بقلم: ياوز أجار
إسطنبول (زمان التركية) – تشتد الحالة العصبية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحدة هجومه على رموز المعارضة يومًا بعد يوم بحيث بدأ يستخدم أغلظ العبارات بحقهم، وهو الأمر الذي يثير استياء الجميع، بمن فيهم أنصاره.
ومع أن المراقبين والمحللين يقدمون تفسيرات مختلفة لشرح أسباب حالة أردوغان العصبية هذه، إلا أن فشل أردوغان في فتح أي قناة تواصل مع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي سبق وتعهد بدعم المعارضة لإسقاط أردوغان يأتي في مقدمة هذه الأسباب من وجهة نظري.
على الرغم من أن أردوغان يسعى إلى الحصول على “غمزة واحدة” منه لكي يستخدمها كدليل على استمرار الشرعية الدولية لنظامه في تركيا، إلا أنه من بين الزعماء القلائل في العالم الذين لم يتواصل بايدن معهم بعد تسلم الرئاسة.
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن أردوغان قد أنفق مليارات الدولارات على شركات اللوبي الأمريكية من أجل تبييض وجهه وإصلاح علاقاته مع واشنطن يتبلور أكثر حجم وأبعاد هذا الفشل.
أردوغان نجح في الحفاظ على علاقاته مع واشنطن ولو بنسبة معينة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من خلال تسويق “موقع تركيا الاستراتيجي” بين المحور الغربي والمحور الروسي، فكان مهندسو السياسة الخارجية الأمريكية يفضلون سياسة الحفاظ على “شعرة معاوية” قائلين: “لو أدرنا ظهرنا لأردوغان لهرب إلى الحاضنة الروسية”.
إلا أن صناع القرار الأمريكي الجدد في عهد بايدن يبدون عازمين على خطف هذه الورقة من يد أردوغان، حيث لاحظوا من خلال تجارب مريرة في غضون 10 سنوات ماضية أنه يستغل هذه الورقة لتكوين ساحة مناورات لنفسه في علاقاته مع الجانبين الروسي والأمريكي في آن واحد.
ولم يعر بايدن أي اهتمام للرسالة التي بعثها أردوغان يوم السبت، عبر برنامج تلفزيوني بمناسبة انطلاق قناة تابعة للجنة التوجيهية الوطنية التركية ـ الأميركية، قائلا إن المصالح المشتركة بين أنقرة وواشنطن تفوق الخلافات، وإن بلاده ترغب في تعاون أفضل على أساس “رابح ـ رابح”، وبمنظور طويل الأمد.
وكانت مطالبة 54 عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي بايدن باتخاذ إجراءات ضد انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا من أهم وأحدث الأدلة على فشل آلة الدعاية العملاقة لأردوغان، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تعطيه فرصة لكي يستمر في توظيف موقع بلاده الإستراتيجي في تمرير سياساته الداخلية والخارجية.
وقد أكدت الرسالة المشتركة التي وقع عليها أكثر من نصف أعضاء الشيوخ الأمريكي في التاسع من الشهر الحاري أن “حكومة أردوغان تصبح أكثر استبدادًا يومًا بعد يوم، وتتعرض المعارضة للتهميش، والمنافذ الإعلامية الناقدة للإغلاق، والقضاة المستقلون للتصفية ليتم تعيين موظفين من حزب العدالة والتنمية الحاكم محلهم”.
وكذلك قالوا في رسالتهم إن تركيا أصبحت أكثر دولة سجنا للصحفيين في العالم، ومن ثم شددوا على أهمية ممارسة الضغوط على أردوغان للإفراج عن الكتاب والأكاديميين والصحفيين المعتقلين لمجرد صلتهم بحركة الخدمة وملهمها فتح الله كولن.
وأكد إعلام أردوغان وعديد من الصحفيين أن حركة الخدمة اضطلعت بدور مهم في كتابة هذه الرسالة التي تعتبر من أقوى التصريحات الأمريكية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يدل على أن محاولات تشويه صورة حركة الخدمة هي الأخرى لا تلقى قبولا لدى واشنطن.
الكاتب والصحفي المعروف بمعارضته الشديدة لحركة الخدمة روشين شاكر وبخ أردوغان ورجاله لفشلهم في تسويق أطروحاتهم عن الحركة ووقوفها وراء انقلاب 2016 الفاشل في السوق الأمريكي رغم إنفاق مليارات الدولارات.
وقال الكاتب إن لاعب السلة التركي المحترف في الدوري الأمريكي أنس كانتر لعب دورا كبيرا في صدور هذه الرسالة التحذيرية، مؤكدا أن “رجلا واحدا بإمكاناته المحدودة أنجح من الخارجية التركية بكل آلياتها العملاقة”، داعيا أردوغان إلى استخدام طريقة أكثر عقلانية وإقناعا.
أرى أن عجزه عن التواصل مع إدارة بايدن، وإحباطه في إقناعها بأطروحاته الخاصة بحركة الخدمة، بالإضافة إلى انهيار شعبيته في الداخل التركي أسباب رئيسية تفاقم عصبية أردوغان.