بقلم: ماهر المهدى
القاهرة (زمان التركية) – ورد في سورة النمل في كتاب الله – عز وجل – أن ملكة مملكة سبأ قالت لقومها وهى تستشيرهم في أمر رسالة سيدنا سليمان إليها وإلى قومها بالإسلام والدخول في طاعته دون تحد أو تعال “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون” صدق الله العظيم ، وذلك ردا على خلصائها الذين قالوا لها “نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين”.
فقد كانت ملكة سبأ إذا ذات موارد وذات قوة وذات خبرة في الحرب والضرب والقتال. وكان كتاب سيدنا سليمان موجزا حاسما قاطعا وآمرا بالطاعة والاستسلام لأمره وسلطانه . ومع ذلك ، فلم يأخذ الكبر بتلابيب ملكة سبأ ويغريها بتحدى سيدنا سليمان ومواجهته ورده عن أمره ، بل تحسبت ملكة سبأ لكل خطر وتحسبت لما يمكن أن يصيب شعبها من ذل وينال بلدها من هلاك ودمار إذا هزمت في مواجتها مع سيدنا سليمان عليه السلام . فتركت الملكة كبرها وغضبها وربما رغبتها في الانتقام لمكانتها وأوضحت ملكة سبأ لقومها الأقوياء الأشداء ما تراه وراء المواجهة والقتال .
فبينت بلقيس لقومها صراحة وذكرتهم أن القادة إذا هزموا بلدا وفتحوها عنوة سقط كرام أهلها في المذلة والهوان وذاقوا الخزى على أيدى القاهرين المنتصرين ، ودمرت البلاد وباء حالها بالخراب المبين .
فلما كانت ملكة سبأ تعلم مكانة سيدنا سليمان وقدره وقوته – كما قد يتضح مما ورد على لسانها في القرآن الكريم – لم تفرح ولم تنتش ملكة سبأ بعزة قومها بشدتهم وبأسهم واستعدادهم للقتال والموت . ولم يحملها كبرها وعظمتها وسلطانها وما قد يحمله كتاب سيدنا سليمان اليها والى مملكتها من تفوق وقهر على خوض حرب معه وهي تعلم أن نتاج تلك الحرب مذلة قومها وخراب بلدها وذهاب ريحهم . فقد كانت فعلا مثالا للقائد الخبير في شئون الحكم وفي شئون الحرب وفى شئون التفاوض ، وكانت ذات ارادة وبصيرة لابد منها للحاكم لينجوا ببلده – قبل نفسه – من كل سوء ومن كل مواجهة خاسرة محتومة بالفشل والخيبة . كانت ملكة سبأ ذات بصيرة تقيها شر الوقوع في فخاخ الوعود من الغير وتقيها مهالك الأحلام الفاسدة وتدفع عنها وعن مملكتها ما لا طاقة لها ولقومها به من قهر ومذلة .