليات الاعتقال والاحتجاز في الداخل التركي، وحملات الإعادة القسرية من الخارج إلى تركيا كانت تعسفية وتنتهك القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ولفت التقرير الأمريكي إلى وجود “مشاكل كبيرة في تركيا فيما يتعلق باستقلال القضاء، ودعم جماعات المعارضة السورية التي ارتكبت انتهاكات جسيمة في الحرب، بما في ذلك تجنيد واستخدام الجنود الأطفال؛ وقيود صارمة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، بما في ذلك العنف والتهديد بالعنف ضد الصحفيين، وإغلاق وسائل الإعلام، والاعتقالات أو المقاضاة الجنائية للصحفيين وغيرهم لمجرد انتقادهم سياسات الحكومة أو المسؤولين، والرقابة، وحجب المواقع الإلكترونية؛ والقيود الشديدة على حرية التجمع، وتكوين الجمعيات والحركات المدنية، بما في ذلك القوانين التقييدية المفرطة فيما يتعلق بالرقابة الحكومية على المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني”.
كما ذكر التقرير بعض حالات الإعادة القسرية للاجئين؛ ومضايقات حكومية خطيرة لمنظمات حقوق الإنسان المحلية؛ والعنف القائم على النوع الاجتماعي؛ والجرائم التي تنطوي على أعمال عنف تستهدف أفراد الأقليات القومية / العرقية / الإثنية.
وحشية الشرطة
وفي القسم الخاص بـ”الحرمان التعسفي من الحياة”، استشهد التقرير بمؤسسة “باران تورسون”، وهي منظمة تراقب عنف الشرطة، والتي قالت إن الشرطة التركية قتلت 404 أفراد، من بينهم 92 طفلاً، لمخالفتهم تحذيرات التوقف بين عامي 2007 و2020.
فيما يتعلق بمزاعم الاختفاء القسري، استشهد التقرير بجماعات حقوق الإنسان التي أثارت قضية حسين غالب كوتشوكوز يكيت، المستشار القانوني السابق لمكتب رئيس الوزراء الذي تم فصله بعد محاولة الانقلاب عام 2016، وتعرض للاختفاء القسري.
كوتشوكوز يكيت اتصل بعائلته آخر مرة في ديسمبر 2020، ويعتقد أقاربه أنه تم اختطافه، في حين أن السلطات التركية تنفي رسميا احتجازه، ومع ذلك، أعلنت ابنة كوتشوكوز يكيت في سبتمبر / أيلول على وسائل التواصل الاجتماعي أنها تلقت مكالمة هاتفية منه، وأنه موجود في سجن سينجان بالعاصمة أنقرة.
كما استشهد التقرير الأمريكي بمنظمات حقوق الإنسان التي “ناشدت السلطات التركية التحقيق في اختفاء يوسف بيلج تونتش، أحد الرجال السبعة الذين تعرضوا للاختفاء القسري في عام 2019 على يد مسؤولين، ورغم أن ستة من هؤلاء المختطفين السبعة تبين في وقت لاحق أنهم في حجز الشرطة إلا أن تونتش لا يزال غائبًا”.
وأكد التقرير أن الحكومة التركية رفضت تقديم معلومات عن الجهود التي تبذلها لمنع حدوث مثل هذه الأعمال غير القانونية، وفتح تحقيقات بحق الموظفين الذين تورطوا فيها ومعاقبتهم كما يقتضي القانون.
وزارة الخارجية الأمريكية أكدت في تقريرها أيضا أن السلطات المدنية حافظت على سيطرة فعالة على مسؤولي إنفاذ القانون، لكن آليات التحقيق ومعاقبة الانتهاكات والفساد ما زالت غير كافية، مضيفة أن أفراد قوات الأمن ارتكبوا بعض الانتهاكات.
التعذيب في السجون التركية
التقرير تطرق كذلك إلى قضية التعذيب وسوء المعاملة في الحجز، نقلاً عن منظمات غير حكومية، وسياسيين معارضين، حيث: “أفادوا أن مديري السجون استخدموا عمليات التفتيش العاري بشكل عقابي ضد السجناء والزوار، لا سيما في الحالات التي أدين فيها السجين بتهم تتعلق بالإرهاب”.
