برلين (زمان التركية)ـــ قال محلل سياسي تركي إن الرئيس رجب طيب أردوغان قرر اللجوء إلى حملات دعائية لترميم سمعته، ويوظف “الإسلاموفوبيا” في إرساء صورة زعامته للعالم الإسلامي.
تقرير لموقع (حفريات) قال إن الفعاليات التي روجت لها تركيا مؤخرًا تشير إلى وجود خطة لدى أردوغان لترويج وتسويق نفسه أمام المجتمع الدولي كزعيم حداثي للعالم الإسلامي، وهي المهمة التي أخفق في ترويجها بين المسلمين أنفسهم.
يرصد الصحفي “حامد فتحي” معد التقرير مجموعة من الأحداث التي تتمحور حول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، جرت خلال مشاركته في أعمال الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي حضرها بصحبة وفد وزاري كبير، وقرينته السيدة أمينة أردوغان، وتضمنت الزيارة عدداً كبيراً من اللقاءات الهامشية مع زعماء ومسؤولين من دول العالم، وكذلك الحدث الأهم وهو افتتاح البيت التركي في مدينة نيويورك، قبالة مبنى الأمم المتحدة.
وقبيل ذلك، كان الرئيس التركي قد أعلن نشر كتاب قام بتأليفه بعنوان “من الممكن إنشاء عالم أعدل”، يتناول فيه عدداً من المسائل الدولية الكبرى، ويروج لقيام نظام دولي أكثر عدالة، ويتطرق إلى قضية التغير المناخي، وأهدى أردوغان عشرات النسخ من كتابه لمن التقى بهم من مسؤولي العالم، ونُظمت حملة علاقات عامة للترويج للكتاب في مدينة نيويورك، في وقت انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كتاب أردوغان
يشير أردوغان في كتابه الذي أعلنت عنه، مطلع الشهر الجاري، مؤسسة الرئاسة التركية، إلى المعضلات السياسة العالمية، لا سيما الظلم وأزمة اللاجئين والإرهاب الدولي ومعاداة الإسلام والتمييز العنصري وازدواجية المعايير، بحسب دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
ويؤكد الرئيس التركي، في كتابه، على الحاجة إلى إصلاح شامل، خاصة في مجلس الأمن الدولي، ويلفت إلى مشاكل الشرعية والوظيفة والشمولية والتمثيل في الأمم المتحدة، ويتبنى اقتراحاً نموذجياً ومبدئياً وشاملاً وإستراتيجياً، وقابلاً للتطبيق من أجل الأمم المتحدة، حيث يتم فيه ضمان العدالة في التمثيل وإلغاء امتياز حق النقض.
وخلال انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قامت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، بالتعريف عن النسخة الإنجليزية من كتاب الرئيس في أشهر شوارع نيويورك، عبر شاحنات عرض متنقلة وشاشات عملاقة في ميدان “التايمز”، وقُدمت نسخ من الكتاب إلى القادة والزعماء الذين التقى بهم الرئيس أردوغان على هامش أعمال الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتتوافر ترجمات باللغات الإنجليزية والعربية والألمانية والفرنسية والروسية والإسبانية للكتاب.
وفق التقرير: يحاول أردوغان من خلال هذا الكتاب تقديم نفسه في صورة الزعيم الإسلامي الذي يهتم بقضايا العالم، ويحلم بعالم عادل، وهي صورة تخفي في داخلها أطماع الهيمنة، فحديثه وترويج وسائل الإعلام التركية الواسع للأجزاء التي تناولت إصلاح مجلس الأمن الدولي، وهو ما تناوله حديث أردوغان أمام الجمعية العامة، يعكس طموحاته بنيل مكانة أكبر لتركيا، استناداً إلى أوهام الزعامة الإسلامية.
ولا يحتاج دحض كلام أردوغان إلى كثير من الجهد، فبالنسبة إلى قضية مكافحة الإسلاموفوبيا، تقع على عاتق أردوغان نفسه مسؤولية كبرى عن تنامي خطاب الكراهية ضد المسلمين، بسبب ابتزازه لأوروبا وتوظيفه للخطاب الديني لاختراق مجتمعاتها، ونفس الأمر في قضية اللاجئين، ولا حاجة للحديث عن العدالة، التي يحتاجها المجتمع التركي بشدة.
ويقول المحلل السياسي التركي، ياوز أجار؛ أردوغان، الذي مات في نظر الشعب والعالم، بظلمه الحقيقي، يحاول أن يعود إلى الحياة مجدداً عبر كلامه الافتراضي في كتابه، وهي محاولة تكشف اليأس والوضع الصعب الذي يعيشه.
وأضاف أجار لـ “حفريات”؛ العدالة التي يروج لها أردوغان مفقودة في تركيا، والديمقراطية لم يعد لها وجود، وهناك محاولات لتغيير الدستور لإرضاء قاعدته الانتخابية، ولن تتحقق العدالة طالما ظل أردوغان في الحكم، فعن أي عدالة يروجها للعالم”.
البيت التركي
ويأتي افتتاح البيت التركي كثاني أهمّ حدث خلال زيارة أردوغان إلى نيويورك، وجزء من حملته الترويجية، وهو مبنى مستقل، متعدد الأغراض، تبلغ مساحته الإجمالية، نحو 20 ألف متر مربع، ويبلغ ارتفاعه 35 طابقاً، بارتفاع 171 م، في مقابل مبنى الأمم المتحدة.
ويضم المبنى البعثة التركية الدائمة لدى الأمم المتحدة والقنصلية العامة في نيويورك، بالإضافة إلى قاعات اجتماعات ومعارض ومساكن ومرآب سيارات للموظفين.
وحول الهدف من المبني الهائل، يقول ياوز أجار: “يحاول أردوغان من خلاله السيطرة على الجالية التركية ويوظفها في تلميع سمعته لدى واشنطن والغرب”.
أردوغان والإسلاموفوبيا
وتناول أردوغان، قبيل زيارته إلى نيويورك، في 19 الجاري، قضية الإسلاموفوبيا، وقال في مؤتمر صحفي من مطار إسطنبول؛ أنقرة تقود معركة ضدّ الإسلاموفوبيا في المجتمع الغربي، والتي تحوّلت إلى فيروس.
ولا يبدو أنّ حملة العلاقات العامة الكبيرة لتلميع أردوغان كزعيم إسلامي كانت مجدية، فلم تنجح محاولات أردوغان في توطيد علاقاته مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وقال أردوغان للصحفيين: “لم نشهد هذا الموقف مع أيّ زعيم أمريكي من قبل. بصفتنا دولة في الناتو، نحتاج إلى أن نكون في وضع مختلف”.
وحول ادّعاء أردوغان مكافحة الإسلاموفوبيا، يرى المحلل السياسي التركي، ياوز أجار؛ أنّ أردوغان يستفيد من الإسلاموفوبيا في استثارة مشاعر المسلمين، للالتفاف حوله كزعيم إسلامي يواجه الغرب.
ويكشف استمرار حديث أردوغان ومؤيديه عن الزعامة الإسلامية، عدم إدراك للمتغيرات الواسعة التي شهدتها صورة تركيا في العالم الإسلامي والعربي، خلال الأعوام العشرة الماضية، إذ لم يعد أردوغان النموذج الإسلامي الديمقراطي الذي حاول الغرب تسويقه في المنطقة، بعد أن كشف توجهاته الحقيقية المستبدة، وأطماعه التوسعية، باسم الزعامة الإسلامية.