بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – إن حكم الفرد وما يقترن به من ممارسات تعسفية ، هو انقلاب حقيقي على الديمقراطية وعلى حق الدولة وعلى حق المواطن . ويؤدي حكم الفرد – تدريجيا – الى غياب دولة القانون على أرض الواقع وبالتالي الى هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية بالطبع ، وانتشار القهر كأسلوب للتعامل ، وتفشي الإحساس بالغربة في قلب الوطن، وتصاعد أعداد الجرائم وازدياد حدتها ، وتفشي الرشوة والمحسوبية والغش والابتزاز .
ومع حكم الفرد يتصاعد دور الأجهزة الأمنية بشكل سرطاني، وقد يقترن به زيادة أعداد السجناء والمعتقلين دون أسباب أو اعتمادا على أسباب واسعة أو ملفقة ولا تقنع أحدا – مثل التورط في صلات إرهابية دون تحديد ، ونشر معلومات مضللة – لا في الداخل ولا في الخارج . وفي المحصلة النهائية، قد نرى تراجع ثم عزوف المواطنين عن المشاركة في الحياة السياسية ، وانتشار النفاق والكذب وفقدان الثقة في كل شىء ، وخاصة في شخص الحاكم الفرد وفي من حوله .
وقد يبدو حكم الفرد للمتأملين كعملية اختطاف تبدأ مقنعة – باسم الوطن وباسم الحق وباسم الولاء وباسم الوفاء وباسم المصلحة العليا وباسم القيم والتقاليد المرعية ، وباسم كل شىء ، ثم يفقد حكم الفرد صبره ويلقي أقنعته ارضا ، لأنه يسأم من محاولة إقناع المحكومين ويسأم من الانصات اليهم ويكره ان يصححه أحد ، خاصة إذا كان محكوما ضعيفا مكبلا ولا حول له ولا قوة في ظن حكم الفرد. فكيف يظن الحاكم الفرد أنه يخدم وطنه أو ينصح لشعبه أو يبني شيئا وهو يهدم حقيقة أشياء كثيرة ، وأولها مصداقيته كحاكم للبلاد؟
ان المال والسلطة قد يعوزهما التسلط أيضا – في أعين البعض – لتكتمل دائرة القوة بالحق والباطل , وليكن ما يكون. فحكم الفرد يكرس للإعجاب بالذات ويحقر من شأن الآخرين ومن حقوقهم ، ولا يعبأ بالعواقب. ولابد للعواقب أن تدور على الباغي – إن لم يرجع عن غيه – ولو طال الأمد. ذلك أن الحق هو الله الخالق البارىء المصور مالك الملك وصاحب الأرض وخالق الحياة والموت، ولابد للحق أن ينتصر .