بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – معا قد يمثلان حلقة من حلقات سخرية القدر التي قد تبين للانسان مدى ضآلة تجربته في الحياة وضعف علمه . فبالأمس القريب – قبل ظهور وباء كورونا – 19 – كان ارتداء اللثام أو أي رداء يخفي جل وجه الإنسان بحيث لا يمكن التعرف علي شخصه، أمرا غريبا وقد يثير تحفظ الناس، ولو كان لأسباب دينية أو لغير ذلك من الأسباب. واليوم وفي ظل وباء كورونا ، أصبح لزاما على الناس ارتداء الكمامة وخاصة في التجمعات الإنسانية – كإجراء وقائي – منعا لانتشار الوباء وامتداده الى أفراد آخرين من الشعب في كل دولة. وللكمامة أشكال عديدة ، ولكن جميع هذه الأشكال تكاد تخفي وجه الإنسان كله إلا قليلا ، بحيث قد يتعذر علينا جميعا التعرف على الآخرين وهم محتمون بهذه الكمامات الطبية، ولو كانوا ذوى قربى .
وعندما يجتمع البعض من الناس معا وهم مرتدون الكمامات الطبية ، قد يراود المرء بعض الخوف أحيانا لوهلة، اذا المنظر يصبح أشبه بمنظر تشكيل عصابي يأتمر لعمل ما يوشك على الحدوث . ولربما سارع بعضنا – فيما قبل زمن الكورونا – الى الاتصال بالشرطة استنجادا بها من خطر إجرامي او إرهابي وشيك عند رؤية مجموعة من التاس ” الملثمين ” ليلاً أو قرب جهة ما ذات حساسية من أي نوع . وللناس عذرها طبعا فيما قد تذهب إليه عقولها خوفا على حياتها وعلى حيوات من يحبونهم وعلى ممتلكاتهم . واليوم يلزم القانون الناس بارتداء الكمامة الطبية أو “اللثام الطبي” ويوقع عليهم الغرامات عند عدم الالتزام أيضا ، ليظل الاختفاء خلف اللثام الطبي مصدر غرابة ومصدر فكاهة قي آن واحد .
فلا يكاد المرء يميز بين الحاجة الماسة إلى الحماية الطبية التي يوفرها اللثام وبين ما يحسه من استغراب وعدم ارتياح لرؤية الناس مخفي الملامح كأننا جميعا نشترك في عمل سينمائي بلا اتفاق . وليس مصدر الاستغراب والقلق من الكمامة أو اللثام الطبي هو عدم الاعتياد على رؤية جموع الناس ملثمين فقط ، ولكن لخطورة عدم التعرف على شخصية الغير حولنا، وخطورة الاعتياد على رؤية من لا نعرفهم يتحركون حولنا ويدخلون أو يغادرون مكان السكن أو مكان العمل قي سلاسة وحرية، اذ قد يكون من الصعب إيقاف المارة جميعا أو الداخلين جميعا إلى مكان ما والتأكد من شخصياتهم. وقد حدث قبل فترة قصيرة أن انتحلت امرأة صفة طبيبة – معتمدة على اخفاء الكمامة الطبية لوجهها – وحاولت اختطاف أحد الأطفال حديثي الولادة من داخل أحد المستشفيات، لولا يقظة الأم والأمن الذي نجح في تعقب الخاطفة واستعادة الطفل .