بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – هل للكذب حدود يقف عندها ؟ سؤال هام وملحّ، لأنه يعاجل المرء المواجهة المباشرة كلما طالعتنا الأخبار بمزيد من الاضطهاد والتحرش والظلم المنظمين على أيدي الدولة في مجتمعات تتغنى بالحرية والديمقراطية والعراقة والإسلام وحماية الإسلام والمسلمين.
الاضطهاد والظلم يتماديان ويبسطان أذرعهما لتطال مزيدًا من الناس ومن الممتلكات ومن المدافعين عن قيم المجتمعات، باستغلال النظام القضائي وتوجيهه وقولبته ليخدم أهداف النظم الفالتة المفتئتة على الناس ويلقى بالضحايا الى غياهب السجون بأحكام سالبة للحرية وتمتد الى سنوات طويلة مريرة وحيدة من العزلة والهوان.
فتقهر الضحايا في أموالها وفي شرفها وفي أعمارها أمام الجميع بالكذب والزور والبهتان، بينما القادرون من الدول على الوقوف أمام الطغاة يحتكمون في خشوع الى أصوات مصالحهم الآنية مع الطغاة ومع أعوانهم، فتتراجع خطاهم الى الخلف مهزوزة مرتبكة وهم يشيحون بأنظارهم بعيدا عن مواقع الاعنداء وعن المعتدبن الآثمين.
والطغاة يسمون مدارس العلم والتنوير والاعتدال الإسلامي والإنساني بسمات الخيانة وصفات الإرهاب وأوصاف القتلة والفاسدين المعوقين لتقدم الأوطان، ليبرروا الاستيلاء على تلك المدارس وعلى مقدراتها المختلفة ويحولونها الى أبواق دعاية وتمجيد لهم ولأعمالهم المخجلة التي تصور على أنها بطولات.
فكيف يكون؟ وفي عُرفِ مَن؟ يصبح الاعتداء على الناس وعلى كل معارض وعلى كل صوت بطولة؟
وكيف تكون مصادرة ممتلكات الناس ومصادرة ممتلكات منظمات المجتمع المدني العاملة في خدمة المجتمع وفي خدمة الإسلام والسلام الاجتماعي وفي إطار النظم والقوانين بطولة؟
إنها ولا شك بطولة، إذا كان اقتحام حدود دول الغير -دون سند قانوني- بطولة وعملًا قوميًّا يستحق الإشادة.
في الحقيقة، لا يبدو أن للكذب حدودًا أو سقفًا يحدّه ويمنعه من التجاوز، ولكن الكذب قصير العمر بكل تأكيد . فلطالما كذب الكثيرُ وبالغوا في أكاذببهم ونهبوا وسرقوا على تصفيق المداحين من أصحاب المصالح وشركاء الغنيمة -لعلهم يرضون أنانيتهم المريضة- وسرعان ما سقط كل شىء . فلم يبنِ الكذبُ قصرًا باقيًا ولا خلّد التاريخ اسمًا كاذبًا إلا عبرة لكل كاذب، ولكل شىء أجل، ولكل شيء نهاية.