بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – تعد الأخلاق والمبادئ أول الأركان الأساسية لمهنية العمل الصحفي والإعلامي. والصحافة لها دورها الهام في المجتمع سواء في جانبها الرقابي أو التوعوي أو التربوي.
ولقد أعطى المهتمون بالعلوم الإنسانية أهمية كبيرة للأخلاقيات المهنية على أساس أن لكل مهنة أخلاقياتها، وتأتي في مقدمة هذه المهن، مهنة الصحافة.
وتعد مشكلة افتقار العمل الصحفي للأخلاق مشكلة بالغة الخطورة والدقة، فلما كانت الصحافة خادمة للمجتمع والشعوب، ولها دور بالغ الأهمية في خلق رأي عام واع.
وعلى الجانب الآخر فهي تحظى باهتمام كثيرين ولها سلطة وسلطان حقيقي وبالفعل صاحبة الجلالة كما يقولون.
ويعد الالتزام بالمعايير الأخلاقية في الأعمال الصحفية أحد العناصر الأساسية في مهنة الصحافة، ويؤدي الالتزام بها إلى الحفاظ على مهنية المؤسسات الإعلامية، وتحمي المجتمع الذي يعد الصحفي جزءا منه هو وأسرته.
وعلى الجانب الآخر فإن غياب الأخلاق والمبادئ في العمل الصحفي ينتج عنه الكثير من المشاكل الكبرى، والتي منها الفساد، وعدم ثقة الناس بالصحافة … الخ من مساوئ كثيرة تنتج عن ذلك.
والمقصود بالأخلاقيات المهنية، أن على العاملين في وسائل الاتصال الجماهيرية، ومنها الصحافة أن يلتزموا في سلوكهم تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين وتجاه جماهيرهم بمبادئ وقيم أساسية. والالتزام بهذه المبادئ والقيم الأساسية نوع من الواجبات الشخصية، أي أنه التزام شخصي يقع على كل واحد منهم بصفة شخصية ليكون سلوكاً سليماً وأخلاقياً.
ومن المثل والأخلاق والمبادئ الواجب أن يتحلى بها الصحفي وتكون ركنا أصيلا في عمله، احترام كرامة الإنسان، والحيادية والموضوعية، والشعور بالمسؤولية، والتحلي بالمثل العليا بشكل عام.
والواقعية في الحديث والاقتراب من الممارسة للعمل الصحفي تظهر لنا أن هناك تحديات وضغوطات ومعوقات للالتزام بهذه الأخلاقيات والمبادئ، والتي منها: مسايرة الأغلبية، والاستسهال في النجاح وتحقيق الشهرة، وإعطاء الأولوية في الأعمال الصحفية والإعلامية لعنصر جذب الجمهور وتقديمه على المهنية الصحفية والإعلامية.
ومن الطرق لتجاوز هذه التحديات والمعوقات التي تساعد الصحفي أو الإعلامي في تجاوز هذه العقبات وتساعده في الالتزام بالأخلاق والمبادئ، وجود نماذج متعددة كقدوة ونماذج مشرفة للصحفيين أصحاب المبادئ والأخلاق في عملهم الإعلامي وسيرتهم الذاتية، بحيث يكونوا قدوة ونموذج أمام عموم الصحفيين وخاصة المبتدئين منهم في الحث والتحريض على الالتزام بالمبادئ والأخلاق في عملهم الصحفي.
والخطوة الأولى في ذلك يجب أن تكون من الصحفي ذاته بناء على اقتناع تام بضرورة الالتزام في عمله بالأخلاق والمُثل وأساس ذلك اقتناعه التام بضرورة ألا يخلو عمله من ذلك مهما كانت الظروف وأيا كانت التحديات، وأن كل صحفي عليه أن يبدأ بنفسه ويكون التغير الذي يود أن يراه، مراعيا ضميره ومسؤوليته المجتمعية.
وإضافة إلى كل أنواع الترغيب في التمسك بالأخلاق والمثل العليا في العمل الإعلامي، والرقابة الذاتية النابعة من الصحفي ذاته وضميره، يجب تفعيل نوع الرقابة الجزائي، الذي يبدأ منذ اللحظة الأولي لعمل الصحفي بمنحه الرخصة، فلا يجب إعطائه هذه الرخصة لممارسة عمله الصحفي إلا بعد التأكد من قدرته ورغبته الصادقة في الالتزام، وكذلك ينبغي أن تكون هناك معايير وضوابط محددة للحد الأدنى من الأخلاق والمبادئ التي يجب أن تتوفر في العمل الصحفي، وتكون هناك جزاءات صارمة في حالة الإخلال بذلك حفاظا علي المصلحة العامة، ولا ننسى أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
دامت الإمة الإنسانية بكل خير