تقرير: محمد عبيد الله
إزمير (زمان التركية) – على الرغم من أن الرواية الرسمية تشير إلى أن منفذ الهجوم المسلح على مقر حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في إزمير غرب تركيا أونور جينسر، خطط لجريمته “بدافع شخصي”، لنفي أي صلة محتملة مع التحالف الحاكم، إلا أن النائب البرلماني المعارض أحمد شق وصف الحادث بأنه كان “هجومًا فاشيًا منظمًا”.
جاء في البيان الصادر عن مكتب المدعي العام أن أونور جينسر، منفذ الهجوم، كرر ما أدلى به أمام الشرطة، وقال: “خططت للعمل بنفسي. حصلت على السلاح بنفسي. كان هدفي إرضاء نفسي”.
البرلماني أحمد شق، الذي انتقل مؤخرًا من حزب الشعوب الديمقراطي إلى صفوف حزب العمال التركي، قال في سلسلة تغريدات على تويتر يوم الجمعة: “السلطات أبعدت مرتكب جريمة القتل السياسية المخطط لها عن أعين الجمهور في غضون 24 ساعة دون تسليط الضوء عليه وصلاته المحتملة بالتحالف الحاكم”.
https://twitter.com/sahmetsahmet/status/1405830707566497793?s=20
الوثائق والصور التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي كشفت أن منفذ الهجوم المسلح على مقر شعبة الحزب الكردي غرب البلاد هو أحد القوميين الذين تلقوا تدريات في سوريا مع الجهاديين بعد تجنيده من قبل شركة “سادات” الأمنية التابعة للمستشار السابق للرئيس أردوغان، وهي الشركة عينها التي كشف مؤخرًا زعيم المافيا سادات بكر أنها أرسلت السلاح إلى جبهة النصرة.
أحمد شق، الذي كان من الصحفيين الاستقصائيين المعروفين على الصعيد الدولي قبل انخراطه في السلك السياسي، تساءل، قائلا: “ما هي صلات القاتل؟ إلى أي كيان سياسي ينتمي؟ ماذا كان يفعل في سوريا؟ كيف اشترى سلاحه؟ إذا كان سلاحًا ناريًا مسجلاً فكيف حصل على ترخيص بهذه السهولة؟ لماذا لم يتم توسيع التحقيق على مكالماته الهاتفية؟ العديد من الأسئلة لا تزال دون إجابة”.
في خطوة “مفهومة”، كشف أصحاب المتاجر في محيط موقع الهجوم المسلح، أن رجال الشرطة أخذوا تسجيلات كاميرات المراقبة، ثم حذفوا المحتوى، دون أن يقدموا لهم أي مبرر قانوني.
ومن المثير أيضًا أن حساب منفذ الهجوم أونور جينسر على موقع إنستجرام، الذي اتجهت إليه الأنظار عقب الحادث، تم إغلاقه من قبل مجهولين بينما كان محتجزًا يتم التحقيق معه في مركز الأمن، مما دلّ على أنه لا يتحرك بمفرده بل هناك متواطئون معه في هذه الجريمة التي استهدفت إحداث الشرخ في النسيج الاجتماعي.
الشرطة ألقت القبض على جينسر يوم الخميس بعد وقت قصير من تنفيذه الهجوم على مقر شعبة حزب الشعوب الديمقراطي في إزمير وإطلاقه الرصاص على داخل المبنى، مما أسفر عن مقتل المتطوعة في الحزب دنيز بويراز بستّ رصاصات.
HDP İzmir il binasına saldıran Onur Gencer ile polisin ilk diyaloğu: pic.twitter.com/L6chtDXVq8
— Etkili Haber (@etkilihaber) June 17, 2021
وقال المتهم في شهادته الأولى بمركز الشرطة إنه “كان سيطلق النار على آخرين أيضًا لو صادفهم”، وقد تبين أنه أطلق النيران على كل باب مغلق، مما يشير إلى أنه كان يخطط لارتكاب مجزرة كبيرة تحدث في البلاد بلبلة وفوضى كبيرة.
ورغم أن المتهم جينسر أكد أنه أطلق 10 طلقات، لكن كان هناك ما لا يقل عن 18 رصاصة فارغة وثقها الصحفيون بعد الواقعة مباشرة، مما يكشف أنه كان هناك أشخاص آخرون متواطئون معه، لكن السلطات تصر على أنه شخص واحد “مختل عقليا”.
وأشار النائب البرلماني أحمد شق إلى أن التحريات كشفت عما مجموعه 33 ثقبًا جراء آثار الرصاص في جدران مكتب الحزب، متسائلاً: “إذا كانت أقوال المجرم صحيحة فمن أطلق الطلقات المتبقية يا ترى؟”.
وتابع أحمد شق: “هذا الهجوم ليس عملية استفزازية. هذا القتل السياسي هو هجوم فاشي منظم تم التخطيط لكل خطوة منه وتنفيذه دون الحاجة إلى إخفاء شيء”.
وأفاد: “إن السلطات تحاول أن تقنعنا بأن القاتل ذئب وحيد مجنون. نعم، لا شك أنه ذئب، لكنه ليس وحيدًا”، في إشارة منه إلى رمز تنظيم “الذئاب الرمادية” القومي الذي يرفعه حزب الحركة القومية حليف حزب أردوغان.
وأردف أحمد شق: “كل من ينظم تجارة الكوكايين بين أمريكا الجنوبية وتركيا، ومن حوّل القضاء إلى أداة لتوزيع الرشاوى، ومن يبتز رجال الأعمال للحصول على 10 ملايين يورو منهم، فهؤلاء هم مرتكبو هذه الجريمة السياسية”، مشيرًا بذلك إلى المزاعم التي ساقها زعيم المافيا سادت بكر حول تورط كل من وزيري الداخلية الأسبق محمد أغار المنتمي لحزب الحركة القومية، والحالي سليمان صويلو نائب رئيس حزب العدالة والتنمية المنحدر من التيار القومي أيضًا، بتجارة المخدرات وممارسات الفساد وابتزاز رجال الأعمال للسيطرة على أصولهم وشركاتهم.
من جانبه، قال حساب “نبض تركيا” الشهير على تويتر والمختص في الشأن التركي: “بأغلب الاحتمال، حليف أردوغان القومي المتطرف حزب الحركة القومية هو المحرض كما سبق أن تورط في أعمال مشابهة”، ولفت في تغريدة أخرى إلى أنه يعتقد أن أردوغان هو المخطط الأكبر، والحزب القومي هو المنفذ، ولأردوغان أهداف وخيارات مختلفة سوف يطبقها وفقا للتطورات، بحسب رأيه.
وأضاف قائلا: ” أردوغان يرى أن تحالفه مع القوميين يضمن له البقاء في السلطة بشكل أو بآخر لكنه يلاحظ أن ذلك يفقده الدعم الشعبي. كل نظام ولو كان دكتاتوريا يولي اهتماما كبيرا بالدعم الشعبي معتبرا إياه نوعا من الشرعية على إجراءاته. لذا فإن أردوغان إما سيؤسس دكتاتورية كاملة مع القوميين أو سيتجه إلى خيار آخر”، على حد قوله.
وزعم أن أردوغان سيجرب إثارة “موجة قومية” كاسحة من خلال هذه الهجمات على الأكراد، مثلما فعل عقب خسارته الحكومة المنفردة لأول مرة في انتخابات 2015، بسبب دخول 80 نائبًا كرديًا إلى البرلمان، لكنه إذا فشل في ذلك سيتجه إلى التخلص من “عبء القوميين” والبحث عن حلفاء جدد، محملا إياهم مسؤلية الهجمات على الحزب الكردي.
وواصل نبض تركيا قائلا: “أردوغان سوف يطبق السيناريو ذاته (سيناريو 2015) مع بعض التحديثات الضرورية (التي تقتضيها المرحلة الحالية)، لكنه إذا فشل في ذلك سوف يبيع حليفه القومي الحالي، وقد يتجه للتحالف مع الأكراد؛ مقدما نفسه كمنقذ لهم من هجمات القوميين كما فعل في 2011″، عندما أعلن مفاوضات سلام مع حزب العمال الكردستاني، بدعوى حلّ القضية الكردية المزمنة.
