بقلم: صالح القاضي
القاهرة (زمان التركية) – لم يكن أبدًا النزاع العربي الإسرائيلي ولا ما فعلته أحلام الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة نزاعا عادلا بل كان نزاعا لا يعلم عنه إلا القليل في المجتمع الغربي، والميديا الداعمة للاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة، لكن كانت بداية هذا الظلم في عصر لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة وكان يتم تضليل الوعي العام الغربي من خلال وسائل الإعلام الصهيونية أو الداعمة للصهيونية العالمية، لكن اليوم الوضع مختلف، والحسابات مختلفة.
في عصر السوشيال ميديا لم تعد القضايا الهامة هي فقط حديث النخبة ولكن أصبح تغيير أي أمر مرهون بالوعي العام العالمي فكل فرد عليه مسؤولية ويستطيع أن يصنع فارقا في العالم من خلال الرأي الذي يتبناه ويتشاركه مع الآخرين، ورغم أن تجدد القضية كان عبر حدث يعد بسيطا وهو إجبار سكان حي الشيخ جراح على النزوح عن منازلهم إلا أن تداول القضية عالميا ألقى الضوء على الكثير من الظلم الذي يقبع تحته المواطن الفلسطيني في وطنه المغصوب لصالح أشخاص لديهم فكرة مريضة تتمثل في أنهم لهم حق في إقامة وطن لليهود فقط رغم أنهم في بلادهم الأصلية غالبا يتمتعون بكامل حقوقهم في ممارسة دينهم، أضف إلى ذلك أن الصهيونية العالمية لعبت دورا كبيرا في استخدام مأساة الهولوكوست التي لم تقع لا على يد العرب أو المسلمين بل قام بها هتلر، ولكن السعي لاستثمار هذه المأساة تم من خلاله استصدار قانون يحرم “معاداة السامية” وهكذا استخدمت الصهيونية العالمية هذا القانون لممارسة عملية إرهاب فكري لكل شخص قد تسول له نفسه الاعتراض على ما تقوم به الصهيونية العالمية وإلصاق التهمة به وهي معاداة السامية والتي تعني في الفكر الغربي أن الشخص يتبنى ما قام به هتلر من عمليات قتل جماعي لليهود في أوروبا، وبالطبع حتى وإن كان الشخص لا يقصد من انتقاده سوى ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من قتل وتشريد وتهجير لأصحاب الوطن الأصليين، وتدعي السطات الصهيونية أنها دولة تكافح الإرهاب وهذا ما تستخدمه في وسائل الإعلام الغربي، وهكذا تنقلب الحقائق على يد أشخاص متمرسين في صناعة الوهم وتصديقه لم تكن هناك سوى فلسطين وهي دولة كان يعيش بها المسلمون والمسيحيون واليهود في سلام حتى أربعينات القرن الماضي واستقدام مليشيات صهيونية إرهابية لدولة فلسطين قامت تلك المليشيات المسلحة بتهجير المواطنين المدنيين وقتلهم ومحاولة طمس الهوية الأصلية للدولة الفلسطينية وتحت ضغط ودعم من بعض القوى العالمية الكبرى التي يلعب في صياغة سياستها اللوبي الصهيوني تم دعم تلك المليشيات الصهيونية المسلحة التي استولت على وطن بأكمله، وتم الاعتراف بهؤلاء المستعمرين ومحاولة تجميل صورة ذلك الكيان المستعمر على مستوى العالم، وكم كلف ذلك العالم ! وكم كلف هذا الكيان الاستيطاني الشرق الأوسط من عدم استقرار!
لكن اليوم ومع صعود الأصوات التي تعي أصول المشكلة ولا تقبل بما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين، ودعم للمقاومة الفلسطينية من قبل الوعي العام العالمي، ففي كل أنحاء العالم يطالب الجميع بواقع أكثر عدالة لكل إنسان، والعدالة غائبة في بعض الدول حول العالم ولكن وإن كان الظلم ينتصر اليوم فإنه لن يبقى ولن يستمر وكما يقال “دولة الظلم ساعة ودولة الحق كل ساعة”
ختاما إن القضية ليست هي حي الشيخ جراح ولا غزة ولكنها فلسطين وكيان صهيوني محتل ليس له أي حق فكل مواطن ينتمي لما يسمى بدولة إسرائيل هو مواطن ينتمي في الحقيقة لدولة ما حول العالم، بينما المواطن الفلسطيني أبا عن جد يجد نفسه مضطرا لأن يهاجر ويترك وطنه ليعيش في غربة لا تنتهي بل ولا يكون له حق في العودة لوطنه الأم.
إن المعركة الحقيقية هي معركة وعي إنساني عام يؤمن بالعدالة فبدون العدالة لا يتحقق السلام الحقيقي، أما عن الحليف الأمريكي فلن تنسى الإنسانية عبر تاريخها القادم ما قام به المستوطنون الأوروبيون من إبادة للمواطنين الأصليين لأمريكا، إن الوعي الإنساني العادل لن يسمح بتكرر تلك المأساة في أرض فلسطين، فالصراع الحقيقي هو ليس بين الكيان الصهيوني والعرب أو المسلمين بل هو صراع بين فكرة الاحتلال والاستيطان وفكرة العدالة والحق في نضال الاحتلال والاستيطان.