أنقرة (زمان التركية) – استهدف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، زعيم المافيا التركي، سادات بكر لأول مرة منذ هجوم بكر على عدد من الشخصيات البارزة وفضح تورطهم في أعمال غير قانونية، حيث قال اردوغان: “سنفسد السيناريو القذر الذي يحيكه ضدنا”.
في بيان بعد اجتماع مجلس الوزراء، استهدف أردوغان ضمنيًا “سادات بكر” الذي يشغل الرأي العام التركي منذ أسبوعين، بسبب بمزاعم خطيرة سردها في مقاطع فيديو بثها مؤخرًا. عبر يوتيوب.
وقال أردوغان: “إن عصابات الجريمة مثل الأفعى السامة، إذا دخلت معها نفس الكيس، فستوافق على ما سيحدث لك لاحقًا”.
وأكد الرئيس التركي متحدثًا عن تصريحات سادات بكر، دون الكشف عن اسمه بشكل صريح: “سنقوم بتعطيل هذا السيناريو القذر”.
ادعى أردوغان أن حكومة حزب العدالة والتنمية قضت على المنظمات الإجرامية وأنقذت تركيا منها، على الرغم من العلاقات العلنية بين حزب العدالة والتنمية ومنظمات إجرامية، حيث كان سادات بكر نظم العديد من المسيرات واللقاءات الجماهيرية لجمع الأصوات لحزب العدالة والتنمية، بل إنه هدد باسم أردوغان المعارضين قائلاً: “سنسيل دمائهم مثل الأنهار ونعلق أجسادهم على أعمدة الإنارة في الشوارع”، على حد تعبيره.
وتابع أردوغان: “إن حزننا الأكبر هو أن نرى أنه لا يزال هناك أناس بائسون ومنسلخون عن الأخلاق في بلدنا بحيث يأملون في الحصول على مساعدة من العصابات. أود أن أذكركم بحقيقة أن أولئك الذين يمتنعون عن إدانة حتى حزب العمال الكردستاني وأنصاره بصدق وعلانية يبدؤون بالسير على نفس المسار مع العصابات”.
واختتم أردوغان حديثه، قائلا: “عندما تولينا إدارة البلاد قبل 19 عامًا، كان أحد أهم الأشياء التي فعلناها هو ضمان السلام في جميع أنحاء بلدنا، حيث كانت المنظمات الإرهابية والمعارك الإيديولوجية، وكذلك المنظمات الإجرامية، مشتعلة في الماضي. بفضل الكفاح الحازم الذي قمنا به، قضينا تماما على المنظمات الإجرامية”.
يذكر أن سادات بكر الذي غادر تركيا قبل عام، أطلق عقب العملية الأمنية التي استهدف 48 من رجاله في تركيا خلال أبريل الماضي، تصريحات حول العلاقات المثيرة بين كل من السلطة والسياسة والمافيا والصراع الذي يدور حول مراكز القوى في البلاد من أجل الحصول على حصة الأسد من الأموال التي تأتي من تجارة النفط والغاز بل المخدرات والكوكايين.
في الفيديو الرابع والخامس عبر قناته على موقع “يوتيوب” واصل بكر الكشف عن “الأعمال القذرة” التي زعم أن وزير الداخلية الأسبق محمد أغار الذي وصفه بـ”رئيس الدولة العميقة المزور”، تورط فيها، حيث زعم أنه استولى بشكل غير قانوني على الشركات العملاقة لرجل الأعمال التركي أذري الأصل الشهير مبارز مانسيموف قربان أوغلو الذي يعتبر الاسم الأول يعمل في مجال البترول والغاز بين تركيا وأذربيجان، وذلك من خلال إلصاق تهمة “الانتماء إلى منظمة فتح الله كولن” به، التهمة التي تحولت إلى سلاح يسلطه أصحاب القوة والنفوذ المتصارعين على بعضهم البعض من أجل تحقيق أغراض سياسية واقتصادية.
كما تعهد بكر في تلك الفيديوهات بأنه سيزيح الستار عن “الأعمال القذرة” التي أقدم عليها مجموعة “البجع” الإعلامية التابعة لـ”عائلة أردوغان”، مثل تجارة الأسلحة في مناطق الصراع، وعلى رأسها سوريا، متجنبا ذكر اسم أردوغان بشكل صريح، في رسالة تترك الباب مفتوحًا لمساومة محتملة معه من أجل العودة إلى ما يسمونه “قانون السكوت”.