1) كنت نشرت هذه التغريدة بعد وقوع الاعتداء المسلح الفاشي على الحزب الكردي مباشرة وكل التطورات أثبتت صحة هذا التحليل حيث ثبت أن المنفذ من تنظيم الذئاب الرمادية القومي
أعتقد أن أردوغان هو المخطط الأكبر والحزب القومي هو المنفذ وله أهداف وخيارات مختلفة سوف يطبقها وفقا للتطورات https://t.co/KXmnoY5wW7
— نبض تركيا NabdTurkey (@nabdturkey) June 18, 2021
وكان أردوغان أمر جهاز المخابرات في 2011 بإجراء مفاوضات مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه، من أجل التوصل إلى حل للقضية الكردية، إلا أنه أمر بوقف تلك المفاوضات في عام 2015 بعدما أسفرت عن نتائج عكسية لرغبته في الحصول على أصوات الأكراد، حيث أيد الأكراد حزب الشعوب الديمقراطي بدلاً من حزبه في انتخابات 2015، وتسببوا في فقدان حزبه الحكومة المنفردة، مما دفعه إلى التحالف مع حزب الحركة القومية واستعادة الحكومة المنفردة بعد قرار إعادة الانتخابات ذاتها.
وهنا يجب أن نتذكر خبرًا نشرته مؤخرا وكالة أنباء “الفرات” عن إرسال أردوغان في الأشهر الماضية وفداً إلى حزب العمال الكردستاني، رغم أنه يصنفه “تنظيما إرهابيا”، استنادًا إلى تصريحات أدلى بها عضو اللجنة التنفيذية للحزب مراد قرايلان.
لا نملك في الوقت الحالي معلومات من شأنها أن تسلط الأضواء على ما جرى بين الوفدين، لكن إذا صح تحليل نبض تركيا فإنه من الممكن أن نتوقع أن أردوغان إما كلف رجاله داخل حزب العمال الكردستاني بتنفيذ هجمات مضادة لهجمات القوميين الأتراك على الأكراد للاستفادة من النتائج التي ستخلقها الفوضى والبلبلة في رفع مستوى دعمه الشعبي، كما فعل بعد خسارة انتخابات 2015؛ أو أنه أعرب عن نيته التفاوض مع العمال الكردستاني من أجل فتح صفحة جديدة من مفاوضات السلام بعد التخلي عن حليفه القومي الحالي.
الخلفية التاريخية لاستغلال الصراع التركي الكردي
نورد هذا الجزء نقلا عن كتاب “قصة تركيا بين أردوغان الأول والثاني” لمؤلفه الصحفي والمحلل السياسي التركي “يافوز آجار”، لتوضيح صورة الاستغلال السياسي للصراع الكردي – التركي الذي تصطنعه وتغذيه كل حكومة فشلت وخرجت عن قيود القانون والدستور:
كان حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان فقد أغلبيته البرلمانية لأول مرة منذ وصوله إلى الحكم في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 حزيران 2015، بحصوله على 40% من أصوات الناخبين فقط، الأمر الذي منع حزبه من تأسيس حكومة منفردة.
وهذا الأمر كان يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبل أردوغان والنظام الذي يتطلع إليه حتى ولو كان حزبه الشريك الأقوى في حكومة ائتلافية محتملة؛ فقد كان بحاجة إلى حكومة منفردة قوية لحزبه حتى ينقذ نفسه من احتمالية المحاكمة على جرائمه في الفساد والإرهاب من جهة؛ ويضمن نقل تركيا إلى النظام الرئاسي من جهة أخرى.
كان صلاح الدين دميرتاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، من تسبب في حصول هذه النتيجة الكارثية لأردوغان، حيث تحدى أردوغان قائلا: “لن نسمح لك بإقرار النظام الرئاسي في تركيا”، فتخطى حزبه العتبة الانتخابية، وحقق نجاحًا كبيرا بحصوله على 80 مقعدًا ودخوله إلى البرلمان كحزب مستقل، بعد أن كان الأكراد يدخلون البرلمان فرادى كمرشحين مستقلين، الأمر الذي دفع أردوغان إلى الانتقام منه باعتقاله بذريعة دعمه لتنظيم حزب العمال الكردستاني الذي تفاوض هو نفسه معه لإقامة السلام الكردي.
