بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – من المدهش كيف أن الإنسان ينسى كل شىء – مهما كان فظيعا مريعا – بعد سنوات قليلة أو كثيرة، فهو حقيق بأن يسمى إنسان فعلا. فالمتابع لتصريحات بعض القادة يفغر فاهه عجبا مما يسمع من أحاديث يناقض بعضها البعض ، ويحمل بعضها في قلبه علل وأسباب نهايته السريعة. والبعض لا ينسى ما قال أبدا، ولكنه قد يتجاوز ما قال الى الرهان على أن الناس تنسى سريعا ،
وما أقصر وأضعف ذاكرة الناس. فحركة الحياة مليئة بما يشغل العقول والقلوب دائما ويشدها كل يوم إلى طرق ودروب لا عهد لها بها من قبل، لتقضى يومها وليلها في عمل وبحث وكد، وتنام كالة من عملها ولا تقوى على تذكر ما مر بها في يومها ، ناهيك عن تذكر ما مر بها من أحداث قديمة او ما سمعته قبل سنوات. ويبقى عبء تذكر قديم الأحداث وعتيق الوعود وربطها ببعضها البعض على عاتق الباحثين والمهتمين بمراقبة تطورات الأمور، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي وعلى هتق المختصين وفي دائرتهم بصفة عامة.
وقد يندهش المرء كثيرا أو يذهل من جرأة بعض الزعماء على شعوبهم ، حتى أنهم لا يترددون في ركوب كل منطق يجذب إليهم الناخبين وأصواتهم في لحظة ما، ولسان حال القادة يقول: ليكن اذا ما يكون لاحقا، أو لنترك ما يأتي به المستقبل للزمان يعالجه كيف يشاء. نعم، فالحياة لحظات منفصلة أو لقطات منفصلة وتصنع المشهد في مجملها. وفي نهاية الأمر، وبعد عدة سنوات، قد تصبح صورة الزعيم نسيجا مرقعا بقصاصات لا نهاية لألوانها المضحكة المبكية أحيانا، نتيجة لممارسات الزعيم الممتدة في الاستخفاف بالناس والتحايل عليهم، من أجل الوصول الى سدة الحكم ثم البقاء على رأس المال والسلطة، ولو بالتسلط والخديعة. فالزعماء الماكرون يعلمون أن المعضلة عند الإنسان، أنه قد يفضل الاستقرار ودواعيه ويؤثر تجاهل ما ينذر بالاضطراب وتغير الحال وتبدله – ولو كان يرى النذير رأي العين أحيانا –
ويسرع الى الاستجابة إلى خادعيه وجلاديه وإلى تصديق أحاجيهم الجديدة، لعلهم يصدقون وتصبح الأحلام أو الوعود أو بعضها حقيقة . والواقع ان مسلسل الخداع والكذب وترويج الادعاءات واختلاق الحقوق الوهمية لا يمكنه أن يؤدى إلى خير أو الى تحقيق الأحلام الوطنية في أية دولة، لأن الاختلاق زور وفسوق عن جادة الصواب وقويم الطريق .