بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – الضمير المجتمعي لا يهاب أحدا ولا يجامل أحدا ولا يرى أحدا فوق النظام أو غير قابل للوم ، وليس هناك من هو معفى من المسؤولية . فالمجتمعات طبقات ومستويات – من مناح كثيرة – ولا اعتراص لأحد على ذلك , لأنها طبيعة البشر وطبيعة المجتمعات البشرية .
والناس تتباين في قدراتها وامكاناتها ومواردها وحسبها ونسبها ، لكنها في النهاية مكونة من أفراد من البشر السواسية الذين يتمتعون بقامة إنسانية واحدة أمام المجتمع ، بحيث لا يمكن لأحد أن يكون فوق النظام ولا أن يتعالى على قيم المجتمع الذي يعيش فيه .
في تقرير فني أذاعته قناة إعلامية شهيرة عن أحد نجوم الفن العالميين ذكرت القناة أن النجم موضع التقرير – مثله في ذلك مثل نجوم آخرين – قد وقعوا في مصائد الخيانة الزوجية ، رغم المكانة الرفيعة لكل من هولاء النجوم . وأوضح القناة في التقرير الفني أن النجم الكبير متزوج وله أبناء من الشباب الآن ، مثل ما له من نجاحات فنية كثيرة ومتتالية . وذكر القناة الشهيرة أن النجم الكبير قد نال عفو زوجته عن واقعة الخيانة الزوجية ، ولكنها اختتمت تقريرها بقولها : ” لا تعتقد أيها النجم أن عفو زوجتك عنك يمسح واقعة الخيانة كأنها لم تكن ، بل سوف تكون ذكرى واقعة الخيانة الزوجية ملازمة لك للأبد ، وستظل أنت موصوما بهذه الخيانة التي ارتكبتها ، فأنت – للأسف – خائن ” .
وقد أعجبتني هذه النزاهة وهذه الشجاعة الاعلامية التي لم يردعها عن قول الحق نجومية طاغية ولم تلهها مغريات مادية أو أطماع تجارية . فلم تشفع نجومية الفنان الكبير له ، ولا أسعفته أمواله الكثيرة وصلاته المتشعبة في كافة الأوساط في المجتمع في حمايته من حكم أخلاقيات المجتمع التي علقت خيانته الزوجية في رقبته وحرصت على تذكير النجم بخيانته وبأنه خائن في تقارير يشهدها العالم أجمع كل يوم ولسنوات كثيرة قادمة . وهذا الفصل بين مكانة الإنسان والنظام العام وبين مكانة الانسان أو مكانة المواطن وأخلاقيات المجتمع هو من أهم ما يميز المجتمعات المتقدمة ، وربما من أهم ما توصلت اليه بصيرة الإنسان في بحثها عن الحقيقة .