القاهرة (زمان التركية)ـ قال الباحث المتخصص في الشؤون الدولية، محمد عبيدالله إن مصر تحاول إرسال رسالة إلى تركيا، من خلال الحديث عن توحيد شبه جزيرة قبرص الواقع شطرها الشمالي تحت سيطرة تركيا.
الباحث التركي محمد عبيدالله قال في تصريحات لصحيفة (العرب): أعتقد أن تصريحات مصر حول توحيد جزيرة قبرص تستهدف تضييق الخناق على نظام أردوغان من أجل وضع حد لتوسعه الاقتصادي والعسكري في ليبيا التي تعتبر دولة تقع في منطقة جغرافية حساسة بالنسبة للأمن القومي المصري.
أضاف: بمعنى أن أردوغان يحاول من خلال اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية اختلاس دور مصر في ليبيا، ومصر تقول له: إن حاولت المساس بأمني القومي على حدودي الغربية فلا تنس أن يدي تصل إلى أمنك القومي على حدودك الجنوبية في قبرص. وإن لم تراعِ ذلك فيحق لي أن أفعل الشيء نفسه معك من خلال طرح قضية توحيد جزيرة قبرص التي تقع ضمن مناطق النفوذ التركي وفق لمبدأ الرد بالمثل. وهذه حملة مفهومة ضمن معايير الموازنات والمناورات الدبلوماسية.
وحول دلالة الاشارة المصرية لدعم توحيد قبرص، وانعكاس ذلك على جهود تطبيع العلاقات بين البلدين، قال عبيد الله: إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن التحسن الحاصل في العلاقات المصرية التركية خلال السنة الأخيرة لم تتجاوز الصعيد الخطابي، فإننا يمكن أن نقول بأن التوترات لا تزال قائمة بين الطرفين أصلا.
لكن الجديد هو أنه يبدو أن الإدارة المصرية لم تلاحظ أي محاولة من الجانب التركي لترجمة تعهداته القولية إلى أرض الواقع فيما يخص ليبيا، فتفضل اللعب بالأوراق التي تحوزها تجاه أردوغان.. حيث تؤكد مصر دوما أن ليبيا خط أحمر للأمن القومي المصري، لكن أردوغان لا يعير انتباها لهذا الخط ويواصل زيادة نفوذه الاقتصادي والعسكري فيها على حساب مصر، مما يدفع مصر إلى اتخاذ خطوات رادعة لطموحات أردوغان التوسعية.
حول رد فعل أردوغان المتوقع على تأييد مصر توحيد قبرص، قال الباحث في الشأن التركي إنه بما أن النظام الحاكم في تركيا اليوم يتشكل من حزب العدالة والتنمية “الإسلامي” وحزب الحركة “القومية”، فإنه يمكن أن نتوقع أن أردوغان وحليفه دولت بهجلي سوف يقودان حملة ضد مصر، إذا استمرت التورات بين الطرفين، يزعمان فيها أن تركيا ترعى وتحمي الأقلية “التركية المسلمة” في قبرص في مواجهة الأكثرية اليونانية غير المسلمة، والمفروض على جميع الدول الإسلامية والعربية أن تدعم الأطروحات التركية في قبرص ليبقى هناك وجود إسلامي تركي.. بمعنى أن الحليف القومي سوف يتجه إلى إثارة مشاعر القوميين من خلال القول لهم: ألم نقل لكم إنه لا يوجد صديق لتركي سوى تركي أيضًا.. انظر حتى بعض الدول الإسلامية تعارض وجودنا في قبرص.. في حين أن أردوغان الإسلامي سوف سيدغدغ مشارع المسلمين بالعزف على وتر الخطاب الإسلامي وسيطلق دعاية ضد مصر ليؤكد أنها تعارض الوجود الإسلامي في قبرص.
وختم عبيد الله قائلا: طبعًا الجماهير المسحورة بالخطاب القومي والإسلامي الشعبويين لن يفكر أن موقف مصر نتيجة طبيعية لمواقف أردوغان وحلفائه من ليبيا والوطن العربي عمومًا.. لكن من ينظر إلى الأمر بعمق وروية سيجد أن مصر تسير في خطوات دبلوماسية واثقة ومنهجية تتوافق مع بروتوكلات الأداء الدلوماسي بين الدول.. وهذا الواقع يتطلب من مصر أن تطور خطابًا يقطع الطريق على مثل هذه الدعايات الأردوغانية التي يستقطب من خلالها بسطاء المسلمين حول العالم..