تقرير: محمد عبيد الله
لندن (زمان التركية) – أفادت مصادر مطلعة أن وصول الوفد الدبلوماسي التركي برئاسة نائب وزير الخارجية سدات أونال إلى العاصمة المصرية القاهرة أمس الاثنين في إطار مباحثات استعادة العلاقات بعد 8 سنوات من القطيعة شبه الكاملة بمثابة اجتماع تحضيري للقاء المرتقب بين وزيري خارجية البلدين.
ومع أن الكاتب الصحفي التركي راغب صويلو نفى صحة الأنباء التي نشرتها عديد من وسائل الإعلام التركية، وعلى رأسها صحيفة خبر ترك، حول توجه وفد دبلوماسي تركي إلى القاهرة في إطار مباحثات استعادة العلاقات، إلا أن المصادر تؤكد أن اللقاء أمر مفروغ منه وأنه سيتحقق قريبا على كل حال.
ومن المرجح أن الاجتماع الذي سيعقده وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره المصري سامح شكري لبحث وضع قطار العلاقات على طريقه مجددا بعد نحو عقد من الزمن سوف يتمخض عن مجموعة من القرارات لإرضاء الجانب المصري والعربي.
وذكرت المصادر ذاتها أن إعادة افتتاح سفارتي البلدين، وتشكيل لجنة مشتركة لتسوية الاختلافات، وإنعاش العلاقات الاقتصادية والقطاع السياحي بشكل عاجل، وزيادة التعاون في مجال الأمن وتقديم الدعم لمواقف وأطروحات كل طرف للطرف الآخر في المحافل الدولية تأتي ضمن أبرز القرارات التي من المرتقب أن يسفر عنها اللقاء المقبل بين مصر وتركيا بعد الاجتماع التحضيري الذي أكدت تقارير غير رسمية انطلاق أعماله أمس الاثنين بوصول الوفد التركي إلى القاهرة.
ويرى المراقبون أن مصر لها “اليد العليا” في المباحثات التي ستجرى مع تركيا، مشيرين إلى أن المحور الإقليمي الذي يضم القاهرة والرياض وأبو ظبي سيسعى إلى اختبار إدارة أردوغان من حيث نوع وكمّ التنازلات التي يمكن أن تقدمها من أجل استعادة العلاقات، وذلك بالاستفادة من “حالة الخنق” التي وصلت إليها الأخيرة، سواء كانت في سياستها الداخلية أو الخارجية.
ومع أن مصر ستجلس على طاولة المفاضات مع تركيا بمفردها، إلا أن الشروط التي ستضعها أمام الوفد التركي لإمكانية إصلاح العلاقات ستتضمن الشروط السعودية والإماراتية أيضًا، لذا يمكن اعتبار أن الحكومة المصرية ستمثل في تلك الطاولة السعوديين والإماراتيين أيضًا، وهذه الحقيقة تدركها إدارة أردوغان وربما تعتبرها فرصة للتصالح مع تلك الدولتين الوازنتين في المنطقة أيضًا.
وارتأى المحلل التركي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط فهيم تاشتاكين، في مقال بموقع “دوار”، أن المحور المصري – الخليجي لم يعد يتحمل “الأنشطة الناعمة” لإدارة أردوغان دع عنك مغامراتها القائمة على القوة الغاشمة التي جعلتها في نهاية المطاف بدون صديق في المنطقة بل العالم أجمع، مشددًا على أن ملفي “الإخوان” والوجود التركي العسكري في ليبيا” يشكلان أساس كل المشاكل والاختلافات بين الجانبين.
ونوه تاشتاكين في مقاله الذي حمل عنوان “هل يتخلى أردوغان عن إخوانه”، بأن نظام أردوغان قرر وقف أنشطة المؤسسات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين “لمدة معينة” من أجل ضمان فتح الطريق إلى القاهرة، وأضاف: “لكن هذه الخطوة لم تحرك ساكنًا في الجانب المصري الخليجي، لتقرر تركيا اتخاذ خطوة أخرى تمثلت في رفع الفيتو التركي عن التعاون والشراكة بين مصر حلف شمال الأطلنطى “الناتو”.. والآن بات المصريون ينتظرون بفضول وفارغ الصبر خطوة التنازل الجديدة التي ستقدم عليها الحكومة التركية، لأنهم يعرفون من المضطر لتقديم التنازلات”، وفق تعبيره.
وأكد المحلل أن إدارة أردوغان أدركت في النهاية أن التصالح مع القاهرة بات ضروريا للخروج من “حالة الانسداد” في كل من شرق البحر المتوسط وليبيا، لافتًا إلى إمكانية توسع نطاق الصلح المحتمل بين تركيا والمحور المصري الخليجي إذا ما تجاوزت “التسوية المحتملة في ليبيا” مرحلة الاختبار.
وفيما يتعلق بتداعيات التطورات الجديدة على علاقة أردوغان بجماعة الإخوان المسلمين، أشار تاشتاكين إلى احتمالية عودة الجانبين إلى الوضع السابق الذي كان يسود بين الطرفين قبل عام 2011، مذكرًا بأن جماعة الإخوان كانت استاءت من اقتراح أردوغان على إدارة الرئيس المصري السابق محمد مرسي اختيار “النهج العلماني” في الإدارة.
وفي إطار تعليقه على نتائج مغامرات أردوغان في المنطقة بالقوة الخشنة، قال الكاتب التركي: “المأزق الذي تورطت فيه تركيا اليوم هو نتيجة طبيعية لتوهم أردوغان أنه سوف يسيطر على الأوضاع في القرن الأفريقي عن طريق مجرد قاعدة عسكرية في الصومال، ويصبح فاعلاً إقليميًّا في الخليج بقاعدة أخرى في قطر، ويرتدي عباءة سيد البحر الأحمر اعتمادا على خطة قاعدة أخرى في جزيرة سواكن السودانية، ويتمكن من إعادة التوازنات في الشمال الأفريقي من خلال الانتشار في ليبيا، ويفسد اللعبة في شرق البحر المتوسط عبر إثارة موجات متلاطمة في تلك المنطقة، ويحقق أهدافه وأحلامه الأمبريالية مستندًا إلى الحزام الإخواني المضخّم نفوذه.. لب القول إن ندرة دراسة الاحتمالات والمآلات وكثرة الأخطاء جعلت دول المنطقة تفرض على تركيا شروطها لكي تستجيب لطلبها بتطبيع العلاقات”.
حالة الحيطة والحذر التي تصر عليها الإدارة المصرية تدل على أنها “ستنفخ فى الزبادي بعدما لُسع لسانها من شوربة أردوغان”، وذلك لأن سياساته المتقلبة وفق الظروف الآنية جعلته رجلاً غير موثوق فيه.
–