بقلم: ياوز أجار
برلين (زمان التركية) – أدلى ضابط تركي تابع لشركة “سادات” الأمنية، تحت قيادة عدنان تانري فردي، مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان، باعترافات صادمة حول ما سمي بالانقلاب الفاشل في 2016.
أقر الضابط المدعو عثمان جورير، الذي سبق أن عمل ضمن شركة سادات لمدة أربع سنوات، بأنه وأمثاله من ضباط الشركة من قاموا بتنفيذ الانقلاب المدبر من قبل الفريق المكون من أردوغان وويزر دفاعه خلوصي أكار والجنرال عدنان تانري فردي.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الضابط للرد على أسئلة الصحفي آدم قره جوبان عبر قناته الشخصية على صفحة يوتيوب، لينضم إلى مجموعة المعترفين من داخل النظام بالمؤامرة الكبيرة التي دبرها أردوغان ورجاله مع شركائهم من أجل تصفية الجيش بذريعة مكافحة حركة الخدمة.
عرّف عثمان جورير نفسه بأنه كان شخصا أحب أردوغان ودعا له بالخير والنجاح وأخلص في الولاء له حتى الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016 الذي وصف بأنه مؤامرة دبرها أردوغان للتغلب على توجسه ورهابه من انقلاب عسكري محتمل.
ومن ثم حكى قصته والدور الذي أخذه ليلة الانقلاب الفاشل قائلاً: “بعدما أنهيت خدمتي العسكرية تلقيت عرضًا من شركة سادات الأمنية بينما كنت في مدينة أنطاليا. وقد تلقيت 9 أشهر من التدريب مع فريق مكون من 10 أشخاص وعملت مع هذا الفريق حتى يوم الانقلاب دون أن أعلم أسماء وعدد الفرق الأخرى ضمن الشركة ذاتها سوى رئيس الشركة الجنرال عدنان تانري فردي وابنه مليح تانري فردي”.
ولفت عثمان إلى كيفية تنشئتهم من الناحية الأيديولوجية قائلا: “وكما صرح نفسه أكثر من مرة، فإن عدنان تانري فردي شخص قد آمن بالمهدي المنتظر وكرس حياته لتهيئة الأجواء لقدوم المهدي وتنفيذ مهمته.. وأنا أيضًا كنت على هذه العقلية حتى ليلة الانقلاب. إلا أنني أدركت واطلعت على بعض الأمور وكشفت أننا تم استدراجنا إلى لعبة في تلك الليلة.. بعد هذا التنبه والإدراك ارتاح ضميري ولو قليلا”.
وتطرق إلى كيفية وطريقة عملهم ضمن شركة سادات الأمنية بقوله: “نظرا لأن الشركة كانت تتمتع بصلاحية الدخول والخروج من وإلى الثكنات العسكرية واستخدام أدوات ومعدات تابعة للجيش، فإننا كنا ندخل ونخرج من الثكنات العسكرية بسهولة.. لقد دخلت وخرجت من الوحدات العسكرية سنة كاملة دون أي مانع. وكان بإمكاننا استخدام معدات الجيش لأغراض تدريبية”.
وفي معرض إجابته على سؤال عما إذا كانت للشركة أزياء خاصة يرتدونها أثناء التدريب قال الضابط عثمان: “لا.. لم تكن للشركة أزياء خاصة، بل كنا نرتدي الأزياء العسكرية التابعة للجيش مثل بقية الجنود”.
وأفاد الضابط المدني أن المكتب الرئيسي لشركة سادات الواقع في بيليك دوزو بمدنية إسطنبول كان يقدم لهم رواتبهم عبر بنك “آك بنك”، وأنه عمل لصالح الشركة وحصل على راتب منها 3 سنوات بعد 9 أشهر من التدريب الأساسي الذي تلقاه في العاصمة أنقرة بعيدًا عن أعين الجنود الآخرين.
واعترف الضابط بأنه كان على علم بطبيعة وفلسفة شركة سادات الآملة بظهور المهدي المنتظر، وأنه انضم إليها انطلاقًا من نوايا حسنة لخدمة الوطن دون أن يعلم في البداية جاهزيته لإلحاق ضرر بالشعب إلى هذا الحد.
ووصف الضابط رئيس شركة سادات الجنرال عدنان تانري فردي بأنه “رئيس الجناح المسلح لحزب العدالة والتنمية”، وأنه لازم أردوغان منذ عام 1994، مؤكدًا أن الشركة لم يتم تأسيسها من أجل كسب أموال مادية بل من أجل تحقيق أغراض سياسية وأيديولوجية.
وأعرب الضابط عن أسفه وندمه على الدور الذي لعبه ليلة الانقلاب المزعوم قائلا: “ضميري يؤنبني دومًا؛ لأنني أصبحت بيدقًا وأداة لهؤلاء وارتكبت ذنبا.. لكني كشفت في النهاية أنهم (أردوغان ورجاله) من يرتكبون ذنبا في ليلة 15 يوليو 2016، لذا أعتذر إلى جميع فئات الشعب وأستميحهم”.
ثم أزاح الستار عن تفاصيل الدور الذي لعبه مع فريقه ليلة الانقلاب قائلا: “بينما كنت في إجازة بمدينة أنطاليا في شهر يونيو (2016) تلقيت رسالة مساء 11 من شهر يوليو، على ما أعتقد. وفي 13 يوليو، أي قبل يومين من الانقلاب، ارتديت الزي العسكري ودخلت إلى اللواء الـ28 الميكانيكي في أنقرة”.