ومع أن زعيم المافيا يركز في هجومه على محمد أغار المنتمي إلى التيار القومي اليميني الذي يمثله في التحالف الحاكم حزبُ الحركة القومية بقيادة دولت بهجلي، ومجموعة البجع، من دون ذكر اسم أردوغان، إلا أن المحللين يؤكدون أنه يعلم جيدا أن كل “الأعمال القذرة”، التي يذكرها، يتم ارتكابها تحت سمع وبصر أردوغان بل بتوجيهات مباشرة منه، بل إن عائلة أردوغان صاحبة نصيب الإبل من التجارة القائمة على بيع البترول والغاز من جانب؛ والأسلحة والمخدرات من جانب آخر.
بكر هاجم محمد أغار قائلاً: “رجل الأعمال مبارز مانسيموف قربان أوغلو (الأذري الأصل) فتح لك بابه وحضنه وأعاد لك اعتبارك القديم ومنحك الأموال، بعد أن ساءت سمعتك وأصبحت شيئًا لا يذكر، لكنك اتجهت إلى الاتفاق مع بعض الجهات (مجموعة البجع)، وأودعته السجن بتهمة الانتماء إلى منظمة فتح الله كولن. هذه التهمة كذبة لا أصل لها ويضحك عليها حتى المجانين. كل ذلك من أجل وضع السيطرة على أمواله وشركاته مثل ميناء مارينا الواقع في منتجع بودروم من أجل تأمين طريق وحركة مرور المخدرات والكوكايين”.
عملية السيطرة على ميناء مارينا الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات بدأت بتعيين نائب حزب العدالة والتنمية تولجا أغار رئيسًا لإحدى شعب شركة “ياليكافاك” للسياحة واستثمارات ميناء اليخوت في بودروم في عام 2014، ليأتي بعد ذلك والده محمد أغار على رأس إدارة مجلس الشركة في 2020 عقب نصب مؤامرة ضد مالكها الحقيقي قربان أوغلو من خلال إرساله إلى السجن بتهمة الصلة بحركة فتح الله كولن، وفق تصريحات سادات بكر.
وادعى سادات بكر أن محمد أغار هو من يشرف على الأعمال غير القانونية الدائرة في مثلث ولايات “إزمير آيدين وموغلا” الساحلية، وأنه من يدير أعمال ميناء إزمير، وأنه صاحب 5 أطنان من الكوكايين التي تم ضبطها بينما كانت تتوجه إلى مصنع كيماوي في مدينة إزمير لؤلؤة بحر إيجه، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه يقف وراء مقتل بائع مخدرات في بلدة عطاء شهير بمدينة إسطنبول بسبب أموال قيمتها 50 ألف مليون يورو، بعد أن كشف في فيديوهاته السابقة أن ابنه تولجا أغار من قتل الطالبة القرغيزية الدارسة في تركيا يلدانا كهرمان وقدم الحادثة للرأي العام على أنه انتحار.
كما زعم بكر أن النظام الحاكم في تركيا يساوم شبكات اغتيال دولية من أجل التخلص منه وإسكاته، متحديًا وزير الداخلية سليمان صويلو، قاذلا إنه ينتظره في إمارة دبي إن كان لديه شجاعة، موجهًا تهديدًا مبطنًا إلى أردوغان من خلال التعهد بأنه سيكشف في الفيديوهات القادمة ما يدور في سوريا ومن يتربون من تجارة الأسلحة في المنطقة.
زعيم المافيا انقلب أيضا على سليمان صويلو وزير الداخلية بعد أن عجز عن تحقيق وعوده له بحمايته وتأمين طريق عودته إلى تركيا وإيقاف القضايا المرفوعة ضده ووصفه إياه بزعيم تنظيم إجرامي خانعًا لممارسات الرأي العام والحزب الحاكم، ليتجه بعد ذلك إلى الكشف عن الامتيازات التي وفرها له صويلو في الفترة السابقة.
وقال إن سليمان صويلو هو من أبلغه بالعملية الأمنية المعدة ضده ورجاله في تركيا ليتمكن من الهروب إلى تركيا عبر المطار رغم محاولات برات ألبيراق، صهر أردوغان، منع انطلاق طائرته في 2020، مشيرا إلى تناقضاته فيما يتعلق بوصفه “زعيم تنظيم إجرامي” رغم الامتيازات التي حصل عليها بفضله، منها تخصيص حرس رسمي له في رحلاته الخارجية.