بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – متى يحين دور المعارضة في مواجهة الزعماء المتسلطين ومحاولاتهم لإدخال البلاد في دوامات متتالية تؤمن وجودهم على تل من الزعر والخوف والفوضى ؟ وما هى حدود هذا الدور المناط بالمعارضة الوطنية في مواجهة الخطر الداخلي القائم على استغلال المشاعر القومية ؟
ومتى تدرك الشعوب انها تقاد بقياد من مشاعرها القومية القائمة على حب الذات وإعلاء الأنا إلى مسار خطر أو زلج او شديد الانحدار او كثير الوعورة ومستقبل محفوف بالمخاطر ربما غير المبررة ؟ ومتى تدرك المشاعر الوطنية – بمعنى الانتماء إلى الوطن وتقديره لذاته والاحساس بالحب وبالواجب وبالمسؤولية نحو هذا الوطن ونحو العمل على بنائه بالكد والكفاح المستمرين المنظمين – انها تكفي لدفع مسيرة الوطن وحفظه بعيدا عن مزالق المشاعر القومية ونعرتها ؟
إن الأيام تثبت – على مر العصور – ان حب الذات على مستوى الأمم والشعوب قد لا يختلف تقريبا عن حب الذات عند الإنسان الفرد ، إلا في المسمى الذي يتحول على مستوى المجتمعات إلى المشاعر القومية . ولا خلاف على حب الأصل والمنشأ ، ولكن الخلاف على ما قد تؤدي إليه المشاعر القومية – بدافع من قناعات العلو والاستعلاء والخيلاء واحتقار الآخرين – من مؤازرة للدعاوى الغاشمة والمبادرات العدائية ضد الغير ، من أجل مكاسب قد لا ترى النور اصلا ، لأنها لا تقوم على حق ولا يساعدها منطق سوي في قلب او عقل أحد ، حتى في قلب من يقف وراءها .
فأول من يعرف الكذب هو من أتى به وطرحه على الناس ، أملا في مزيد من السلطة ولو جرى ما جرى في سبيل ذلك . فهل للمشاعر القومية من شيء من رزانة او حكمة تعقلها عن السقوط في مصائد الباحثين عن العظمة الوهمية ؟ ام ان المشاعر القومية في حل من اتباع العقل حيثما أثيرت واستدعيت لتستعر وتلهب الأرض والسماء بالنار والحديد والوعيد ؟
لا شك أن العظمة الحقيقية للحاكم أو الزعيم أو القائد – حيثما كان – تقبع خلف الإنجازات الحقيقية التي تحققها البلاد على يدي هذا القائد في مختلف المجالات ، والتي يتحقق بها ارتقاء المجتمع – بين المجتمعات الاخرى – الى مستوى أعلى حضاريا وتنمويا . وليست العظمة الحقيقية في استثارة الخيلاء التي قد تبيح للثائرين المطالبة بما ليس لهم او الاستيلاء على ما للآخرين دون حق ، إلا لأنهم يستطيعون آنيا تحقيق هذا الاستيلاء . وحين تترك الأسئلة بلا اجابة واستجابة ، قد يأبى تساؤل إلا أن يطرح نفسه : اليس منكم رجل رشيد ؟ ففي النهاية وفي كل الأحوال ، ما طار طير وارتفع ، إلا كما طار وقع .