أنقرة (زمان التركية)ــ نشر الصحفي التركي عبد الله بوزكورت وثيقة تثبت أن متخصصا في الأمن السيبراني قام من تلقاء نفسه بالاستيلاء على حساب مواطن تركي، وتسليمه للسلطات التي فتحت تحقيقًا بحق المواطن.
في مقال نشرته صحيفة “نورديك فوكس” قال بوزكرت إنه لن يتم المساس بالهاكر رغم أن ما قام به يعد فعلا يعاقب عليه القانون التركي.
جاء في المقال أن هاكر يعمل في الأمن السيبراني في تركيا اخترق بشكل غير قانوني حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لأحد منتقدي الحكومة التركية وقام بالتواصل مع الجهات الأمنية لتسليمهم كلمة المرور، وفقًا لوثائق حصلت عليها.
اخترق محمد جيليك خبير الكمبيوتر حساب تويتر لرجل يُدعى سعد الدين بشير ينتمي إلى حركة الخدمة، وبعد حصوله على كلمة المرور، كتب جيليك إلى مكتب أردوغان مخبرا أنه اخترق حساب بشير وسيعمل على اختراق حسابات أخرى لمعارضين على وسائل التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أن جيليك مواطن عادي ليس لديه سلطة رسمية وقد انتهك العديد من القوانين التركية التي تحمي الخصوصية، تغاضت الحكومة التركية اختراقه غير القانوني وركزت بدلاً من ذلك على محاكمة بشير البالغ من العمر 76 عامًا وهو مواطن تركي تركماني مزدوج الجنسية يعيش خارج تركيا منذ سنوات، وقد تم استهدافه من قبل الهاكر بعدما رأى اسمه وصورته في صحف موالية للحكومة كجزء من حملة التشهير التي شنها أردوغان في عام 2015 ضد حركة الخدمة، وهناك قرر الهاكر أن يأخذ أمر الإيقاع به على عاتقه من خلال اختراق حسابه وإرسال كلمة المرور التي سرقها لمكتب أردوغان عبر خطاب أرسله إلى مركز الاتصالات الرئاسي في 24 فبراير 2017.
كتب جيليك: “لقد اخترقت حساب بشير أحد أتباع حركة كولن، وسوف أتعامل مع الآخرين كذلك سأقوم بإعادة توجيه الحسابات متى أحرزت تقدمًا [في قرصنة الحسابات] تحياتي.”
وبدلاً من بدء تحقيق في القرصنة غير القانونية لمواطن، أرسل مكتب أردوغان الخطاب إلى مكتب مكافحة الإرهاب في المديرية العامة للأمن في 27 فبراير 2017 للتحقيق مع الضحية بدلاً من التحقيق مع الجاني الذي حصل بغير حق على كلمة سر لحساب شخصي لمواطن آخر.
أطلق مكتب المدعي العام في إزمير تحقيقًا جنائيًا حول بشير في عام 2018 وطلب من الشرطة التحقيق معه، وذكر تقرير الشرطة الذي تمت صياغته في 12 نوفمبر / تشرين الثاني 2020 بشأن بشير أنه يعيش في تركمانستان دون أي دليل يشير إلى تورطه في أي مسائل جنائية، وقدم التقرير في وقت لاحق إلى النيابة العامة، تم إرسال التقرير والرسالة في وقت لاحق إلى مكتب المدعي العام في أنقرة.
وفي 12 يوليو 2021 قدم المدعي العام سلطان تشافوندورلو أوغلو الوثائق إلى المحكمة الجنائية العليا الرابعة في أنقرة طالبًا من القضاة قبول الوثائق كدليل جنائي ضد بشير.
تمثل القصة بأكملها كيف تم تعليق سيادة القانون في تركيا فعليًا عندما استهدف مرتكب جريمة بشكل غير قانوني أحد منتقدي الحكومة مع الإفلات التام من العقاب وقد واجه ضحية القرصنة غير القانونية تداعيات في ظل نظام العدالة الجنائية التعسفي والذي غالبًا ما تتلاعب به الحكومة التركية لمعاقبة المعارضين والمنتقدين.
تُظهر وثيقة وزارة الخارجية التركية بتاريخ 27 سبتمبر 2016 وحصلت عليها نورديك مونيتور أن السفارة التركية في عشق آباد جمعت معلومات استخبارية عن بشير وأرسلتها إلى أنقرة، وقد عاش بشير لفترة طويلة في تركمانستان وحصل على الجنسية التركمانية في عام 2005 وانتقل لاحقًا إلى الإمارات العربية المتحدة وفقًا للتقرير.
بشير رجل أعمال أمضى سنوات في روسيا ودول آسيا الوسطى ، حيث أسس مدارس مرتبطة بالحركة.
حركة الخدمة أو حركة فتح الله كولن هي مجموعة معروفة باستثمارها في العلوم والتعليم وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات في جميع أنحاء العالم، تعد المنتقد الصريح للرئيس التركي بسبب تفشي الفساد في الحكومة ودعم أردوغان للجماعات الجهادية في سوريا، بينما يتهم أردوغان الحركة بالوقوف وراء تحقيقات الفساد في 2013 ومحاولة انقلاب في يوليو 2016 وهي مزاعم تنفيها الحركة بشدة.
تم التحقيق مع أكثر من نصف مليون شخص في تركيا بتهم مماثلة في أعقاب الانقلاب الفاشل في عام 2016 بناءً على قوائم التنميط، تم القبض على الأشخاص والتحقيق معهم وحتى محاكمتهم وصودرت ممتلكاتهم وتعرض أفراد عائلاتهم وأقاربهم أيضًا لتهم جنائية، يعتبر العمل كمدرس في مدارس حركة كولن أو المساهمة في مؤسسات غير ربحية تابعة للحركة في الخارج أعمالًا إرهابية من قبل حكومة أردوغان.
كما تم طرد 4560 قاضيا ومدعيا عاما في الفترة 2016-2017 من وظائفهم وتم سجن بعضهم، وهكذا تم تعليق سيادة القانون فعليا وتحول القضاء التركي إلى أداة للحكومة التي كثيرا ما تنتهك نظام العدالة الجنائية لمعاقبة المنتقدين والمعارضين بتهم الإرهاب.