بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – في موعد كان يترقبه وينتظره الجميع بشغف وحب وتقدير وإجلال، كان موعدا علي أرض المحروسة، أرض مصر أم الدنيا، مصر الجميلة، مصر الآمنة وعدا من الله الذي قال جلا في علاه (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)
لقد كان موعدا مع الرجوع بآلة الزمن إلى آلاف السنوات وراء، حيث كان أجدادنا العظماء ملوكا وشعبا، الذين أسسوا حضارة أسطورية مهيبة لم تضاهِها حضارة أخري، حضارة كان أساسها حب العمل والتفرد والإبداع، وعنوانها كان السحر والابهار وإدهاش الجميع إلى الحد الذي جعل البعض يصفها قائلا (كيف سيكون شكل العالم ولو لم تكن الحضارة المصرية) مقولة عمدة برلين.
إن الحقيقة التي لا ريب فيها ولا مغالاة بها أو تحيزا أن مصر هي التي علمت العالم الحضارة وفعلا هي أم الدنيا، ولقد سبق كتابتي مقالا في ذات الجريدة بهذا العنوان شارحا السبب كان المقال بعنوان (لماذا مصر هي أم الدنيا؟)
إن الحضارة المصرية عظيمة بلا شبهة أو زيف، ولا علاقة لها بجملة الافتراءات والأكاذيب والادعاءات التي يحاول بعض الجهال أو اهل الشر أعداء الحقيقة أن يلصقونها بها ظلما وبهتانا كقول أحدهم إنها قامت على الظلم أو أنها كانت وثنية … الخ، وكلها تناقض الواقع وتجافي الحقيقة. وفي مقال بعنوان (المصريون القدماء أول الموحدين وليسوا فراعنة) قمت بالرد على كل هذا، أدعوك حضرة القارئ العزيز بالرجوع إليه.
وعودة إلى هذا الحدث العظيم ذلك الموكب الذهبي المومياوات الملكية، الموكب الأسطوري المهيب الذي خطف أنظار الجميع، أعد لنقل اثنين وعشرين ملكة وملكا من ملوك مصر القديمة، بعضا من العظماء الذين أقاموا حضارة فحواها الأدب ورقة التعامل والرقي، وقوامها العلم والإيمان.
كانت رحلتهم انتقالا من محل إقامتهم الذي كان بالمتحف المصري بالتحرير إلى محل إقامته الجديد بمتحف الحضارة بالفسطاط، بمتابعة وانتباه من العالم أجمع أفرادا وملوكا وصحفا وقنوات تلفزيونية.
إن هذه الليلة إجلالها كان يتمثل في لفت الأنظار والإدراك والوعي من كل مصري ومصرية بمدى عظمة الحضارة التي إليها ينتمون، حتى يقطعوا عهدا مجددا على أنفسهم ألا يرتدوا عن هذا المجد وأن يواصلوا هذا التفرد والإبداع الذي كان عليها الأجداد، وأن يجعلوا هذه الحضارة مستمرة ممتدة بأعمالهم وإبداعاتهم المختلفة.
إن التمسك بالتاريخ والوعي به والانتماء إليه ليس مجرد رفاهية يمكن أن يستغنى عنها وإنما معرفته هي فرض عين على كل مصري ومصرية، لأن من التاريخ بإمكاننا استيعاب حاضرنا والاستعداد لمستقبلنا، وأكبر مشكلة يمكن أن يتعرض لها شعب أن يجهل بتاريخه أو يشوه، أتذكر مقولة أحد الغزاة الذي قال “غزوناهم ليس حين هزمناهم وإنما حين أنسيناهم تاريخهم”.
وتبقى دوما الكلمة التي يتحدث بها القلب قبل اللسان ومحفورة بالأعماق
تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر