إسطنبول (زمان التركية) – تراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد بلغ 9.85 مقابل الدولار في وقت مبكر من يوم الاثنين، متأثرة بقرار الرئيس رجب طيب أردوغان الذي قد يسفر عن طرد سفراء 10 دول غربية، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.
الليرة تأثرت منذ الأسبوع الماضي عندما خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنقطتين مئويتين لتتراجع إلى 16 في المائة حتى بعد تسارع التضخم إلى نحو 20 في المائة.
انتقد سياسيون معارضون كلا الخطوتين على أنهما يعكسان يأس أردوغان وسوء تقديره في مواجهة المشاكل الاقتصادية وتراجع الدعم الشعبي.
خطوة أردوغان أصابت المستثمرين في تركيا بالصدمة وأعربوا عن قلقهم المستمر جراء تدخلات أردوغان في قرارات البنك المركزي.
تراجعت الليرة 2 بالمئة إلى 9.77 للدولار اعتبارا من الساعة 9:27 صباحا بالتوقيت المحلي، لتفقد ما يقرب من ربع قيمتها هذا العام، مما يجعلها العملة الأسوأ أداءً في العالم بالأسواق الناشئة الرئيسية.
وقال أردوغان يوم السبت إنه طلب من وزارة خارجيته إعلان سفراء غربيين أشخاصًا غير مرغوب فيهم بعد أن دعوا جميعا للإفراج عن رجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا القابع في السجن منذ أواخر 2017 دون إدانة، مما دفع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للمطالبة بالإفراج عنه.
وقال زعماء أحزاب المعارضة في تركيا إن دعوة أردوغان لطرد المبعوثين الأجانب كانت بمثابة تكتيك لصرف انتباه الجمهور عن المشاكل الاقتصادية في البلاد.
من المقرر أن تجري تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في عام 2023، إن لم يتخذ أردوغان قرارا بانتخابات مبكرة.
قال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو في عطلة نهاية الأسبوع إن أردوغان يفشل في حماية المصالح الوطنية للبلاد، في صدد تعليقه على دعوته لطرد السفراء.
أردوغان قال: “قلت لوزير خارجيتنا: لا يمكننا أن نمتلك رفاهية استضافة هؤلاء الأشخاص في بلدنا. هل من حقك -أيها السفير- أن تعطي تركيا مثل هذا الدرس؟ من أنت؟”، وذلك في تصريحات للصحفيين على متن طائرته الرئاسية أثناء عودته من رحلة إلى إفريقيا في 21 أكتوبر.
وفق تقرير زعمت مصادر مطلعة أن مسؤولي وزارة الخارجية التركية حاولوا منع تحرك الرئيس أردوغان لإعلان 10 سفراء “غير مرغوب فيهم”، لكنهم فشلوا في ذلك بعد يومين من الجهود.
وكالة أنباء (أنكا) التركية ذكرت أن مسؤولي وزارة الخارجية التركية حاولوا جاهدين لكنهم فشلوا في إقناع أردوغان بالتراجع عن هذه الخطوة.
بحسب مصادر أنكا، فإن أردوغان نقل أمره بإعلان المبعوثين الغربيين “غير مرغوب فيهم” في نفس اليوم، وأن الوزارة شرعت في البحث عن حل لهذه الأزمة، وأن أردوغان لم يغير رأيه رغم كل جهود مسئولي وزارة الخارجية.
سبعة من السفراء الذين يسعى أردوغان إلى طردهم يمثلون حلفاء تركيا في الناتو، ويؤكد مراقبون أنه في حال تنفيذ خطوة طرد السفراء فإنه سيسبب أكبر شقاق مع الغرب في سنوات حكم أردوغان التي تبلغ 19 عامًا.
عثمان كافالا الناشط في مجال منظمات المجتمع المدني، يقبع في السجن منذ أربع سنوات، بتهمة تمويل احتجاجات جيزي بارك على مستوى البلاد في عام 2013 والتورط في محاولة الانقلاب فاشلة في عام 2016.
وفي بيان مشترك صدر في 18 أكتوبر، دعا سفراء كندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة إلى حل عادل وسريع لقضية كافالا، و”الافراج العاجل”، مما تسبب في استدعائهم من قبل وزارة الخارجية التي وصفت البيان بأنه غير مسؤول.
وقال أردوغان في خطاب: “لقد أعطيت الأمر اللازم لوزير خارجيتنا وقلت ما يجب القيام به: يجب إعلان هؤلاء السفراء العشرة أشخاصًا غير مرغوبين فيهم في الحال. سنفعل ذلك على الفور”.
تمت تبرئة كافالا العام الماضي من تهم تتعلق باحتجاجات 2013، لكن الحكم أُلغي هذا العام بقرار قضائي جديد، ليواجه الرجل تهمًا جديدة تتعلق بمحاولة الانقلاب.
وينوه مراقبون وناشطون حقوقيون بأن قضية عثمان كافلا رمز لحملة قمع المعارضة في عهد أردوغان، ولا يتراخى فيها أردوغان حتى لا يؤثر سلبا على قضايا مماثلة أخرى.
ستة من الدول المشاركة في البيان المذكور أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا. رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي علق قائلا: “طرد 10 سفراء دليل على الانحراف الاستبدادي للحكومة التركية. لن نخاف. الحرية لعثمان كافالا”.
مسئول في وزارة الخارجية الألمانية قال إن الدول العشر تتشاور مع بعضها البعض لاتخاذ موقف مشترك.
وبعد أن نُقل عن أردوغان في 21 أكتوبر قوله إن السفراء المعنيين لن يطلقوا سراح “قطاع الطرق والقتلة والإرهابيين” في بلدانهم، أعلن عثمان كافالا في 22 أكتوبر أنه لن يحضر جلسات محاكمته بعد الآن؛ لأن جلسة محاكمة عادلة باتت مستحيلة بعد التعليقات والتدخلات الأخيرة لأردوغان.
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان دعت تركيا إلى الإفراج الفوري عن كافالا قبل عامين، قائلة إنه لا يوجد شك معقول في أنه ارتكب أي جريمة، مؤكدة أن اعتقاله خطوة سياسية تهدف إلى إسكاته.
وأعلن مجلس أوروبا، الذي يشرف على تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أنه سيبدأ إجراءات الانتهاك ضد تركيا في حال استمرارها رفض الإفراج عن كافالا. الجلسة القادمة من محاكمة عثمان كافالا ستعقد يوم 26 نوفمبر.