د. منى سليمان *
القاهرة (زمان التركية) – تابع العالم مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد “جون بايدن” مساء يوم 20 يناير 2021، بعد تأكيد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأطول في التاريخ الأمريكي، ويترقب العالم سياسات الرئيس الجديد التي ستكون مختلفة عن سلفه الرئيس الجمهوري “دونالد ترامب”، نظرًا للاختلاف الإيديولوجي والحزبي بينهما.
والمتابع لفريق عمل الإدارة الأمريكية الجديدة يجد أنها وثيقة الصلة بملفات الشرق الأوسط، الذي تحتل فيه تركيا مكانة استراتيجية لواشنطن، ورغم ذلك فقد ثارت خلال السنوات الأربع الأخيرة العديد من الملفات الخلافية بين أنقرة وواشنطن والتي تغاضى عنها “ترامب” وسمح لنظيره التركي “أردوغان” بالتمدد عسكريًا في عدد من الدول العربية، مما أدى لتوسع النفوذ التركي في المنطقة واستقلالية السياسة الخارجية التركية وتجاهل مصالح حلفاء أنقرة في حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي. ولذا فإن “بايدن” سيكون عليه أن يعيد إدارة العلاقات التركية الأمريكية وفق مصالح الدولتين وسيكون ذلك أحد ملفات الشرق الأوسط التي يجب عليه معالجتها.
أولا: مساعي “أردوغان” للتهدئة:
كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” تعتمد على العلاقات الشخصية لإدارة العلاقات الدولية لبلاده وخلال السنوات الأربع الماضية تبني “ترامب – أردوغان” “دبلوماسية الهاتف” حيث إنهما كانا يحلان العديد من المشكلات بين واشنطن وأنقرة من خلال المحادثات الهاتفية، ومنها الانسحاب الأمريكي العسكري من سوريا الذي جاء بعد محادثة هاتفية بين ترامب وأردوغان في 19 ديسمبر 2018، وكذلك وقف العملية العسكرية التركية “نبع السلام” في شمال سوريا بأكتوبر2019، وهذا لا ينفي وجود ملفات خلافية كثيرة في العلاقات التركية الأمريكية، وأبرزها الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا عسكريًا وسياسيًا، وعقد أنقرة صفقة لشراء صواريخ (أس 400) مع روسيا، وهو ما دفع “ترامب” لفرض عقوبات على تركيا قبل رحيله من منصبه بشهر.
ومن المؤكد أن سياسة إدارة “بايدن” تجاه تركيا ستختلف كليًا عن سلفه، فقد صرح “بايدن” خلال مقابلة في ديسمبر 2019 مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن “واشنطن يجب أن تتبع نهجًا مختلفًا تجاه الرئيس التركي”، وأكد أنه حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية فإنه سيقدم الدعم للمعارضة التركية للإطاحة “بأردوغان” عبر الانتخابات وليس عبر انقلاب، والرضوخ “لأردوغان” سيكون آخر خياراتي فيما يخص القضية الكردية”. كما وصف “بايدن” “أردوغان” بأنه “أوتوقراطي”، وعبر “بايدن” عن عدم ارتياحه بشأن استمرار امتلاك الولايات المتحدة لأسلحة نووية في تركيا بسبب سلوك “أردوغان” الداخلي والإقليمي. ورغم ذلك فإن مواقف “بايدن” هذه تأتي في إطار الخطاب المحلي خلال الحملات الانتخابية، وسيكون من الصعب تنفيذ الكثير من هذه التعهدات نظرًا لتنوع المصالح التركية الأمريكية التي ستسعى إدارة “بايدن” للحفاظ عليها. وقد استبق الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قدوم “بايدن” للبيت الأبيض، بتبني خطاب “تصالحي” في السياسة الخارجية وقام ببعض الخطوات لإرضاء “بايدن” ومنها:
– الإعلان عن برامج إصلاحية: فاجأ الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” المشهد السياسي الداخلي والخارجي بإعلانه في نهاية عام 2020 عن بدء حملات إصلاحية سياسية واقتصادية وقضائية، وذلك بعد 18 عاما من توليه مقاليد الحكم ببلاده كرئيس وزراء أو رئيس دولة. وهذا الإعلان له دافعان؛ الأول احتواء تراجع شعبيته المستمر في الداخل إثر كثرة الأزمات، والثاني هو احتواء الانتقادات الخارجية من قبل دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن إثر تصاعد حملات القمع والعنف ضد المعارضة وتراجع معدلات الديمقراطية بشكل عام في تركيا.
