بقلم: صالح القاضي
القاهرة (زمان التركية) – سنتحدث في هذا المقال عن المضي قدما مع الحياة وصعوباتها وضغوطاتها وتأثيراتها علينا. بالطبع الشعور بالإحباط والحزن لبعض الوقت أمر معتاد، ولكن إن أصبح الشعور بالإحباط وعدم أهمية الحياة وعدم الأهمية هو الشعور السائد لديك فعليك أن تنتبه…
مسببات الاكتئاب
هناك العديد من الأمراض التي نعرف نحن البشر مسبباتها، وبالتالي نستطيع أن ندرك كيفية علاجها بسهولة، إلا أن الاكتئاب أكثر تعقيدا مما نعتقد، وبرغم أن بعض الكتابات تذكر وجود مسببات بيولوجية للاكتتاب، كالاختلالات الهرمونية أو الاضطرابات الدماغية، إلا أن تأثيرها يظل محدودا، بالمسببات الحقيقية للاكتئاب هي في أغلبها نفسية واجتماعية.
عوامل مسببة للاكتئاب
الوحدة والعزلة: يقرر المختصون في مجال الصحة النفسية أن هناك علاقة وطيدة بين الانعزال والشعور بالوحدة ومرض الاكتئاب، فالدعم الاجتماعي الضعيف قد يؤدي إلى الاكتئاب، فوجود العائلة وأصدقاء مقربين يستطيع الإنسان أن يتحدث معهم عما يواجهه من مشكلات، يساعد الإنسان على الحفاظ صحته النفسية.
العلاقات المرهقة: كما أن الوسط الاجتماعي هام لدعم الإنسان نفسيا، ووسيلة لمنع تسرب الاكتئاب لحياة الفرد، فكذلك العلاقات المرهقة نفسيا والتي يشعر الإنسان فيها بعدم الارتياح يكون لهذا تأثير سلبي ينعكس على حياة الإنسان وصحته النفسية وتعرضه لخطر الإصابة بالاكتئاب.
التجارب الحياتية الصعبة: إن معايشة تجربة صعبة أو مثيرة للقلق الشديد قد يتطور إلى اكتئاب، فوفاة أحد المقربين من الشخص، أو تعرض الشخص لتجربة سيئة كالتنمر المستمر، أو التحرش.
طبيعة شخصيتك: نعم إن بعض الصفات الشخصية قد تعرضك لخطر الاكتئاب بغض النظر عن كيفية اكتساب تلك الصفات، إلا أن الأشخاص الذين ينتقدون أنفسهم بصورة غير طبيعية أو الأشخاص دائمي القلق والتوتر، والذين ينظرون للحياة بصورة سلبية هؤلاء تعرضهم لخط الاكتئاب أكبر من غيرهم.
ماذا يمكنك أن تفعل؟
عندما تكون مكتئبا قد تشعر بأنه لا نهاية لهذا الطريق المظلم، وأنه لا أمل للخروج منه، إلا أنه في الحقيقة توجد الكثير من الأمور التي يمكنك فعلها، والتي بالضرورة ستحسن من صحتك النفسية وتخلصك من الشعور بالإحباط. ومفتاح هذا التغيير يكمن في أنك تقوم بتغييرات إيجابية بسيطة بصورة يومية، ويوما بعد يوم ستثمر تلك التغيرات وستساعدك على تجديد نشاطك.
تواصل وتحدث: إن العزلة والانعزال تزيد من حدة الاكتئاب، لذلك فعليك أن تلجأ إلى المقربين من العائلة والأصدقاء المقربين حتى وإن كان الأمر صعبا عليك، أو أنك تشعر بأن حديثك معهم حول ما تشعر به قد يثقل كاهلهم، فهذا ليس حقيقي، وبمجرد حديثك مع شخص تثق به حول ما تشعر به له تأثير عظيم على صحتك النفسية، ولا يشترط أن يكون هذا الشخص الذي تتحدث إليه يستطيع أن يحل مشاكلك جميعها، كل ما تحتاجه هو شخص تثق بأنه سيصغي إليك بانتباه ولن يتسرع في الحكم عليك.
