بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)- اذا كان الجميع يستعجل أمر الطغاة ويستنكر أفعالهم ويجرمها ، فهذا أمر متوقع محتمل الحدوث ، ولكن يظل هناك سؤال أصلي يحتاج إلى إجابة . والسؤال هو : كيف يفوت الناس جميعا – ممن قضوا سنوات طويلة حول الطاغية زملاء عمل أو رفقاء كفاح أو شركاء هدف أو محللين ومراقبين سياسيين والمستقلين بالدراسة والتحليل – أن يقرأوا شخصية ونفسية وعقلية الطاغية ؟ كيف يصبح الوطني المكافح فجأة طاغية وسفاحا ولصا وكذابا وزعيم عصابة من تجار السلاح والمخدرات وغيرها ؟ أليس الإنسان حصيلة أيامه ولياليه وحصيلة أفكاره ومعتقداته التى آمن بها وأعملها في نفسه وفي سلوكه وحدد على أساسها أهدافه ومرماه ؟
العلامات كثيرة على الطريق الممتد خلال سنوات العمل والكفاح . ولابد أن البعض – وليس فردا أو أفرادا قليلين – تعرفوا على الملامح الحقيقية لشخصية الطاغية في وتبينت لهم حقيقته وخطورة طبعه ، فلماذا لم تنتبه كافة الدوائر التي انقلب عليها الطاغية وشلحها من ممتلكاتها كافة وجردها من وجودها في عكر وطنها ؟ لماذا سمحت تلك القوى لمقدراتها أن تبقى مكشوفة وفي مرمى الطاغية لو شاء اصابتها ؟
البعض قد يعتقد في الحقيقة ، ان القوى الوطنية التي تعمل من أجل بلادها ومن أجل الانسانية بإخلاص ، ربما تميل إلى المخاطرة بنفسها فداءا لاهدافها ، وتؤثر الإيمان ببصيص الأمل في نهاية النفق المظلم على الهروب من الساحة . فالمقدرات المادية – مهما ان كانت – يصنعها وينميها الجهد الإنساني ، ولا تصنع المقدرات الإنسان . ومهما كانت الخسائر المادية كبيرة ، تظل القيمة الإنسانية هى الأكبر والأعلى . وتظل شهادة التاريخ أسمى من كل المكتسبات الآنية الكاذبة . فغدا قتلوا الحقيقة واضحة ، وتعدل تسطع الشمس من جدبد . ولا يزال الحق باقبا . وقد ساق التاريخ أمثلة عديدة في بلاد كثبرة لحقوق نهبت وشوهت ونسبت الى الغير ، ولكنها عادت الى أصحابها كبيرة ضخمة بعد عقود موجعة من عشرات السنين . فالطغاة يموتون حتما ، ويبقى الحق لا يموت أبدا .