بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – ليس هذا مقالي الأول عن العالم الجليل محل الحديث، وإنما سبق لي الحديث عن مسيرته وعن فكره في أكثر من مقال، منها كان مقالا بعنوان (كولن رائد الإصلاح والتجديد) وآخر بعنوان (القائد القدوة والعالم المثالي).
تعرفت عليه من خلال كتبه منذ حوالي اثني عشر عاما، ولي أصدقاء كثيرون من طلابه، أهدى إلي أحدهم كتابا عنه مترجم منذ حوالي شهرا، بعنوان (فتح الله كولن.. حياة في الخدمة) للدكتور جون باول، مضافا إلى العشرات من الكتب والرسائل العلمية والأبحاث التي تناولت حياة الأستاذ كولن.
ولكن يبقى لهذا المؤلف ما يميزه وخصائص عدة منها أنه يعد شهادة موضوعية في حق هذا الرجل وقراءة متأنية وناقدة لمشواره الفكري دون تحيز أو مجاملة، فالكاتب مختلف في الجنسية والدين.
ويتميز أيضا بالتتبع الدقيق والتعمق الشديد في حياة الأستاذ كولن من قبل الكاتب، فلقد استغرق كتابة هذا المؤلف أكثر من ثماني سنوات، أجرى خلالها فحصا شاملا لكل ما يتعلق بالأستاذ من مؤلفات وأعمال وأشخاص قريبين منه وآخرين معارضين له بل وحتى لغته، حيث تعلم الكثير من اللغة التركية للاطلاع على المعلومات من مصادرها الاصلية، وسافر إلى تركيا وطنه الذي يحمل جنسيته متتبعا رحلته في وطنه وتنقله إلى أكثر من مكان، وهذا كله فضلا من الاقتراب الشديد منه شخصيا وإجراء العشرات معه من المقابلات استعدادا لكتابة هذا الكتاب.
أثنى الكثير عن هذا الكتاب منهم الدكتورة هيلين روز إيبوف الأستاذة الشرفية بجامعة هوستون، قالت معبرة عن رأيها في هذا الكتاب (إن هذا الكتاب الممتع والمعد جيدا هو سيرة ذاتية أعدها كاتب من خارج الحركة التي أنشأها فتح الله كولن، حيث يساعدنا علي استيعاب نموذج الحداثة الإسلامية التي يتبناها، ولماذا يعدها بعض القادة السياسيين خطرا، فإذا كنت تريد ان تتعرف علي كولن وحركته، فهذا هو المكان المناسب لكي تبدأ)
كانت انطلاقة الدكتور جون مؤلف الكتاب من نقطة الإدراك والوعي الشديد بمدى صعوبة رحلته في تناول هذا الرجل بموضوعية، نظرا لكثرة الجدل والخلاف والاختلاف حوله، إلى حد أن البعض يعتبره قديسا وآخرون يطاردونه كمجرم إرهابي خطير .
تناول الكتاب حياة الأستاذ كولن مقسمة إلى خمس مراحل:
الاولي: عن التعليم في بداية حياة الأستاذ من 1938 إلى 1966
الثانية: عن مرحلة شبابه في الفترة الزمنية من 1966 إلى 1971
الثالثة: بعنوان تعاطف ودموع
والرابعة: بعنوان حزن وحوار
والخامسة: عن عالمية الخدمة
وأخيرا وليس آخرا يعجبني كثيرا في حياة العالم كولن أنه عالم بالدين انتقل بعلمه وحياته من دائرة إثارة الخلافات مع الآخر، والشغف بإقامة المناظرات مع المختلف، والتقليدية في التدين، واستغلال الدين لمنافع شخصية، إلى دائرة أخرى حيث الاهتمام بالعمل مع الجميع دون تفرقة، وإعطاء نموذج عملي للتدين المتحضر الراقي القائم على قبول الآخر واحترامه باختلافه.
عاشت الأمة الإنسانية بكل حب وخير