أدخل الحركة إلى حياتك: عندما تكون مكتئبًا يكون مجر القيام من السرير عملية شاقة للغاية، لذلك ابدأ بالتمرن الشخصي، مارس الرياضة مع نفسك ولكن بصورة يومية، فممارسة الرياضة بصورة دورية تعادل قدرة مضادات الاكتئاب على معالجة حالتك النفسية ورفع معنوياتك عاليا.
تفاعل مرة ثانية مع العالم: فمثلا يمكنك أن تخرج للتنزه وتمضي بعض الوقت وسط الطبيعة، أو أن تقوم بتربية حيوان أليف، أو أن تستعيد هواة كنت تستمتع بها، أو أن تجد هواية جديدة كتعلم العزف على آلة موسيقية أو تعلم مهارة جديدة. في البداية لن تشعر بتحسن فوري ولكن مع المداومة على مثل هذه الأمور ستتحسن يوما بعد يوم.
وإليك عزيزي القارئ بعض النصائح العامة التي يمكنك أن تقوم بها ويحتاجها كل واحد منا حتى يحافظ على صحته النفسية.
عامل نفسك بحب
كل واحد منا يجب أن يعامل نفسه بحب واحترام، بالطبع يمكنك أن تنتقد ذاتك ولكن يجب ألا تقسو عليها طوال الوقت، ولكن عليك أن تطور من نفسك وأن توسع من مداركك، وأن تستمر في التعلم سواء مهارات أو لغات، وعليك أن تجد هوايتك الخاصة أو تعدد من هواياتك .
اهتم بجسدك
كما تقول الحكمة (العقل السليم في الجسد السليم)، ولذلك فعلى كل منا أن يحافظ على جسده ويهتم به سواء من خلال التغذية الصحيحة أو ممارسة الرياضة بصورة منتظمة.
كون محيطا اجتماعيا إيجابيا
فالاشخاص الذين يتمتعون بصلات اجتماعية وثيقة أكثر سعادة في حياتهم، ولذلك فعليك أن تقوم بعمل أنشطة مع أفراد عائلتك وأصدقائك المقربين الذين يدعمونك ويساندونك، أو عليك أن تكون صداقات جيدة مع أشخاص جدد. وسع دائرة الداعمين لك وستستطيع أن تتغلب على كل مصاعب الحياة. كما أنه من الجيد أن تتطوع لأعمال خيرية، فهذا سيزيد من شعورك بالارتياح النفسي، وستتعرف على أشخاص جدد وستكون علاقات إيجابية مع محيطك الاجتماعي.
تعامل مع التوتر
إن التوتر جزء من حياتنا اليومية، ولكنه يصبح مشكلة عندما يزيد عن حده، ولذلك فعليك أن تتعامل مع التوتر أولا بأول، وذلك يكون بالانخراط في أنشطة تشعرك بالارتياح والسعادة. حاول أن تأخذ جولة في الحديقة، أو ابدأ في كتابة يومياتك لتقليل حدة التوتر، تذكر أن تبتسم، وأن تضحك، فالضحك يقلل من التطور، ويرفع من معنويات الإنسان، كما أنه يرفع جهاز المناعة، كذلك لا يمكن أن ننسى في هذا السياق أن الصلاة والتأمل عوامل مساعدة لارتياح العقل والنفس.
عزيزي القارئ إن صحتك النفسية مسؤلية عليك أن تحافظ عليها، وأن المرض النفسي ليس عيبا، وأن ألم الاكتئاب أصعب من آلام الجسد، فلا يحق لأحد أن يسخر من شعورك النفسي. ولأن الوقاية خير من العلاج فيجب علينا أن نحافظ على حالتنا النفسية، وأن ندعم الآخرين معنويا ونفسيا حتى لا يقعوا فريسة للإحباط.