بقلم: ماهر المهدى
(زمان التركية)-ليس إعجابا، ولكن تقدير ومتابعة. فالحرب الدائرة في أوكرانيا هي حرب كانت متوقعة في ذهن وقلب الجانب الروسي منذ وقت بعيد – بالنظر الى التاريخ وإلى الوضع الجيوبولتيكي الإقليمي والدولي – وربما كانت بمثابة حرب مؤجلة ينتظرها الجانبان الروسي والغربى على حد سوا. فالجانب الروسي – على ما يبدو للمتابعين للمنطقة وللشأن الروسي – هو الجانب الأكثر قلقا في المنطقة .
فمثلا هذه الحرب الدائرة في مثل هذه الظروف قد يصعب الى حد بعيد أن تكون حربا مرتجلة او انفعالية أو وليدة ترتيب سريع . ويستطيع المرء ان يرى جيدا – من خلال الأهداف العسكرية الروسية المعلنة والمطلوب تحقيقها بواسطة هذا العمل العسكرى ذى الطبيعة الاستراتيجية – أن الجانب الروسي أقدم على هذه العملية العسكرية كعلاج لقلق عميق ممتد عبر عقود طويلة من السنين، وأملا في التوصل إلى “التسوية المناسبة” التي تمنع من استمرار هذه المخاوف أو الهواجس الروسية. وبالتالي،
فما يشاع عن الارتجال الروسي والخسارة غير المحسوبة وغير المتوقعة قد يشوبه كثير من المبالغة في الحقيقة الواضحة للعيان . بالتالي، فإن ما نشهده من مسلسل مد الجانب الأوكراني بالسلاح والتدريب والعتاد وكافة المساعدات قد يطيل أمد المواجهة العسكرية بين الجانبين ويستنزف الجانبين الأوكراني والروسي ، ولكن دون إرهاق تام للجانب الأخير الذي رتب نفسه – في الغالب – للاستمرار في عملية أو عمليات قابلة للاتساع والاستمرار – بحسب التطورات الميدانية والجيوبوليتيكية – دون وقت محدد للانتهاء . ولما كانت المواجهة العسكرية بين الجانبين الروسي والأوكراني تتم على الأراضي الأوكرانية حصرا ، فإن هذه الأراضي قد تستمر في حصد الخسائر والدمار الذي يلحق بممتلكاتها وأصولها ويلحق بممتلكات وأصول مواطنيها ومستثمريها ما استمرت الحرب .
فقد يكون من السذاجة بمكان تصور نهاية قريبة لهذه المواجهة ، وهو ما يشير إليه تصاعد إمدادات السلاح واستمرارها في اتجاه أوكرانيا . وكلما طال الصراع واتسعت رقعته ، كلما وضعت مسائل جديدة على مائدتها المشتعلة ، مثل مسألة الدولار الأمريكي وسلطته ورغبة أطراف دولية في الحد من تلك السلطة أو الالتفاف حولها . ومثل مسألة نظام التحويل المالي الدولي سويفت ، والأيديولوجيات والعنصرية والنازية، وجدوا التحالفات الدولية السياسية والعسكرية ، ومصداقية دعوات الأخوة والمصير الواحد لأطراف المعسكرات الواحدة والأقاليم المشتركة ، وأهمية العمل القومي وتراكم الثروات الوطنية ، وديمقراطية السلطة ومعايير الترشح لمقعد الرئاسة وغيرها من المسائل الهامة، ومستقبل الدول الأقل نموا في ظل هيمنة المصالح الوطنية للدول والقدرة المحدودة لمنظمات المجتمع الدولى في مواجهة الأزمات الدولية الخطيرة .