أنقرة (زمان التركية) – طالب الادعاء العام في تركيا بسجن رئيس الأركان الأسبق إيلكر باشبوغ، بسبب اتهاماته للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
باشبوغ متهم بـ “إهانة الموظفين الحكوميين بسبب مهامهم”. وخلال مذكرة الادعاء المرفوعة ضده منذ عام ونصف تم المطالبة بإدانة باشبوغ بالسجن حتى أربع سنوات.
كان عدد من نواب حزب العدالة والتنمية قد تقدموا ببلاغ ضد باشبوغ بناء على طلب من الرئيس أردوغان بعدما أثار جدلا واسعا بسبب تصريحات أدلى بها خلال مشاركته في حلقة تلفزيونية خاصة العام الماضي اتهم فيها الحزب بكونه الجناح السياسي لما سماه منظمة فتح الله كولن.
رئيس هيئة الأركان الأسبق أكد في تصريحاته على “ضرورة البحث عن السياسيين الذين قدموا للبرلمان عام 2009 مقترحا قانونيا تم من خلاله إقصاء القضاء العسكري ومحاكمة العسكريين أمام محاكم مدنية، فإذا أنكرتم وجود الذراع السياسية لمنظمة غولن فسوف يكون ذلك مخالفا للحقيقة”.
قال باشبوغ في فبراير/ شباط 2020 خلال برنامج على قناة (سي أن أن) التركية إن حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان دخل في “تحالف كامل” مع ما وصفه بـ”منظمة فتح الله كولن”، من عام 2007 إلى عام 2011، معيدًا للأذهان مقولة أردوغان: “قدمتُ لهذه الجماعة كل ما طلبت منّا”، على حد زعمه.
وبعد أن كانت حركة الخدمة حليفة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بدأ الرئيس التركي يشوه الحركة ومؤسسها المفكر الإسلامي فتح الله كولن، ووضعها على قائمة “الإرهاب” واتهمها بتدبير انقلاب 2016، وقيادة تحقيقيات الفساد والرشوة في 2013 التي تورط فيها وزراءه.
وأضاف باشبوغ أن الرئيس أردوغان كافح بمفرده ضد حركة الخدمة من عام 2013 حتى عام 2016، ثم استدرك قائلاً: “لكن يجب علي أن أقول إن أردوغان هو المسؤول السياسي عما شهدتها تركيا بدءًا من عام 2007 حتى عام 2011″، في إشارة منه إلى التحقيقات التي استمرت خلال هذه الفترة ضد تنظيم أرجنكون الأوراسي (الموالي لروسيا والصين) المتهم بمحاولة الانقلاب ضد حكومات العدالة والتنمية منذ عام 2003 حتى تحالف أردوغان مع هذا التنظيم بعدما بات في موقف حرج عقب ظهور فضائح الفساد والرشوة في عام 2013.
تطرق باشبوغ إلى تاريخ انتشار حركة الخدمة في تركيا أيضًا قائلاً: “منظمة فتح الله كولن قويت شوكتها وزاد نفوذها أساسًا في عهد كل من طرغوت أوزال (رئيس تركيا الأسبق)، وبولند أجاويد (الزعيم اليساري ورئيس الوزراء الأسبق). فقد رفضا إغلاق مؤسسات الجماعة التعليمية. وكذلك الأمر بالنسبة للسيدة تانسو تشيلر (رئيسة الوزراء سابقًا)، إذ تعاطفت معها كذلك. أما الراحل نجم الدين أربكان (زعيم حزب الرفاه الإسلامي ورئيس الوزراء الأسبق) فكان يضع مسافة بينه وبين هذه الجماعة”.
بينما قسّم إيلكر باشبوغ، عهد أردوغان إلى ثلاثة أقسام، الأول؛ الفترة التي تمتد من عام 2002، حيث وصل إلى الحكم، حتى عام 2007، وأفاد أنه في هذه الفترة فضل نهج “سياسة قائمة على علاقات جيدة مع جماعة فتح الله كولن، وعدم الصراع مع المؤسسة العسكرية”، وتابع: “لكن حكومة حزب العدالة والتنمية (أردوغان) دخلت في تحالف كامل مع هذه الجماعة من 2007 حتى 2011، وبالتالي هي المسؤول السياسي من الأحداث التي شهدتها البلاد بين تلك الفترة الثانية”، في إشارة منه إلى تحقيقات تنظيم أرجنكون. أما لفترة الثالثة فهي فترة تحالف أردوغان معهم، أي مع تنظيم أرجنكون ضد الجماعة منذ 2013 حتى اليوم، على حد تعبيره.
بمعنى أن الجنرال باشبوغ، بوصفه أحد أبرز قادة تنظيم أرجنكون، يطالب أردوغان بـ”دفع الثمن” باعتباره “الذراع السياسية لمنظمة فتح الله كولن”، التي وقفت وراء تحقيقات وقضية تنظيم أرجنكون، وذلك بعدما تمكن الطرفان (أردوغان وأرجنكون) من تصفية “ذراع المنظمة المدنية” (حركة الخدمة) من خلال عمليات الفصل والاعتقال التي نفذها وما زال ينفذها في أجهزة الدولة منذ تحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013 والانقلاب الفاشل في 2016.
وكان الرد الأول على اتهامات باشبوغ جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك، حيث دعا في 4 فبراير/ شباط 2020 إلى تقديم شكوى ضد باشبوغ للسلطات القضائية بتهمة الإساءة إلى البرلمان، ليأخذ الراية منه الرئيس أردوغان بعد يوم واحد ويهاجم بشكل مباشر باشبوغ قائلاً: “هناك شخص سبق أن شغل منصب رئيس هيئة الأركان يظهر من حين لآخر على الشاشات التلفزيونية ويدلي بتصريحات مضللة..”.
وكان باشبوغ تم اعتقاله بأمر صادر من أردوغان في إطار تحقيقات أرجنكون / الدولة العميقة التي انطلقت في 2007، ومن ثم خرج من السجن في 2014 مع جميع القادة العسكريين الآخرين بفضل تعديلات أجرتها حكومته بعد أن زعم أنه تعرض للخداع بتوجيه من حركة الخدمة بشأن تنظيم أرجنكون، وأن هذا التنظيم لم يحاول الانقلاب عليه أبدًا، على عكس ما ردده عقدًا كاملاً من تعرض حكومته لمحاولات انقلابية على يد التنظيم.