المحاور: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – محمد هشام هو باحث ومحاضر متميز في الأدب ومتخصص في الأدب الروسي، وهو أيضا كاتب مقالات رأي بالعديد من المواقع الهامة، وله أبحاث عدة.
ذهبت إليه هناك على أرض ماريا الإسكندرية الجميلة، وجلسنا علي بحرها الرائع نتحاور حول الأدب الروسي والمصري والتركي ونقاط الالتقاء بينها.
سألته عن فائدة القراءة في الأدب عموما لقارئه وانعكاساته على شخصيته؟
فتحدث عن أهمية الأدب مستشهدا في بداية حديثه بمقولة أحد أساتذته هي (إن الأدب يعتبر أقصر الطرق للحياة)، قائلا إن الأدب عبارة عن فاصل أو رحلة تنقل قارئه إلى عالم أكثر هدوءا وجمالا بعيدا عن الصخب والضوضاء الذي نعيش فيه والزيف في العديد من أوجه حياتنا، إضافة إلى أن الأدب هو عبارة عن تجربة حياة ومواقف ووجهة نظر للآخر ومن ثم له أهميته المتعددة وانعكاساته على قارئه كوسيلة هامة لتشكيل الوعي والفكر.
وسألته عن المقصود بمصطلح الأدب الرخيص أو المزيف..
فقال لي إن الأدب الرخيص أو المزيف هو الذي لا ينقل الواقع بشكل كامل، الذي لا يهتم بقيمة الفكرة أو الإبداع الحقيقي، هو الذي ينحط بالكلمة وينزل بها إلى أسفل السافلين بدلا من الارتقاء بها والسمو، ما يمكن أن نقول عنه في هذه الأيام إنه الأدب الذي يحقق أعلى الايرادات أو أفلام الشباك كما يقال، ذلك النوع من الروايات التي تحمل خطأ لغويا وفنيا فضلا عن جانبها الأخلاقي السيئ التي يمكن أن يقال عنها إنها ثرثارات أو شذرات مما يأتي على ذهن صاحبه.
ولما سالته وناقشته عن وجهة نظر أصحاب هذا النوع من الكتابات في أنهم انعكاس لواقع وتعبير عن ثقافة معينة؟
استشهد بالعظماء كيوسف إدريس وإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ في أنهم عبروا عن الواقع ولكنهم كانوا يلتزمون بما يمكن أن نسميه الحد الأدنى من اللغة والجمال والإبداع أو أساسيات الرواية التي لا يتم فيها التنازل عن الكلمة وصفوها وبلاغتها.
وباعتباره متخصصا في الأدب الروسي كان سؤالي عن العلاقة بين الأدب الروسي والمصري من وجهة نظر الباحث؟
فقال لي بداية تاريخيا قد تم تناول الأدب الروسي في مصر بطريقة مختلفة، وكانت من الدعامات الأساسية الرئيسية لتأسيس القصة في مصر أو الرواية في عصر النهضة الأدبية منذ أن كتب محمود طه الحقي عذراء دنشواي عام 1906، ومحمد حسين هيكل عندما كتب رواية زينب عام 1914 وغيرهم، فلقد خرجت الرواية والقصة المصرية من عباءة الأدب الروسي.
فبعد التأثر بالمدرسة الفرنسية وغيرها في بداية القرن التاسع، عشر حيث قرأ المصريون الأدب الفرنسي وأعجبوا برومانسيته، وقرأوا الأدب الألماني وأعجبوا بعقلانيتة، والأدب الإنجليزي القائم على تشابك الإنسان مع المجتمع، حتى جاء التأثر بالمدرسة الروسية والأدب القائم على تشريح النفس البشرية والعاطفة ونقل الواقع والقرية والوطنية …الخ من مفاهيم ونقاط التقاء بين الأدب الروسي والأدب المصري.
ومن أمثلة الواقع المشابه بين روسيا وفرنسا حينذاك أنه كان من العيب مثلا أن يتزوج أحد النبلاء بامرأة بسيطة أو فلاحة، وكذلك كان عيبا أن يتناول المبدع رواية عاطفية تتناول الأحاسيس والمشاعر بين الجنسين إلى الحد الذي كان يجعل المبدع والمؤلف إذا ما قام بكتابة مثل هذه الأعمال أن يقوم بالتوقيع عليها أو أن يوقع عليها باسم مستعار.
ولما صادف يوم الحوار يوم رحيل الأديبة الكبيرة والمفكرة دكتورة نوال السعداوي كان لازما أن يتصدر الحديث عن الأدب المصري الحديث عن هذه المبدعة الكبيرة رحمها الله وكانت هذه كلمات هشام عنها:
إن الدكتورة نوال السعداوي أكبر من عبارات الإشادة والثناء، فالدكتورة نوال رشحت كأحد أهم مائة امرأة في التاريخ أثرت في النساء، ولقد حاضرت في العديد من الجامعات الأجنبية، وتدرس أعمالها أيضا في العديد من الجامعات على مستوى العالم، إضافة إلى تكريمها من قبل العديد من الرؤساء والوزراء والقادة والمبدعين الكبار من مختلف دول العالم.
الدكتورة نوال ظاهرة ومنهج هام في الفكر والإبداع الأدبي، ومفكرة لم تحِد طوال مشوارها الفكري والأدبي قيد أنملة عن أفكارها وإبداعاتها المتعددة، وكانت مثالا ونموذجا للمفكر الذي يربط بين القضايا ببعضها البعض.
واستكملت حديثي مع الباحث المتميز محمد عن نقاط أخرى، خاصة بالأدب المصري، والعلاقة بين الأدب المصري والتركي، ومدى التشابه بينهما؟ ومكانة الأدب التركي في العالم، وأهم الأدباء والأعمال التركية؟
وهو ما استأذن القارئ الفاضل أن أطرحه عليه في مقالي القادم.
عاشت الأمة الإنسانية بكل حب وخير