أنقرة (زمان التركية)ــ نشر الصحفي عبد الله بوزكورت تقريرا مهما في موقع “نورديك مونيتور” يمثل ناقوس خطر لكل الدول التي يعمل بها أئمة أتراك تابعيين لهيئة الشؤون الدينية التركية.
وجاء في المقال أن دبلوماسيون بالسفارة التركية في موسكو أطلقوا حملة ضغط لدعم الإمام التركي المسجون الذي أدانته محكمة فيدرالية روسية بالتحرش بالأطفال. حسين أوزدوغان وهو يبلغ من العمر 56 عامًا أرسلته الحكومة التركية إلى روسيا ليعمل كإمام، إلا أنه لاحقا أدين من قبل محكمة فيدرالية روسية في 1 سبتمبر 2009 وأرسل لقضاء عقوبته في سجن يقع في بلدة سوسنوفكا في منطقة بوليانسكي بجمهورية موردوفيا.
وكان أوزوغان اتُهم بالتحرش الجنسي بثلاثة أطفال أحدهم أقل من 16 عامًا واثنان تحت سن 14 عامًا، وذلك في عام 2007 وقد تقدم أباء الأطفال الضحايا للشهادة ضده أثناء محاكمته على الرغم من أن أوزدوغان نفى التهم الموجهة إليه، إلا أن المحكمة وجدت بحسب الأدلة المتوفرة لديها صحة الدعوى وقضت بإدانته وحكمت عليه بالسجن 15 عاما في السجن رقم 7 في سوسنوفكا.
وفق ما نشر في نورديك مونيتور يقود دبلوماسيين في السفارة التركية هما محمد يرليكايا المستشار القانوني بالسفارة، وعمر فاروق سافوران المستشار الديني بالسفارة حملة للإفراج عن الإمام المسجون، وحيث أن سافوران يدير جهودًا تبشيرية دينية نيابة عن مديرية الشؤون الدينية التركية، الذراع الحكومية التي تروج للإيديولوجية الإسلامية السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان. شغل منصب نائب رئيس دائرة ديانت المسؤولة عن دول أوراسيا قبل تعيينه في السفارة التركية في موسكو عام 2020.
من أجل تعزيز الدعم للإمام التركي اتصل الدبلوماسيون بشخصيات بارزة في المجتمع الإسلامي المحلي حيث يقع السجن وطلبوا منهم تأييد أوزدوجان. كما تحدث الدبلوماسيون مع أفراد عائلات النزلاء في السجن، على أمل توسيع قاعدة الدعم للإمام المسجون.
كما وعدت السفارة التركية بتمويل مسجد جديد في السجن مقابل تأمين دور قيادي رسمي للإمام المسجون داخل السجن، و يأمل الدبلوماسيون الأتراك أن يساعد دعم المجتمع والدور الرسمي الذي سيلعبه أوزدوجان في السجن إلى إطلاق سراحه بصورة مبكرة.
أثارت الحملة غضب السكان المحليين بحسب وكالة الأنباء الروسية ريجنوم حيث نشرت مقالاً في 10 نوفمبر 2021 يتهم دبلوماسيين أتراك بالتواصل مع نزلاء داخل السجن وذلك دون الرجوع إلى المؤسسات الرسمية، وقد حذرت الوكالة أن السفارة التركية تحاول التأثير على السجناء المسلمين وتخاطر بخلق حالة من عدم الاستقرار في إدارة السجن.
الجدير بالذكر أن حكومة أردوغان كانت قد رفعت مكانة مؤسسة الشؤون الدينية في السنوات الأخيرة وزادت تمويلها، كما ربطت عملها مع عمل وكالة المخابرات التركية لا سيما مع الأئمة المعينين في الخارج وذلك من أجل جمع المعلومات الاستخبارية.
و بصفتها كيانًا حكوميًا هائلاً تمتلك مؤسسة الشؤون الدينية ميزانية تتجاوز ميزانية الوزارات الحكومية الأخرى بهامش كبيرحيث توظف أكثر من 100000 شخص وتسيطر على 87000 مسجد في تركيا وخارجها.
ولقد تحولت مؤسسة الشؤون الدينية التركية على يد أردوغان إلى جهاز دولة أيديولوجي وسياسي مكلف بنشر أيديولوجية الرئيس أردوغان الإسلامية السياسية داخل وخارج البلاد، ففي ظل حكم أردوغان اتسع نطاق اختصاص مؤسسة الشؤون الدينية ونطاق أنشطته وأصبحت أداة مهمة في السياسة الخارجية التركية.
ومن جهة أخرى زادت الحكومات الأوروبية في السنوات الأخيرة من رقابتها على الأئمة التابعيين لمؤسسة الشؤون الدينية والعاملين في مختلف مساجد أوروبا، في ديسمبر 2016 اضطرت تركيا إلى استدعاء يوسف أكار ملحق الشؤون الدينية في السفارة التركية في لاهاي بعد أن اتهمته السلطات الهولندية بجمع معلومات استخبارية عن حركة كولن، وبالمثل رفضت السلطات البلجيكية طلبات الحصول على تأشيرة لـ 12 إمامًا تركيًا يسعون للعمل في البلاد في عام 2017.
كما أنهت حكومة ولاية هيسن وسط ألمانيا تعاونها مع الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية ،قال وزير الثقافة ألكسندر لورز “لا يمكن حل الشكوك حول استقلال تلك المؤسسة عن الحكومة التركية” وفي الحقيقة فإن تلك المؤسسة تعتبر الفرع الألماني لمؤسسة الشؤون الدينية التركية والذراع الديني لنظام أردوغان الإسلامي، و يسيطر عليها الأئمة الذين ترسلهم الحكومة التركية إلى الدول الأوروبية.
ولقد كان على مدى السنوات السابقة لا سيما في ألمانيا تحقيقات حول أئمة أتراك تابعيين لمؤسسة الشؤون الدينية التركية يقومون بأعمال استخبراتية لصالح تركيا عبر جمع المعلومات عن كل المعارضين للرئيس التركي.
ولكن وبالعودة إلى الإمام المتهم بالاستغلال الجنسي للأطفال في روسيا فنجد أن هذه القضية تمثل ناقوس خطر لكل الدول التي يعمل بها أئمة تابعيين لهيئة الشؤون الدينية التركية.