تقرير: ياوز أجار
أنقرة (زمان التركية) – حكمت السلطات القضائية في تركيا على مدرس أُعيد قسرًا من كينيا إلى تركيا العام الماضي بالحبس ثلاث سنوات وأربعة أشهر، بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة، المتهمة بتدبير الانقلاب المزعوم في 2016.
المدرس المختطف والمرحل قسرًا على يد المخابرات التركية، صلاح الدين كولن، نجل شقيق فتح الله كولن، ملهم حركة الخدمة، حكم عليه بالسجن لمدة 12 عامًا بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية في الجلسة الأخيرة لمحاكمته أمس الثلاثاء، ثم قررت تخفيف عقوبته بعد أن اعتبرت هيئة القضاة أنه يمكن أن يستفيد من أحكام “التوبة”.
تم تخفيف الحكم على نجل شقيق كولن إلى ثلاث سنوات وأربعة أشهر، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، بعد أن استفاد من قانون “التوبة”. وفق وكالة أنباء الأناضول الرسمية التركية.
صلاح الدين كولن أعيد إلى تركيا من قبل عملاء المخابرات التركية في شهر مايو لعام 2021، لتصدر محكمة في أنقرة قرارًا في يونيو الماضي بسجنه بتهمة إنشاء وإدارة منظمة إرهابية مسلحة.
صرح بعض المعتقلين أو المحتجزين بدعوى صلتهم بحركة الخدمة في مناسبات عديدة بعد الإفراج عنهم أو أثناء محاكمتهم أنهم أُجبروا على الاستفادة من قانون التوبة، والكشف عن أسماء أشخاص مرتبطين بالحركة حتى تتمكن السلطات من اعتقالهم، وأكد بعضهم أنهم اضطروا إلى اتهام آخرين لأنهم تعرضوا للتهديد أو لسوء المعاملة أو التعذيب.
كشف تقرير صادر عن منظمة فريدوم هاوس عن القمع العالمي العابر للحدود في عام 2021 عن توسع نطاق حملات الحكومة التركية التي تستهدف المعارضين في الخارج، مشيرًا إلى أن تركيا أصبحت الرقم الواحد بين الدول التي نفذت منذ عام 2014، عمليات اختطاف وترحيل قسري من الدول المضيفة.
وفقًا للتقرير، استهدفت حملات حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان في المقام الأول الأتراك الذين ينتمون إلى حركة الخدمة، لكن الحكومة بدأت في تطبيق نفس التكتيكات على الأكراد واليساريين الذين يعيشون في الخارج أيضًا.
كما أشار تقرير فريدوم هاوس إلى أن الحكومة التركية طاردت أعداءها المفترضين في 30 دولة مضيفة على الأقل، منتشرة في الأمريكتين، وأوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا، منذ محاولة الانقلاب المزعومة في عام 2016.
وبحسب التصريحات الرسمية لوزارة الداخلية التركية، فقد أرسلت تركيا 800 طلب تسليم إلى 105 دول منذ المحاولة الانقلابية، وأعيد أكثر من 110 أشخاص على صلة بالحركة إلى تركيا.
يذكر أنه منذ انطلاق تحقيقات الفساد والرشوة في 17-25 ديسمبر 2013، والتي تورط فيها رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان وأفراد عائلته ودائرته الضيقة، تنفذ السلطات عمليات اعتقال جماعية موسعة بحق مختلف شرائح المجتمع التركي بدعوى الانتماء إلى الحركة.
أردوغان اعتبر في ذلك الوقت أن تحقيقات الفساد والرشوة انقلاب قضائي ومؤامرة محلية ودولية ينفذها أعضاء في حركة الخدمة ضد حكومته، وصنف الحركة على أنها منظمة إرهابية، وبدأ يجري حملات فصل واعتقال واسعة ضد من يزعم صلتهم بالحركة، ثم بلغت هذه الحملات ذروتها بعد الانقلاب المزعوم في عام 2016، الذي وصفه بعض الأحزاب المعارضة بأنه انقلاب مدبر من قبل أردوغان، لتقديم نفسه ضحية، ثم بطلاً، ثم إعلان ذلك اليوم ميلادًا لنظامه، الذي أسسه بسهولة مع حلفائه الجدد من قادة تنظيم أرجنكون -الدولة العميقة-.
ورأى الكاتب برق يلدريم، في مقال تحليلي نشره موقع “بولد” التركي، أن بعد بدء تحقيقات الفساد والرشوة في 2013 تحول “النظام القائم” في البلاد إلى “قفص” يخنق ويكبل أردوغان؛ و”عائق” أمام ممارسته المزيد من الفساد، فاضطر إلى التحالف مع قادة تنظيم “أرجنكون” الأوراسي، وأخرجهم من السجن، ليطوروا معًا صيغة حل لإنقاذ الطرفين على حد سواء.
لقد تعاهد الطرفان على ما يسميه زعماء المافيا قسم “الأوميرتا”، أي قانون السكوت، الذي يعني التزام الصمت على كل الجرائم والولاء المطلق بينهم، ويواجه المرتدون عن هذا القسم العذاب والموت، وقد يطال العقاب أسرهم، وكان الطرفان يحتاجان إلى ذريعة لترجمة أهداف هذا القسم إلى أرض الواقع، فوجداها في تدبير انقلاب 2016، وخلق تهمة جاهزة يمكن إلصاقها بكل الموظفين المرغوب في تصفيتهم، ليعيدا تصميم النظام في تركيا وفق أهداف وأهواء الطرفين، بحسب الكاتب.
وتابع الكاتب أنه من المؤكد أن العصابتين (أردوغان وأرجنكون) سوف تحنثان في يمينهما يوما ما وستعودان إلى حالة الحرب القديمة بينهما، وعندها سيكون أردوغان وحيدا، مؤكدًا أن أي حكومة قائمة على القرارات اليومية التعسفية المتقلبة لا ينتظرها في المحطة الأخيرة سوى نهاية مريرة، ثم عقب قائلا: “إنهم سيبقون تحت أنقاض هذه الدولة التي هدموها بأيديهم”.