بقلم: صالح القاضي
القاهرة (زمان التركية) – الأم كلمة ما إن تطرق ذهن الإنسان إلا ويغوص معها في أعماق مشاعره ليتلمس الطريق نحو بدايته وأزمنة طفولته وسذاجته الأولى، عواطف تجيش في القلب وتختلط بذكريات يتم استدعاؤها مباشرة، ذكريات دافئة مليئة بالحب والعطف، وتجول في الخاطر كل الأمور التي تعلمتها من أمي سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نعم كم هي كلمات صادقة صاغها شاعر النيل حافظ ابراهيم حينما كتب قصيدته المشهورة تحت عنوان “كم ذا يكابد عاشق ويلاقي” قال فيها:
الأم مدرسة إذا أعددتها … أعدت شعبا طيب الأعراق الأم أستاذ الأساتذة الألي … شغلت مآثرهم مدى الآفاق
الأم هي التي صنعت إنسان حضارتنا عندما لقنت تلك الحضارة لرضيعها لقنته أخلاقيات الحضارة فشب ينظر إليها ويتعلم منها كيف يكون إنسانا وكيف يعامل الآخرين وكيف يبني الحضارة التي تنبع من الحب والعطف وتتمسك بالأخلاق والفضيلة وتسعى للوصول إلى الثريا في علياء السماء وتبنى وتعمر.
و إذا كان ثمة حضارة فالأم هي التي تصنعها في بيتها وفي عملها، في أسلوب خطابها، وأفكارها ورؤاها التي يتلقاها الأطفال فينطلقون بأفكار تسعى لاستدامة الحضارة برؤية واسعة وسعة الكون.
الأم هي الوطن أولا وأخيرا، وإذا تقدمت الأوطان فالفضل فيها يعود للأم، وإذا تخلفت الأوطان فسبب ذلك يكون عدم تمكين المرأة الأم بقيامها بمهمتها، إن إعطاء الأم حقوقها دليل على احترام قيمة الأم داخل المجتمع، وأهم حقوق للمرأة هو تلقيها التربية والتعليم في مجتمع يقوم باحترام المرأة ويعاملها باعتبارها نواة مستقبلنا وبانية حضارتنا.
الأم في عيدها هي تاج فوق رؤوسنا والحب الذي به تعلمنا معنى الحب فسكنت بين أركان القلب والعقل.
إن مستقبل الأوطان رهين بصناعة الإنسان تلك الصناعة الثقيلة التي تعتمد أكثر ما تعتمد على الأم، لا يمكن لأحدنا إيفاء الأم حقها وهي التي قامت بصياغة شخصياتنا في صبر وعمل دؤوب، ولذلك ورد في الأثر “الجنة تحت أقدام الأمهات“.
إذا أردنا تحويل مجتمعاتنا إلى روضات تشبه الجنان في جمالها وآفاقها فلا طريق إلى ذلك سوى السير وراء خطوات الأم التي ترسم المستقبل بألوان ذات أبعاد أخروية، وراء تلك الخطوات تقبع الحضارة وينتظرنا مستقبلنا.
إليك يا أمي وإلى كل أم تسهر على تربية أبنائها كل الحب والتقدير والشكر والامتنان ولا نوفيك حقك إن قلنا إن كل يوم نحياه عيد لك، فكل يوم نعيشه بصمات أناملك الذهبية عليه، ولا يوفيك حقك إلا المولى في علاه .
دامت أوطاننا الأم فيها تاج على القلوب.