بقلم: صالح القاضي
القاهرة (زمان التركية) – إن هذه الحياة مكتظة بالمحن والاختبارات والمصاعب، وليست مقصودة لذاتها بل للفائدة المورجوة من ورائها يتعب الإنسان ويصيبه الوهن ليدرك أنه ليس قائم بذاته بل إن محتاج بصورة ضرورية لخالقه فيتوجه إليه، ويصاب أخر بضيق العيش ليدرك أنه يحتاج أن يتوجه إلى رازقه حتى يفتح له أبواب الرزق في الحياة، نعم الحياة مليئة بالاختبارات ولكنها في الحقيقة عطايا ومنح ارتدت ملابس المحن وما أجمل ما قاله الشاعر ابراهيم حقي
كل ما جاء منكم جميل
لو كان وردة أو شوك
فقهرك ولطفك جميل
الأبيات بالطبع ذات نكهة صوفية خاصة ولكن كثير منا يعتقد أن الاختبار والابتلاء يكون في الشدة فقط فالرخاء أيضا اختبار وهكذا عبر القرآن الكريم في قوله تعالى ” وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ” فالحياة إذ بكل تقلباتها وبكل تموجاتها فتن واختبارات ، ولنقل إنها فرص للنجاح في اختبار الحياة الدنيا كل يوم ينعم الله سبحانه علينا بفرص جديدة حتى حتى نستزيد ونقوى ونتطور ونتحرك ونصل إلى أفق إنسانيتنا.
وإليك عزيزي القارئ بعض المقترحات التي قد تساعدك في تجاوز الاختبارات التي تواجهها في حياتك الشخصية والاجتماعية:
أولا المواجهة: وتعني أن تدرك حقيقة الواقع ، ونقصد بالواقع أن الحياة دار اختبار والتعامل معها من هذا المنطلق، فكما تكون هناك اسئلة صعبة وأسئلة سهلة في الامتحانات الدراسية فكذلك الحياة ولكن تظل الصعوبة والسهولة متعلقة بمدى فهمنا للاجابات الصحيحة ، وهو ما يعني بالنسبة لنا أن ننظر ماذا يريد الله منا في هذا الموقف ونتصرف وفقا لما يرضيه تعالى، فهذا هو الصواب وحتى إن كان صعبا.
ثانيا حاول ثم حاول : إن تغيير صفة واحدة من صفاتك الشخصية أمر في غاية الصعوبة وجميعنا يدرك ذلك على المستوى الفردي، ولكن هذا لا يعني أن نتراجع ونكف عن المحاولة، بل إن الاستمرار يثقل مهارة الإنسان النفسية والعقلية لإيجاد حلول للصعوبات التي يواجهها سواء على مستوى الفردي أو على مستواه الاجتماعي.
ثالثا لا تخشى المساعدة: كثيرا منا يخاف أن يفصح عن المشكلات التي تواجهه ويفضل أن يتعامل معها بمفرده ولكن هذا الاسلوب لا يعمل دائما كما تتوقع بل تتفاقم الأمور لتنفجر في أي شخص وتتسبب في أضرار ما كنت تتوقعها، فلا تخشى من طلب الدعم النفسي والعون من أحبابك وأصدقاءك، كما أن الحديث عما تواجهه يوضح لك أكثر المشاعر والمخاوف التي تشعر بها .
رابعا كن لطيفا: جميعنا نعيش تجارب قاسية واختبارات تختلف من شخص لأخر ولكن في النهاية فالجميع اختباراته تختلف وما قد تنجح في تجاوزه من صعوبات قد يكون شديد الصعوبة لأخر، وقد يعد هذا اختبارا جماعيا لتعاملاتنا مع بعضنا البعض، فلذلك عزيزي القارئ حاول أن تكون لطيفا وتذكر دائما أن من تتعامل معه يعيش اختباراته الخاصة به.
إن الغرض الرئيسي من كل الاختبارات التي نمر بها في حياتنا هو استيعابنا لقدراتنا الذاتية والتي لا تتضح إلا بالاختبار، ولذلك فالاختبارات هي عطايا وهبات من نوع خاص تعرفنا على خبايا قدراتنا، وكل منا يشعر بذلك فعندما تتجاوز صعوبات معينة في حياتك تكتشف شيئا جديدا عن نفسك وعن قدراتك ما كنت تعلم عنها شيئا، ولا نستطيع أن ننسى أننا مع كل اختبار نستطيع أن نرجع إلى الله ونسأله أن يلهمنا الصواب، وأن يغير حالنا إلى أفضل حال وأحسن حال.
دمتم في أفضل حال