ونوه التقرير أيضًا بتدخل الشرطة العنيف باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع ضد الاحتجاجات على تعيين الرئيس رجب طيب أردوغان لمليح بولو عميدًا لجامعة بوغازيجي في إسطنبول في يناير 2021، تلتها مداهمات الشرطة للمنازل واعتقال 45 طالبًا شاركوا في الاحتجاجات.
وأفادت منظمة العفو الدولية أن الطلاب زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة وقت الاعتقال وأثناء الاحتجاز، وطبقاً لتقارير الطلاب، فإن الشرطة دفعتهم وضربتهم أثناء احتجازهم. وأبلغ ما لا يقل عن ثمانية طلاب عن عمليات تفتيش قسري للتعري، في حين أفاد اثنان من الطلاب من مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وثنائيي الجنس أن الشرطة هددتهم بالاغتصاب بالهراوة، وأساءت إليهم لفظيًا فيما يتعلق بميولهم الجنسية.
اكتظاظ السجون التركية
ذكرت منظمة العفو أيضًا أن ما لا يقل عن 15 طالبًا أبلغوا عن تعرضهم لسوء المعاملة أثناء الفحوصات الطبية في المستشفى بعد الاعتقال.
من جانب آخر، سلط التقرير الأميركي الضوء على اكتظاظ السجون التركية، والوفيات في السجون بسبب المرض والعنف أو أسباب أخرى، وسجن 345 طفلاً على الأقل مع أمهاتهم.
وكذلك ورد في التقرير: “أكدت منظمات حقوق الإنسان وتقارير لجنة منع التعذيب التابعة لمجلس أوروبا أن السجناء يفتقرون في كثير من الأحيان إلى الوصول الكافي لمياه الشرب، والتدفئة المناسبة، والتهوية، والإضاءة، والطعام، والخدمات الصحية. كما أشارت منظمات حقوق الإنسان إلى أن اكتظاظ السجون وسوء الظروف الصحية أدى إلى تفاقم المخاطر الصحية الناجمة عن جائحة كورونا.
ونقل التقرير عن المنظمات غير الحكومية قولها بأن السجناء يخشون الإبلاغ عن مشاكل صحية أو طلب رعاية طبية، لأن النتيجة الإيجابية لكورونا ستؤدي بهم إلى الحجر الصحي لمدة أسبوعين في الحبس الانفرادي. كما أن إدارة السجون لم تسمح بالمسافة الاجتماعية الكافية بسبب الاكتظاظ، وأن مديري السجون لم يقدموا خدمات التنظيف والتطهير بشكل منتظم. كذلك لم تقدم إدارة السجون المطهرات أو القفازات أو الأقنعة للسجناء، لكنها باعتها لهم. وفقًا لمسح أجرته منظمة غير حكومية لوسائل الإعلام ودراسات القانون في مارس / آذار، أجري في خمسة منشآت، أفاد 56 بالمائة من المستجيبين بعدم وجود إمدادات صحية كافية أثناء الوباء.
وفيما يخص الأوضاع السياسية الداخلية في تركيا، قالت الخارجية الأمريكية إن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أعربوا عن قلقهم بشأن القيود المفروضة على التغطية الإعلامية وبيئة الحملة الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لعام 2018، وأضافت أن هذه القيود شملت سجن صلاح الدين دميرطاش، المرشح الرئاسي والرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، الأمر الذي قيد قدرة مرشحي المعارضة على المنافسة على قدم المساواة والحملات الانتخابية بحرية.
وعلى الصعيد الخارجي، ذكر التقرير أن تركيا على خلاف مع العديد من حلفائها التقليديين في الناتو والاتحاد الأوروبي حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، وأوجه القصور في الديمقراطية. وأشار أعضاء في الكونجرس إلى المشكلات الديمقراطية في تركيا كسبب لتقييد مبيعات الأسلحة إليها.