القاهرة (زمان التركية) – بدأت أمس الأربعاء بالقاهرة جلسات مشاورات سياسية بين مسؤولين مصريين وأتراك، في أول اتصالات دبلوماسية رفيعة بين البلدين منذ العام 2013.
ومن المنتظر أن تتناول المباحثات ،التي تجرى على مدى يومين، وفق مصادر دبلوماسية مصرية “الخطوات الضرورية التي قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين على الصعيد الثنائي وفي السياق الإقليمي”.
وتدهورت العلاقات بين البلدين بشكل حاد منذ سنة 2013 بسبب دعم أنقرة لجماعة “الإخوان المسلمين” التي صنفتها القاهرة منظمة إرهابية، واستقبال تركيا لمعارضين مصريين وسماحها لصحفيين بإحداث منصات إعلامية معارضة للنظام المصري.
واشتد الخلاف بين القوتين الإقليميتين ليمتد إلى عدد من القضايا خصوصا الأزمة الدائرة في ليبيا حيث دعم كل منهما معسكرا ، وأيضا في سوريا.
ورغم أن عودة العلاقات بين البلدين كما كانت في السابق قد يحتاج لمزيد من الوقت وتدابير بناء ثقة من الجانبين، إلا أن أهمية هذه المشاورات تكمن في إذابة أكبر قدر ممكن من الجليد بين القوتين الإقليميتين.
وعن سياق إجراء هذه المشاورات يقول الدبلوماسي المصري رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية السابق، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن تركيا دخلت في السنوات الخمس الأخيرة في عزلة دولية كبيرة وفي خلافات عميقة مع جميع جيرانها مثل قبرص والسعودية والإمارات وسوريا واليونان وامتدت هذه الخلافات لتشمل مصر.
وذكر في هذا الصدد أن أنقرة تدخلت بشكل غير مقبول في الشأن الداخلي المصري واستضافت منصات إعلامية معارضة لتشويه سمعة مصر في خرق سافر لكل القواعد والأعراف الدولية.
وتابع أن ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وتشكيل منتدى غاز شرق المتوسط شكل عقبة إضافية أمام طموحات تركيا في الحصول على حصة من غاز المتوسط.
وأكد الدبلوماسي المصري أن لدى تركيا أيضا خلافات مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة، تتعلق بالخصوص بملفات حقوق الإنسان والتوتر في شرق المتوسط، مبرزا أن المجتمع الدولي لم يعد مستعدا لقبول دور تركي في ليبيا بعد نجاح المسار السياسي لتسوية الأزمة الدائرة في هذا البلد.
وقال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استوعب في الأخير ضرورة تسوية مشاكله مع الجيران وإعادة النظر في سياسته الخارجية، مبديا أمله أن تنتقل أنقرة من الأقوال إلى الأفعال بما يسمح بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
وبرأي مساعد وزير الخارجية المصري السابق، فإنه من المهم أن يبدأ الحوار بين البلدين، لتقريب وجهات النظر وضمان المصالح المشتركة لكل طرف.
من جهته أوضح الخبير المصري في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين في تصريح مماثل أن الأمر يتعلق بأول نشاط دبلوماسي بين الدولتين منذ يونيو من سنة 2013.
وأضاف نبيل نجم الدين أن زيارة الوفد التركي للقاهرة تأتي في ظل تطورات إيجابية بدأت بوادرها منذ ما يقرب من 16 شهرا بعقد لقاءات غير رسمية بين خبراء أمنيين من البلدين، مضيفا أن التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فتحت الباب واسعا لتطور إيجابي سريع في العلاقات بين القاهرة وأنقرة.
وتابع أنه سيكون على رأس الأولويات خلال المباحثات التي ستستمر على مدى يومين، تسوية الملفات العالقة، في مقدمتها التحفظات المصرية على التدخلات التركية في شؤون الدول العربية وتحديدا سوريا وليبيا.
وسجل أن هناك أيضا موضوع الملاذ الآمن الذي توفره تركيا لعناصر من تنظيم “الإخوان المسلمين” وأيضا النشاط الإعلامي المعارض لمصر.
وتوقع نبيل نجم الدين أن تنحو العلاقات المصرية التركية منحى جديدا سيتوج بحشد القوة التركية والمصرية لصالح قضايا الأمة العربية والإسلامية”.
وبحسب وسائل إعلام محلية ودولية ، سيكون الملف الليبي واحدا من أبرز الملفات التي ستتناولها المباحثات، رغم صعوبة التوصل إلى توافق تام بهذا الشأن.
وتسعى أنقرة أيضا إلى الخروج من عزلتها الدبلوماسية في شرق المتوسط حيث أدى اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة إلى تقاسم بين الدول الواقعة على البحر شعرت تركيا بأنها استبعدت منه.
وفي إطار مساعيها لتحسين العلاقات مع مصر، طلبت أنقرة من وسائل الإعلام المصرية المعارضة العاملة فوق أراضيها تخفيف حدة الانتقادات للقاهرة التي ترى أن هذه الخطوة غير كافية وإن كانت تجسد حسن نية من لدن الأتراك لإنهاء الخلاف بين الجانبين.
يذكر أنه رغم الأزمة السياسية بين البلدين، ظلت العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بينهما مستمرة ولم تتوقف، ووصلت الاستثمارات التركية في مصر إلى 5,6 مليار دولار، وتلقى رجال الأعمال الأتراك كافة التسهيلات شأنهم في ذلك شأن كافة رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، فيما وصل حجم الاستثمارات المصرية في تركيا إلى 1,5 مليار دولار.