وأضاف: “الخطة أو الأوامر التي تلقيتها كانت على النحو التالي: استلام الدبابة من اللواء والتوجه إلى المكان المخصص لنا من أجل التدريب، وتسليم الدبابة للواء بعد انتهاء التدريب. عقب تنفذي الأوامر كان يجب علي التوجه إلى اللواء في الساعة الخامسة بعد العصر من أجل تناول العشاء ومن ثم مغادرته صباح السبت”.
وتابع: “بعد العودة إلى اللواء بدأ نشاط غير عادي حوالي الساعة الـ6 والنصف، وشهد اللواء عديدا من الخروجات والدخولات في وقت كنت أنا واثنان من فريقي داخل الدبابة، بالإضافة إلى بقية رجال الفريق. قيل لنا: على الجميع أن يجهزوا دباباتهم؛ لأن المقر الرئيسي لهيئة الأركان العامة يواجه خطر هجوم إرهابي كبير، دون الإشارة إلى هوية المهاجمين، وأضافوا: لكن انتبهوا فإن المتعاطفين مع الإرهابيين قد يعترضون طريقكم وأنتم متوجهون إلى رئاسة الأركان العامة لدعم ومساندة القوات الخاصة. واجبكم القطعي هو حماية الأركان مهما كلف الأمر ولا تبالوا لأي عارض أو مانع قد يظهر أمامكم.. لا تتوقفوا أمام أي عائق. لكننا لم نؤمر بسحق ودهس المواطنين بطبيعة الحال”.
وأردف بقوله: “بينما كنا نتوجه من شارع إينونو نحو مقر رئاسة الأركان وقعت أمور غير مرغوبة، حيث اعترض طريقنا مواطنون مدنيون على أننا جنود انقلابيون.. وقعت عديد من الأحداث المؤلمة لا أريد التفصيل فيها.. عفا الله عنا، فلقد ارتكبنا ذنبا ولو كان دون عمد.. لأن المواطنين كانوا يصعدون على الدبابات وكان بإمكانهم كسر غطائها وقتل وتمزيق مَنْ بداخلها من الجنود. وسط هذه البلبلة يمكن أننا قد دهسنا أو صدمنا ببعض الناس وفق ما شاهدت في فيديوهات بعد الانقلاب.. وكنت سمعت أن بعض الجنود تم إلقاؤهم إلى مياه البحر من جسر البوسفور.. إن الذين استدرجونا وسحبونا إلى مثل هذه الميكدة الخبثية والشريرة سوف يمثلون أمام رب العالمين وسوف يخضعون للمحاكمة. لكني أنا شخصيا أرجو من جماعة فتح الله كولن خاصة أن يغفروا لنا حيث تم تحميلهم مسؤولية الانقلاب بسبب ذنب نحن من ارتكبناه”، وفق تعبيره.
وواصل الضابط المدني عثمان تصريحاته الصادمة قائلا: “ليست عندي معلومات مؤكدة، لكني أعتقد أنه حوالي 200 ضابط تابع لشركة سادات من أمثالنا من نفذوا هذه المؤامرة.. سواء كان خطأ أو عمدًا.. لقد شاهدت وسمعت الكثير في هذا الصدد.. لا شك أنني ارتكبت كثيرا من الذنوب في حياتي إلا أن أكبر الذنب ارتكبته ليلة الانقلاب الفاشل.. ضميري يؤنبني دائما بشكل لا يمكنكم أن تتصوروا.. وكأن دودة تنخر في جمجمة دماغي لا أستطيع التخلص منها”.
ونوه بأن أردوغان حمل جماعة فتح الله كولن المسؤولية مباشرة دون أي تحقيق مبدئي، وأعلن كل جندي خرج بشكل أو بآخر إلى الميادين انقلابيا منتميا إلى الجماعة، مذكرا بأن المحكمة حكمت بالحبس المؤبد على طلاب عسكريين، في حين أفرجت عن قادتهم و11 جنديا كانوا قادوا دبابات في تلك الليلة.
وعلق قائلا: “لقد دافع طالب عسكري عن نفسه في المحكمة بأنه لم يقد الدبابة المسجلة على اسمه وأنه لم يرتكب أي مخالفة في تلك الليلة سوى أنه أنشد نشيد الاستقلال الوطني مع زملائه الآخرين ومواطنين مدنيين، رغم ذلك قضت المحكمة عليهم بالحبس المؤبد.. هذا يدل على أن مدبري الانقلاب سلموا الدبابات إلى ضباط تابعين لشركة سادات من أمثالنا، ومن ثم حولوا الجنود الذين كانت الدبابات مسجلة على أسمائهم لكي يظهروا في خضم الأحداث ويقعوا في الفخ ويتم اعتقالهم بتهمة الانتماء إلى الجماعة”.
وأكد ضابط شركة سادات عثمان جورير أن أيدي أردوغان وخلوصي أكار وأستاذه عدنان تانري فردي – على حد وصفه – ملطخة بدماء أناس أبرياء، ثم فسر سبب إقدامهم على هذه المؤامرة قائلا: “أردوغان كان يخاف من انقلاب جماعة فتح الله كولن عليه.. لا أقول إن الجماعة كانت تخطط الانقلاب عليه، لكني أصف الواقع وأقول إن أردوغان كان يريد بسط سيطرته الكاملة على الجيش للتخلص من احتمالية الانقلاب أبدًا”.
واستبعد الضابط احتمالية إقدام الجماعة على الانقلاب قائلا: “جماعة فتح الله كولن موجودة في الجيش ومؤسسات أخرى للدولة منذ 40 عامًا ولم تفكر في أي وقت مضى في الانقلاب على أي حكومة.. لذا أستبعد أن تكون قد خططت لانقلاب عسكري في الوقت الذي كان يعيش عصره الذهبي في عهد أردوغان”، على حد تعبيره.