بقلم: هيثم السحماوي
(في الوقت الذي سقط فيه كثيرون في سباق الحياة الطويل، بقي هذا الرجل واقفاً كنخلة نبيلة .. يوزع الأخلاق بيمناه، والعلم بيسراه، محافظاً على العهد والوعد الذي قطعه على نفسه في صمت حين قرأ في عيون تلاميذه احتراماً له، وتعويلاً عليه، وأملاً فيه. فلم يخيب الظنون، ولم يكسر الخواطر، ولم يخن، ولم يسترخص نفسه، ولا ما في رأسه أبداً، وسار في طريقه كما ينبغي للعالم أن يمضي، وصان كرامته كما يجب على الإنسان السوي أن يفعل)
هذه كلمات الدكتور عمار علي حسن، أحد تلاميذ العالم المصري دمث الخلق الدكتور أحمد يوسف أحمد.
هو أستاذ الأساتذة الذي كرمته الدولة مؤخرا بمنحه جائزتها التقديرية في مجال العلوم الاجتماعية.
ويمثل حضرة الدكتور أحمد يوسف لنا كشباب قدوة ونموذج يشجعنا على السير في طريق النجاح والعمل بإخلاص وحب شديدين لأجل مصلحة الوطن، فمن الواضح أنه رجل تربى على حب العلم والتمسك بالأخلاق مهما كانت الصعاب وأيا كانت المغريات، وبسيرته العطرة هذه يحضنا على التفاؤل بالمستقبل والثقة في أنفسنا وهو القائل (أثق في أن هناك الكثيرين من أبناء مصر الشرفاء القادرين على صناعة المستقبل).
عاصر الدكتور أحمد منذ بداية حياته أحداثا في غاية الأهمية، فلقد عاصر وهو في سن الخامسة ثورة يوليو 1952، وفي سن التاسعة عاصر العدوان الثلاثي الذي كان وقع علي مصر، وفي سن الحادية عشر عاش الوحدة المصرية السورية، وفي سن العشرين عانى مع باقي المصريين من هزيمة 67 الدامية، وفي سن الرابعة والعشرين فرح مع كل المصريين بحرب أكتوبر وبالانتصار العظيم.
عمل العالم الدكتور أحمد يوسف أحمد كأستاذ للعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وكاتبا متخصصا في العلاقات الدولية، ولديه العديد من الكتب والأبحاث القيمة.
وعمل في العمل العام في أكثر من مكان من ذلك، عمل سيادته كمدير سابق لمعهد البحوث والدراسات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وعضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان في أول دورة له بترشيح من الأستاذ الدكتور مفيد شهاب، إضافة إلى عضويته في مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية ، ومجلس أمناء جامعة الأهرام الكندية، وسبق لسيادته العمل أيضا كرئيس لقسم العلوم السياسية بكلية التجارة بجامعة صنعاء.
يقول في حقه أحد زملائه وهو سيادة السفير الدكتور مصطفي الفقي: (هو طراز فريد من البشر. لم يلهث يوماً وراء منصب، ولم يتطلع عبر مراحل حياته المختلفة إلى غير مساره الأكاديمي ومكانته العلمية، وظل وفياً لمبادئه وأفكاره. لم يقبل أنصاف الحلول، ولم يساوم من أجل هدف خاص. عرفت فيه الحس القومي الرفيع، والوطنية الصادقة، والزهد في المناصب، بل العزوف عن الأضواء الصاخبة”.
حفظ الله مصر والمخلصين من أبناء الوطن أمثال الدكتور أحمد يوسف أحمد.