بقلم: صالح القاضي القاهرة (زمان التركية) – إن كل فرد منا نحن البشر يخوض رحلة عبر زمن حياته، هذه الرحلة تكون فيها عقبات أحيانا، في أوقات نشعر بأن طاقاتنا المعنوية في أحسن حالاتها بينما في بعض الأوقات نتعثر تواجهنا عقبات تضعف طاقتنا نجد أنفسنا عاجزين حتى عن القيام بأمور كنا نعتاد القيام بها، بلى عزيزي القارئ إن رحلتنا في هذه الحياة ليست سهلة إطلاقا بل هي أشبه بامتحانات متتالية والمتغير فيها هو نوع الامتحان ، لكن أيضا ومن حسن الحظ فإننا لا نسير وحدنا في تلك الرحلة بل هناك من يحبوننا ونحبهم من العائلة والأصدقاء هؤلاء الذين يدعموننا ويشجعونا لإكمال رحلتنا وكتابة قصتنا في الحياة، ولكن كيف لنا أن ندعم معنويا أحبابنا وأصدقاءنا ؟
هل حاولت أن تدعم أحدهم معنويا فإذا بك تجد أن دعمك الذي حاولت تقديمه قد جاء بنتيجة عكسية ؟ أو لديك صديق يحتاج المساعدة ولكن لا تدري كيف تستطيع دعمه ؟ إذا إليك بعض النصائح التي قد تكلل بالنجاح محاولاتك في مساعدة الأخرين ودعمهم معنويا.
أولا اسأل لتفهم
إن محاولة فهم المشكلة أو الأمر الذي يشعر الشخص بالضيق أو الاحباط يبدأ دائما بالسؤال ، وبينما قولك ” كيف يمكنني مساعدتك ؟ ” ينجح في بعض الأحيان ولكنه ليس الصيغة المناسبة دائما ، فوسط المشكلة لا يعرف الإنسان على وجه التحديد ماذا يحتاج أو يريد، الأمر الذي يجعل هذه الصيغة مملة ومحيرة في الوقت نفسه وتجعل صاحب المشكلة في حرج.
الأفضل أن تسأل عن الموضوع الذي يسبب مشكلة للشخص، وكلما كانت على معرفة بالأسباب فهذا سيمكنك أكثر من طرح السؤال الأفضل فمثلا يمكنك أن توجه إلى صاحب المشكلة سؤالا من قبيل ” يبدو أنك مستاء من أمر ما، هل تود التحدث عن هذا الأمر ؟” أو ” أعلم أن مشاكل الشغل لديك كثيرة، كيف تتعامل مع الأمر؟” .
وفي حالة ما كنت تلاحظ على أحدهم أنه يمر بصعوبات ما وتريد أن تساعده ولا تدري كيف تفعل فربما سؤال عام عن حاله سيكون بداية جيدة كأن تقول له ” كيف تسير الأمور معك؟ هل كل شيء على ما يرام؟” .
ثانيا استمع بعناية
إن كنت تريد فعلا تقديم المساعدة والدعم المعنوي عليك الاصغاء جيدا والتركيز فيما يخبرك به صاحب المشكلة وإظهار التعاطف والمساندة سواء من خلال التعليق أو لغة الجسد، وإليك تقنيات تساعدك على ذلك
١- تبنى لغة جسد منفتحة ومطمئنة ، توجه بكامل جسدك تجاه المتحدث، اجعل تعبيرات وجهك مسترخية وهادئة، افتح ذراعيك، ولا تضع قدما على الأخرى أثناء الاستماع .
٢- ضع التليفون جانبا ، وتجنب الانشغال بالإجابة على الرسائل أو متابعة السوشيال ميديا .
٣- بدلا من قطع كلامهم حاول أن تعبر عن الاتفاق معهم من خلال إشارات التأييد المتعارف عليها مثل هز الرأس ، ولكن هذا لا يمنع أيضا من الاستفسار والاستيضاح الذي قد تطلبه بشأن المشكلة.
٤- حاول أن تلخص ما أخبرك إياه في نقاط معينة ، فهذا سيعينك على أداء مهمتك وسيجعل الشخص يشعر بأنك فعلا مهتم وتصغي له .
إن مهارات الاستماع الجيد كفيلة بأن تعطي الشخص الذي يعيش موقفا صعبا دعما نفسيا أكثر مما قد نتخيل، ولكن أليس كلنا يعرف ذلك بمجرد أن تحكي لشخص تحبه وتثق فيه عن ما تشعر به من ألم نفسي تتسرب الراحة إلى داخلك .
ثالثا التصديق :
هل تتذكر أخر مرة مررت فيها بمشكلة ثم توجهت مباشرة إلى أكثر شخص تثق فيه وقصصت عليه ما مررت به، ولكن لم تطلب منه أن يحل محلك ويقوم هو بحل المشكلة بل حتى إنك لم تطلب من أن يجد لك حلا، بل على الأرجح كل ما كنت تريده هو التنفيس عما في داخلك وإعلام شخص تثق في أنه يصدق ما تقول ، ويتفهم ما تشعر به من .
