ماهر المهدي
( زمان التركية)- نبغى على الإنسان أن يتحقق من كل شىء ، على الأقل فيما يخص المسائل الهامة في حياته والا يركن الى افتراضات منبعها سذاجة الفكر والرغبة الدفينة في الإيمان بوجود أشياء أو مشاعر معينة ربما لا وجود لها في الحقيقة . والسذاجة في اللغة البساطة وقلة النباهة .
وبعض الأمور مضحكة مبكية موجعة حقا . فمتى جرت الأمور اعتمادا على تقديرات جيدة – حالية أو سابقة – دون متابعة لهذه التقديرات ودون تحليلها – ولو على مسافات زمنية متباعدة – قد يحدث أمورا أو يتسبب في حدوث أمور كثيرة مغايرة لهذه التقديرات ، بل وصادمة لهذه أحيانا . ولا مجال للمصاب للوم أحد إلا نفسه ، ربما لسذاجته . فقد اعتمد على تقديرات أصبحت عاطفية – لأنها لم تراجع ولم تحدث – وآثر الركون إلى ما يحب ان يسمعه وأن يراه دون الحقيقة وما قد تحمله من محاذير خطيرة أحيانا . فالحياة لا تخلو من المغاجآت والفتن للجميع -كأننا في بيت تيه وندور في تيه محفوف بالمخاطر المتباينة – ولابد لشىء أن يصيب المرء ، ولكن نباهة الرجل وانتباهه وعمله الدائم قد يعينونه على تفادي الكثير من الخبطات والصدمات المؤلمة ، سواء على المستويين الشخصي والمهني .
حتى على مستوى الدول ، قد ترى السذاجة أحيانا واضحة في مواقف مكلفة وباهظة الثمن ، مثلما رأينا مؤخرا من موقف سياسي غريب – بين عدة دول كبيرة – قامت فيه دول بالاستيلاء على صفقات كبيرة من دول أخرى في مفارقة شبه مسرحية ، وكانوا يظنون انفسهم جميعا وكنا نظنهم جميعا بينما قلوبهم شتى والمصالح تحكم ، لا الموادة ولا الانتماءات المشتركة . ولا يمكن للناس ولا للدول العاقلة التوقف كثيرا عن كل أمر يمر بها – لكثرة مشاغل الحياة ، ولأن الزمن لا يعود إلى الوراء أبدا – ولكن الأشخاص والدول العاقلة تبذل قصارى جهدها للتعلم مما وقعت فيه أو أصابها ممن أفرطت في ثقتها بهم وركنت في تعاملها معهم الى الأماني الحلوة والى معسول الكلام وافتراضات السذاحة . ففي النهاية لا يلومن أحد غيره اذا غفل هو عن رعاية مصالحه وبعد عن السهر على تحققها ونفاذها الى النور والى دنيا الحقيقة الرابضة على أرض الواقع .