القاهرة (زمان التركية) – أوضح عزيزي القارئ العربي بداية مفهوم عنوان المقال، فهو مثل مصري يعني تعليق مسؤولية حل المشكلة علي صانعها أو سببها من الأساس.
إنني أعني بالضبط هنا أن المسؤولية الأولي عن الوضع الحالي في أفغانستان هي الولايات المتحدة الأمريكية… لماذا؟ وما الذي حدث بالضبط؟
إليك أصل الحكاية..
تحديددا في عام 1978 كانت بداية الحكم الشيوعي في أفغانستان بدعم كامل من الاتحاد السوفيتي حينذاك، ونتج عن طبيعة وسياسة هذا الحكم حركات معارضة كان معظمها ذات مرجعية إسلامية، وكان من بين هذه الحركات حركة طلابية تتكون من 53 طالبا، تم تكوينها في مدينة قندهار، وتزعمها الملا محمد عمر، تحولت بعد ذلك إلي حركة عسكرية جهادية بذات الاسم.
ثم تقدمت الحركة وتطورت من حيث زيادة عدد الطلاب المنضمين إليها ومن حيث تأثيرها على أرض أفغانستان، وكان العامل الأساس والداعم لنجاح هذه الحركة هي الولايات المتحدة الأمريكية من حيث التزويد بالسلاح ورفع الكفاءة القتالية لأفرادها، وعلى الجانب الآخر كانت السعودية داعمةً أيضًا بالتمويل الكبير للحركة، وكلا الداعمين السعودية وأمريكا، لم يكن دعمهما لأجل خاطر أفراد الحركة على الإطلاق وإنما كلٌّ قدّم الدعم لغايته ومصلحته، فأمريكا سمتهم جنود الحرية ودعمتهم لمصلحتها في قضائها علي منافسها الاتحاد السوفييتي، والسعودية موّلتهم لرغبتها في القضاء على هذا النوع من الحكم الشيوعي الذي لا يحكم بما أمر الله واعتبرتهم المجاهدين لتطبيق شرع الله.
واستمر الحال على ما هو عليه حتى أتت الرياح بما لا تشتهي سفن طالبان، حيث وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001،التي اتهمت فيها حركة تنظيم القاعدة، الذي كان قائدها حينذاك أسامة بن لادن الذي كان يعيش في ذلك الوقت بأفغانستان، وهنا طالبت الولايات المتحدة الامريكية حركة طالبان بتسليمه هو وآخرين لديها من المشتبه بهم والمتهمين في وقوع هذا الفعل الإرهابي، فرفضت طالبان طلب أمريكا، مما نتج عنه أن شنت الولايات المتحدة الأمريكية حربًا شنعاء على طالبان بأفغانستان، سمتها الحرب على الإرهاب، بمساندة بريطانيا.
وتوالت الهزائم والانتصارات من كلا الطرفين دون أن يقضي طرف على الآخر، حتى كان عام 2020 في الدوحة حيث جلس جميع الأطراف واتفقوا على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون أربعة عشر شهرًا.
وتوالى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان ومعها توالت عمليات السيطرة والتوسع من قبل طالبان في السيطرة علي مناطق جديدة بأفغانستان، حتى وصل الحال إلى ما شاهدناه منذ أيام من تمكّن هذه الحركة من السيطرة على البلاد وفزع المواطنون الأفغان من بداية هذه المرحلة مهرولين باحثين عن أمل للخروج من هذه الأرض، ولو كان قشة يتعلقون بها لعلها تكون طوق نجاة من هذا المرار، فلقد شهدنا جميعًا المنظر الذي يحرك القلوب والمتمثل في محاولة المواطنين الأفغان في التعلق بطائرات الأمريكان أثناء إقلاعها من أفغانستان متجهة إلى أمريكا هربًا من حكم طالبان.
وهنا أرى كباحث متخصص في القانون الدولي أن هذا الحدث اختبار قوي وحقيقي لعديد من الجهات، خسران أحدها في هذا الاختبار يقابله خسران فادح لها من عدة جوانب، إن لم يكن هلاكًا تامًا.
أولى هذه الأطراف هي الولايات المتحدة الامريكية: التي دعمت وساندت هذه الحركة من البداية، وهنا يأتي دور أمريكا ومسؤوليتها في صرف هذا العفريت كما أحضرته، وتتعلم من التاريخ حتي لا تذوق مرار تكراره الأليم، وتدرك حقيقة أن الإرهاب وأصحاب هذه الأفكار لا صديق لهم ولا حبيب وأن خطرهم ينال الجميع.
ثم تأتي بعد ذلك مسؤولية العالم الإسلامي، فهؤلاء للأسف يتصدرون أمام العالم أنهم الصورة التطبيقية لحكم الإسلام، بالالتزام بالشكل الظاهري الذي كان عليه المسلمون، محاولين إيصال مفهوم كارثي خطير وهو أن هذا هو الإسلام الصحيح وهؤلاء هم المسلمون المطبقون لشرع الله كما أراد.
ومن ثم تأتي هنا مسؤولية العالم الإسلامي أجمع في الوحدة في محاربة هؤلاء حفاظا على صورة الإسلام والمسلمين.
كل هذا فضلا عن الدور الرئيسي والواجب الذي يقع على عاتق الأمم المتحدة التي تعد بمثابة حكومة العالم الآن، والتي عليها الوحدة الكاملة والموافقة بالإجماع على التصدي لهذا الخطر دون أن يخل أحد بهذا الاتفاق أو يعترض برفع أصبعه بحق الفيتو في مثل هذا الظرف وهذا الشر الذي يهدد الجميع دون استثناء، ولا مصلحة لأحد في بقائه، والتاريخ أثبت أن من يامن له ويصادق أصحابه حتما عليه الكي بنارهم.
دامت الأمة الإنسانية بكل حب وخير