ولما خسر أردوغان دعم الأكراد زال “السبب” الذي كان يجري مفاوضات السلام الكردي مع العمال الكردستاني من أجله، فزعم في 17 يوليو/ تموز 2015 أنه لم يكن على علم بمحادثات “دولما باهتشه” التي أجرتها حكومة أحمد داود أوغلو مع النواب الأكراد لإضفاء الصفة الرسمية على تلك المفاوضات، وأكد أنه لا يوافق عليها، رغم أنه من أطلق تلك المفاوضات وأعلن دعمه لها طيلة السنوات الماضية. لكن أردوغان كان بحاجة إلى ذريعة لإنهاء المفاوضات بشكل رسمي.
توظيف الإرهاب لإعادة الحكومة المنفردة
في 22 يوليو/ تموز 2015 وقع هجوم انتحاري نسب إلى تنظيم “داعش” الإرهابي، استهدف شبابًا مناصرين للقضية الكردية بمركز ثقافي في بلدة سوروتش الحدودية مع سوريا، وأودى بحياة 32 شخصًا على الأقل. كما عثرت القوات الأمنية في صبيحة هذه الواقعة على شرطيين قتلا في فراشهما ببلدة “جيلان بينار”. ومع نسبة هذا الهجوم إلى العمال الكردستاني بادعاء الانتقام من شرطيين كانا على اتصال بداعش الذي قتل 32 كرديًّا أمس، إلا أن “ديمهات آجيت” المتحدث باسم اتحاد المجتمعات الكردستاني نفى صحة هذا الادعاء، ونوّه الكاتب الكردي المعروف “أميد فرات” بأن الأسلوب المستخدم في قتل الشرطيين ليس من أساليب العمال الكردستاني المعهودة، مؤكدًا أن “الجهة” التي أمرت بتنفيذ الهجوم جعلت بعض المجموعات المرتبطة بالعمال الكردستاني تتبنى هذا الهجوم.
بعد أسبوع من هذين الهجومين المنسوب أحدهما لداعش والآخر للعمال الكردستاني، وعلى وجه التحديد في 28 يوليو/تموز 2015، أعلن أردوغان بشكل رسمي انتهاء مفاوضات السلام الكردية، مما يدل على أنه نجح في اختلاق الذريعة اللازمة للنكوص عن سياسته القديمة ليبدأ بعدها فترة جديدة مليئة بالاشتباكات الدموية. ومن اللافت أيضا في هذا الصدد ما قاله يالتشين أكدوغان، كبير مستشاري أردوغان لصلاح الدين دميرتاش عقب تحديه أردوغان ودخوله البرلمان وعرقلته تشكيل حكومة منفردة: “إذا قلتم إننا لن نسمح لك بفرض النظام الرئاسي، فإنه لا يمكن أن يحدث غير ما حدث اليوم! فليس بمقدور حزب الشعوب الديمقراطي بعد اليوم إلا أن يصوّر فيلمًا سينيمائيًّا بعنوان مسيرة السلام الكردية فقط”.
ولما فقد أردوغان دعم الأكراد احتاج إلى موجة قومية ليعوِّض خسارته هذه بالحصول على أصوات القوميين الأتراك. وبعد الإطاحة بطاولة مفاوضات السلام الكردية اتخذ أردوغان قرارًا بالعودة إلى العمليات المسلحة ضد العمال الكردستاني، لكن الفارق هذه المرة أن العمليات الأمنية الجديدة لم تقتصر على المناطق الجبلية فقط وإنما وسع أردوغان نطاقها لتشمل المناطق والبلدات المأهولة بالسكان “المدنيين” من المواطنين الأكراد. وبعد عودة النزاع المسلح بين الطرفين مرة أخرى تحولت كل أنحاء تركيا إلى ساحة دماء بسبب الهجمات المنسوبة للعمال الكردستاني والتي حصدت أرواح أكثر من ألف فرد من عناصر الأمن وحوالي 10 آلاف من عناصر العمال الكردستاني، بالإضافة إلى مئات المواطنين المدنيين.
