دبي (زمان التركية)ــ لفت الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمـد أبـو الغيـط إلى ضرورة سد فجوة مساهمة الوطن العربي في الاقتصاد الرقمي والتي لا تتجاوز 5% فقط.
أبو الغيط قال خلال افتتاح مؤتمر ومعرض الاقتصاد الرقمي (سيملس الشرق الأوسط 2021) إن سد هذه الفجوة واللحاق بركب الدول المتقدمة يحتم علينا كعرب وضع سياسات مُحْكَمة وعملية للنهوض بالاقتصاد الرقميإذ سيتيح الاستثمار فيه تحقيق معدلات نمو عالية ومستدامة.
وفيما يلي نص كلمة أبو الغيط في المؤتمر المنعقد اليوم الأربعاء بدولة الإمارات العربية المتحدة:
يمثل الاقتصاد الرقمي حاليا مورداً مهماً من موارد الاقتصاد العالمي … والثابت أن أهميته في تزايد مستمر، إذ تشير كل المعطيات إلى تسارع وتيرة نمو الاقتصاد الرقمي بنسب تفوق بقية قطاعات الاقتصاد التقليدية… وتبلغ مساهمة القطاع الرقمي ما يعادل 22% من إجمالي الناتج العالمي الخام … بينما تنخفض هذه النسبة – للأسف – في الوطن العربي إلى 5% فقط.
إن سد هذه الفجوة واللحاق بركب الدول المتقدمة يحتم علينا كعرب وضع سياسات مُحْكَمة وعملية للنهوض بالاقتصاد الرقمي … إذ سيتيح الاستثمار فيه تحقيق معدلات نمو عالية ومستدامة من شأنها استيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب الباحثين عن فرص عمل في العديد من الدول العربية … وذلك بعد ارتفاع نسب البطالة عقب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، بالرغم من الإجراءات الاستثنائية التي أقرتها كافة الحكومات العربية لمجابهتها.
وأغتنم هذه المناسبة للإشارة إلى موضوع رسم السياسات والاستراتيجيات … وأن أشيد في هذا السياق بالمبادرة التي تلقتها جامعة الدول العربية من دولة الإمارات بشأن وضع الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي… وقد وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة في دورة انعقاده الأخيرة على رفعها ضمن الملفات الاقتصادية إلى القادة العرب للنظر في اعتمادها في القمة العربية القادمة… وأتمنى أن نعمل جميعاً على تنفيذ تلك المبادرة والاستفادة من محتواها.
كما لا يفوتني، في ذات السياق أيضاً، الإشارة إلى أن موضوع التحول الرقمي وتحديث الاستراتيجية العربية في هذا المجال يمثل إحدى الأولويات الثلاث التي اخترنا التركيز عليها في جامعة الدول العربية بالإضافة إلى موضوعي التنمية المستدامة وريادة الأعمال.
وتدركون جميعاً أن وضع سياسات للاقتصاد الرقمي يتطلب أيضاً الاهتمام ببناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي باعتباره تكنولوجيا المستقبل… وفي هذا الشأن… أشير أمام هذا الجمع الكريم… إلى أنني قد اقترحت على لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك – والتي تضم في عضويتها كل المؤسسات العاملة تحت مظلة جامعة الدول العربية – تشكيل مجلس استشاري عربي للذكاء الاصطناعي.. يضم في عضويته مختصين من المنظمات العربية والدول الأعضاء… ويشرف على وضع استراتيجية عربية في هذا المجال، ويقدم عند الاحتياج المشورة والدعم اللازمين للدول العربية.
السيدات والسادة،
إن تطوير الاقتصاد الرقمي يقتضي أموراً أساسية … منها توفير بيئة حاضنة وداعمة للشركات الرقمية، وإقامة البنية التحتية المناسبة والتشريعات المرنة التي تسهل إنشاء الشركات وتوفر القواعد الأساسية لحماية البيانات الشخصية، وغيرها من المقتضيات … ولعلكم تتفقون معي أن العنصر البشري يبقى الثروة الأغلى والركيزة الأهم التي يجب البناء عليها … ولحسن الطالع يتوفر لدى معظم دولنا… خزان بشري من الكفاءات التي يجب الاعتناء بها، والعمل على استقطابها وتشجيعها عبر إقامة حاضنات للأعمال وتدريب الشباب على ريادة الأعمال الصغيرة، وتحفيزهم على إنشاء الشركات الرقمية وإقامة المنصات الإلكترونية التي تُعْنىَ بالتجارة والخدمات… فشباب العرب يحتاجون إلى تشجيع وتطوير الفكر الرقمي لديهم وتوفير الظروف الملائمة لتنفيذ أفكارهم.
السيدات والسادة،
من جهة أخرى، ثمة إدراك عالمي عميق بخطورة التغير المناخي… إنها مشكلة العصر.. إذ نرى اليوم بعض آثارها… فقد تواترت الكوارث الطبيعية من فيضانات وحرائق وأوبئة.. والمقلق أن منطقتنا العربية من أكثر المناطق تأثراً بتبعاتها.. وعلينا كعرب الإسراع بوضع الحلول.. ومنها تنمية اقتصادات رقمية تراعي البعد البيئي، وتسهم في حل المشكلات عبر توظيف التكنولوجيا الرقمية كوسيلة تخلق الثروة وتخدم قضايانا البيئية.. كما يتعين علينا تشجيع المبادرات التي تُعنى بالاقتصاد الأخضر وتروج للحلول المستدامة بالاستفادة من الجهود العالمية لمجابهة التغير المناخي.
وفي هذا الصدد، تستعد الإمارات لاستضافة أحداث عالمية مهمة يجب الاستفادة من زخمها للدفع بالعمل المناخي والترويج للقضايا العربية ومنها تطوير الاقتصاد الأخضر في المنطقة… وأخص بالذكر هنا معرض اكسبو دبي 2020، واسبوع المناخ الإقليمي، وكذا قمة المناخ لعام 2023 (COP28) التي آمل في فوز دولة الامارات باستضافتها وأثق بأنها ستوفر كل الظروف الكفيلة بإنجاحها.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أجدد شكري لدولة الامارات قيادة وشعباً على حسن الوفادة وكرم الضيافة.. متمنياً للمؤتمر كل التوفيق والسداد.