إن الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في حياتهم الشخصية أكثر ما يحتاجون إليه هو إعلام أشخاص يثقون فيهم بما يمرون به من صعوبة ، قد لا يحتاجون إلى أن تقفز مسرعا لتقديم المساعدة، بل يحتاجون منك أن تستمع إليهم وتظهر عناية خاصة وتعاطف مع ما يمرون به، ويمكنك استخدام جمل تساعدك على أداء مهمتك مثل ” اشعر بالأسى لما تمر به ، إن ما تمر به فعلا وضع مؤلم” أو ” فعلا هذا وضع صعب، أنا أفهم الآن لماذا تشعر بكل هذا الألم “.
رابعا لا توجه حكما، وتغاضى عن النصيحة
أثناء الاستماع إلى مشكلة أحدهم من المهم للغاية ألا تصدر حكما أو انتقادا، ولا تستصغر المشكلة التي يتعرضون لها، فأنت لا تشعر بما يشعر به ولا تعرف ما يمر به من أذى نفسي ، كذلك جميعنا عندما نواجه مشكلة أو تحديا ما لا نحتاج إلى النقض أو سماع أحكام تصدر علينا من قبل الأخرين، والشخص الذي يحتاج دعما معنويا يكون قد قام بتلك العملية بالفعل من خلال نقد نفسه الذاتي ، ولذلك فرأيك الشخصي بأنهم اخطأوا في فعل كذا أو كذا أبقيه هذا الرأي لنفسك بصورة تامة، ويفضل أيضا أن لا توجه أسئلة توجه إليهم لوم بصورة غير مباشرة مثل مثلا شخص مديره يعامله بصورة سيئة طوال الوقت ، فلا يصح أن تسأله ” ولكن ما الذي فعلته له حتى يعاملك هكذا؟” ، عليك أيضا أن تنتبه لنغمة صوتك فقد تحمل اتهاما أو انتقادا بدون أن تشعر .
لا تبدأ في اعطاء النصائح ، قد تظن أن ابداء النصح وعرض حل للمشكلة قد يساعد في الدعم المعنوي، ولكن عليك أن تعرف أنه غالبا الأشخاص لا إن لم تطلب منك النصيحة فهي لا تحتاج إلى النصيحة ، الأفضل على الأرجح أن تقوم بطرح أسئلة حول المشكلة بحيث تساعد الشخص نفسه في إيجاد حل مناسب لنفسه ، مثلا يمكنك أن تسأل ” هل تعرضت لموقف مشابه لهذا من قبل ، ماذا فعلت للتخلص من هذا الوضع آنذاك” أو ” ماذا تعتقد أنه لو تغير سيجعلك تشعر أفضل ؟” .
خامسا ساعدهم على الوقوف مرة ثانية ، وادعم حلولهم الذاتية
عندما نعيش وضعا صعبا أو نواجه تحديات ذاتية يدخل في ضمنها رفض الغير ، نشعر بعدم ثقة في أنفسنا، ونحتاج إلى أحدهم يذكرنا بنقاط القوة التي نتمتع بها ، ولذلك عندما تقوم بدعم من تحب عليهم عليك أن تذكره بالأمور التي يجيدها وأن تلقي الثناء عليه ، ولكن من المفيد أن تهتم بعدة أمور مثل : من المهم أن يكون مركز الحديث هو الوضع الذي يمر به الشخص، فمثلا إن كان سبب المشكلة أخطاء في العمل ، عليك أن تذكره بأن هذا مجرد استثناء وأن تمتدح أسلوبه المعتاد في العمل، ابتعد عن المدح الفارغ من المحتوى، بل اجعل المدح مركز على نقاط القوة التي يتمتع بها.
إذا كان الشخص يعتقد بأنه وجد حلا لمشكلته وأنه يستطيع أن يتغلب على وضعه الصعب الذي يمر، فكل ما عليك فعله هو تأييد قرارهم هذا حتى ولو كان لديك شكوك في مدى فاعلية هذا الحل، ففي النهاية لا تدري كيف ستتحول الأمور ، ولكن إن سألك صاحب المشكلة عن رأيك في الحل الذي توصل إليه ،فحينها يمكنك أن توجه إليه نصائح بسيطة من شأنها أن تجعل الحل الذي يفكر فيه أكثر
فاعلية .
أخيرا وليس أخرا
عزيزي القارئ إن الدعم المعنوي ليس شيئا ماديا ملموسا، ولذلك قد لا تشعر بنفعه وفاعليته بصورة مباشرة، خاصة وأنت وسط مشكلة أو وضع تحاول التغلب عليه، لكن الدعم المعنوي يذكرنا ونحن وسط المشكلة بأننا لسنا بمفردنا، بل هناك أحبابنا وأصدقاءنا الداعمين لنا، والذين يمكن أن نعتمد عليهم، وكذلك هو الشعور نفسه الذي يشعر به من كل من تحاول دعمه معنويا، تذكر دائما أن الحياة صعبة بالفعل، وببعض الدعم والمساعدة منك والاستماع للاخرين قد تساعد في جعل حياة أحدهم أفضل وأيسر، فكل مشكلة تصغر عندما نتقاسمها مع من نثق ونحب .