ولا شك أن استئناف أردوغان للعمليات الأمنية وتحويل شرق تركيا إلى ساحة حرب فيما يشبه العقاب الجماعي للأكراد جميعًا بسبب عدم تصويتهم له في انتخابات 7 يونيو/ حزيران السابقة أسهم في ترسيخ الانفصال الذهني والعاطفي لدى الأكراد؛ كما ساعدت هذه العمليات في الوقت نفسه على توجه القوميين بقيادة حزب الحركة القومية إلى دعم حزب العدالة والتنمية.
وفي 10 أكتوبر / تشرين الأول 2015 شهدت العاصمة أنقرة أكبر مجزرة إرهابية دموية على مدى تاريخ تركيا نسبت إلى داعش أيضًا، استهدفت عشرات الآلاف من المشاركين في تظاهرة بعنوان “العمل والسلام والديمقراطية”، مما أدى إلى مقتل أكثر من 110 أشخاص وإصابة المئات، أغلبهم من الأكراد. وكشفت التحقيقات أن منفذ العملية هو المدعو “يونس أمره آلاجوز” شقيق “الشيخ عبد الرحمن آلاجوز” الذي نفذ هجوم سروتش قبل 3 أشهر من هذا الحادث وقتل 32 شابًا كرديًّا أيضًا. لكن زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش اتهم “الدولة” حينها بالوقوف وراء هذا الهجوم.
كما كشفت وثيقة “سرية للغاية” أعدها مركز الاستخبارات التابع للاتحاد الأوروبي (إي.يو إنتسن) ونشرها موقع “أحوال تركية” في 2018، أن الهجوم الإرهابي الذي وقع بالعاصمة أنقرة عام 2015 وحصد أرواح أكثر من 100 مواطن مدني تم بـ”تكليف خاص” من حكومة حزب العدالة والتنمية نفسها لعناصر داعش.
ومن العجيب جدًّا ما صرح به رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو بعد بضعة أيام من هذا الهجوم الدموي، حيث قال: “لقد أجرينا استطلاعًا للرأي بعد مجزرة أنقرة الإرهابية لجسّ نبض الرأي العام، ولاحظنا ارتفاعًا ملموسًا في نسبة الدعم لحزبنا”، وقد دفعت هذه التصريحات المعارضة للتقدم باستفسار برلماني دعت فيه داود أوغلو إلى الكشف عن دلالة هذه التصريحات.
أردوغان يستعيد الحكومة منفردًا بأصوات القوميين
آتت “لعبة الإرهاب” بين داعش والعمال الكردستاني أكلها وحققت “المطلوب” منها لحزب العدالة والتنمية وهو توجه أصوات القوميين إلى حزب العدالة والتنمية، فأعلن أردوغان عن انتخابات برلمانية مبكرة في الأول من نوفمبر / تشرين الثاني 2015 واستعاد حزبه تشكيل الحكومة منفردًا على طبق من ذهب بعد أن حصد دعم نصف الناخبين، بفضل أصوات القوميين الأتراك، وهو ما فعله مجددًا قبل الاستفتاء الشعبي حول النظام الرئاسي حيث عقد تحالفًا مع حزب الحركة القومية، وأطلق أولاً عملية درع الفرات في الأراضي السورية لإثارة موجة قومية جديدة في الداخل، ثم حصل على موافقة الشعب على هذه التعديلات الدستورية بشكل أو بآخر عام 2017، ثم نفذ عملية “غصن الزيتون” العسكرية في شمال سوريا ضد مقاتلي حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري، وأعلن في 18 أبريل/ نيسان 2018 عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 يونيو/ حزيران 2018 استطاع من خلال تحالفه مع القوميين أيضا أن يصبح “رئيس الدولة” في ظل النظام الرئاسي الذي يوسع من صلاحيات الرئيس، ليضمن مستقبله ومستقبل حلفائه في ظل هذه الصلاحيات شبه المطلقة.
فهل سيكرر التاريخ نفسه مرة أخرى بعد ستّ سنوات أم أن الشعب التركي والكردي استخلص الدروس اللازمة مما تعرضوا له حتى اليوم ولن تنطلي عليهم لعبة أردوغان هذه المرة؟
–