– استئناف الحوار مع اليونان: بعثت أنقرة بعدة رسائل لإعادة الحوار مع اليونان وفرنسا والاتحاد الأوروبي بعد عامين من التوتر غير المسبوق في العلاقات بين أعضاء حلف الناتو، وبالفعل سيتم استئناف المفاوضات الاستكشافية بين أنقرة أثينا في 25 يناير الحالي بعد أربع سنوات من التوقف. كما سيتم استئناف الحوار بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في بروكسل.
– تعيين سفير جديد في واشنطن: وهو النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم “مراد مرجان”، ويعرف عن الأخير بأنه أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم. وكان مرجان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي عام 2004 لعدة سنوات، ومعروف عنه أنه من المؤيدين لمشروع واشنطن بدعم قيام كيانات كردية في شمال العراق وسوريا. كما كان رئيس الوفد التركي لدى جمعية الأمن والدفاع لاتحاد غرب أوروبا والمجلس البرلماني التابع للمجلس الأوروبي. وهو أحد الشخصيات المقربة سياسيًا من الرئيس السابق “عبد الله جول” المعروف عنه التعامل الدبلوماسي لحل الأزمات الدولية، مما ينذر بأن أنقرة ستبتعد عن النهج التصادمي مع واشنطن خلال فترة حكم “بايدن”.
- تهنئة “بايدن”: رغم العلاقات الشخصية القوية بين “أردوغان” و”ترامب” خلال السنوات الأربع الماضية، فإن الرئيس التركي سارع بإرسال تهنئة للرئيس الأمريكي الجديد “بايدن”، وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية “إبراهيم كالن”، أن فريق عمل الرئيس الأمريكي “جون بايدن” على تواصل مع سلطات بلاده، وأن الأخير يريد تطوير العلاقات مع أنقرة وفتح صفحة جديدة”. لأن الرئيس “بايدن” يدرك أهمية تركيا الاستراتيجية داخل حلف “الناتو”، وأنها “لاعب مهم في أوروبا والبلقان ومنطقة القوقاز والشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. وكذلك استبعد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أيّ احتمال للاشتباك مع الولايات المتّحدة في الفترة القادمة، أو تصعيد التوتّر معها. كافة هذه الرسائل وصلت للإدارة الأمريكية الجديدة والأخيرة لم تعترض عليها، مما يؤكد أنها ضمنيًا تدعم محاولات أنقرة لاحتواء الخلافات مع واشنطن.
– انتقاد حادث الكابيتول: أعرب وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” عن أسفه من دعم بلاده في السابق للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته “دونالد ترامب”، في أعقاب أحداث الشغب التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، وتجلت في مشاهد اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكي يوم 6 يناير 2021 من قبل جماعات يمينية متطرفة داعمة “لترامب”، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص، وأعلن “أوغلو” أن تركيا باتت تدعم “بايدن” بشكل كامل وتتوقع العمل مع إداراته بشكل جيد، ومؤكدًا ثقة أنقرة في نزاهة الانتخابات الأمريكية، وهذا التصريح يعد مجاملة “لبايدن” لأن معظم الدول لم تعلق على حادث الكابيتول لأنه شأن أمريكي داخلي.
