بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)-الصحابي الذي نعاه جبريل، واهتز لموته عرش الله
هو حضرة الصحابي الجليل رضي الله عنه سعد بن معاذ، سيد الأوس، الذي أسلم ولم يجاوز الثلاثين عاما، على يد الصحابي مصعب بن عمير الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم للأوس ليبلغهم الإسلام، فأسلم على يد سعد بن معاذ وأسلم بعدها علي يده قومه جميعهم.
عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: “لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ”ليرقأ (لينقطع) دمعك ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش”.
ومما ورد في معنى اهتزاز العرش هنا، أنه اهتز فرحا وشوقا لرؤية سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه.
وروي في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “لقد نزل لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه سبعون ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها”.
بفضله رضي الله عنه تحولت مدينة يثرب إلى المدينة المنورة التي هاجر إليها النبي محمد صلي الله عليه وسلم، واتخذت فيما بعد مقرا للدعوة والدولة الإسلامية.
كان حضرة الصحابي الجليل فارسا رمزا للشجاعة، والدفاع عن الحق، وحب الله ورسوله حبا يفوق حبه لنفسه وماله وأهله.
ففي السابع عشر من الشهر المبارك الذي ننعم بالعيش فيه الآن رمضان الكريم في السنة الثانية من الهجرة، في موقعة غزوة بدر، كان قبلها رأي النبي محمد صلي الله عليه وسلم أن عدد المشركين يفوق عدد المسلمين بكثير، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم الرأي والمشورة من سيدنا سعد بن معاذ، فقال رضي الله عنه (قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله) وانتصر المسلمون في غزوة بدر .
وبعد غزوة الخندق، دعا النبي محمد أصحاب إلى قتال بني قريظة لنقضهم عهدهم مع المسلمين، وتحالفهم مع قريش في غزوة الخندق. حاصر المسلمون حصون بني قريظة 25 يومًا حتى أرسلوا يطلبون السلم، ويرتضون حكم سعد بن معاذ فيهم، وكان حليفهم في الجاهلية، فأرسل النبي محمد إلى سعد، فجيء به محمولاً على حمار، وهو مُتعَب من جرحه، فقال له: «أشر علي في هؤلاء»، فقال سعد: «لو وليت أمرهم، لقتلت مقاتلتهم، وسبيت ذراريهم»، فقال النبي محمد: «والذي نفسي بيده، لقد أشرت عليّ فيهم بالذي أمرني الله به».
أردت أن أقدم لكم حضرة القارئ العزيز هذه اللمحة من حياة هذا الصحابي الجليل في هذا الشهر الكريم تذكرة وعبرة واسترشادا وهدا بها في حياتنا، على يقين بأنه مثل هذه النماذج يمكن أن نستخلص منها الدروس المستفادة والعبر والقدوة التي تحضنا على التمسك بالحق والثبات على الحقيقة و السعي لرضا الله.
رمضان كريم!