ثانيا: موقف إدارة “بايدن” من تركيا:
خلال السنوات الأربع الماضية برزت العديد من الملفات الخلافية بين أنقرة وواشنطن، ولم يؤخذ “ترامب” إجراءات جادة ضد أنقرة، بيد أن المواقف المعلنة حتى اليوم من فريق إدارة “بايدن” تنذر بتغير في التعامل مع أنقرة خلال المرحلة المقبلة، حيث:
– صواريخ إس 400: فرضت إدارة “ترامب” في 14 ديسمبر2020، عقوبات على أنقرة لشراء صفقة صواريخ (أس 400) من روسيا إذ فرضت عقوبات على رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وأربع شخصيات من كبار المسؤولين لدورهم في الحصول على أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية، ونفذت العقوبات بموجب قانون مكافحة “أعداء أمريكا” من خلال قانون العقوبات كاتسا، والذي يستهدف الدول التي تتعامل مع قطاع الدفاع الروسي. كما تم منع تركيا من المشاركة في تطوير وتدريب برنامج المقاتلات الأمريكية “إف-35”، وهذه العقوبات عقوبات مخففة، وربما تلجأ إدارة “بايدن” لفرض المزيد منها حال أصرت تركيا على تشغيل منظومة صواريخ (إس 400) الروسية. حيث رجح مرشح بايدن لوزارة الخارجية “أنتوني بلينكن” الخبير في شؤون الشرق الأوسط فرض المزيد من العقوبات على تركيا لشراء هذه الأنظمة.
– التواجد العسكري التركي بسوريا: تتواجد تركيا عسكريا وتحتل عدة مدن بشمال سوريا، وقد وصفت مرشح “بايدن” لوكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، والمسؤول الثالث في وزارة الخارجية “فيكتوريا نولاند” عملية “نبع السلام” العسكرية التركية التي شنتها في أكتوبر 2019 بأنها “مأساة استراتيجية”، وأشارت إلى أن أنقرة وواشنطن خاضتا مفاوضات مكثفة للغاية مع تركيا حول كيفية إنشاء منطقة عازلة لحماية أراضيها دون أن تضطر واشنطن لسحب قواتها. وربما هذا سيؤدي لمنع شن عمليات عسكرية تركية جديدة في شمال سوريا ولكن سحب القوات العسكرية التركية من سوريا وتفكيك القواعد العسكرية هناك سيكون أمرا صعبا جدا وسيخضع لمفاوضات شاقة بين أنقرة وواشنطن خلال المرحلة المقبلة. كما أن الموقف الروسي سيكون له أهمية هنا نظرا لاتفاقيات “خفض التصعيد” الموقعة بين موسكو وأنقرة الخاصة بترتيبات الوضع الأمني والعسكري في سوريا.
– دعم قوات “قسد”: اتخذ “بايدن” أولى خطواته ضد أنقرة حيث عين أحد داعمي القوات الكردية في سوريا مستشارًا له وهو “بريت ماكجورك” حيث شغل الأخير منصب الموفد الأمريكي للتحالف الدولي ضد داعش، وكان هو المسؤول عن الدعم الأمريكي المادي والعسكري لقوات حماية الشعب الكردية، وقوات سوريا الديمقراطية في نزاعها ضد “داعش” منذ 2014، كما قدم دعما وتسليحًا لقوات حزب العمال الكردستاني (pkk) التي شاركت قوات “قسد” في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي برعاية أمريكية، ومن المعروف أن أنقرة تخوض حربًا ضروسا ضد كافة التنظيمات الكردية باعتبارها تنظيمات إرهابية تسعى لإنشاء كيان ما انفصالي على الحدود التركية الجنوبية، مما يعد تهديدًا للأمن القومي التركي. ويعد “ماكجورك” من الشخصيات العدائية لأنقرة، حيث إنه دائمًا ما يقف في وجه سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القمعية والاستعمارية، وتواجده في هذا المنصب سيجعل واشنطن تتخذ مواقف متشددة من التواجد العسكري التركي في سوريا.
وجدير بالذكر أنه في يوليو 2017، صرح “ماكجورك” بأن محافظة إدلب السورية أصبحت أكبر ملجأ آمن لتنظيم القاعدة في العالم منذ هجمات 11 سبتمبر، وطالب بإغلاق الحدود التركية مع المحافظة السورية، وأشار إلى دور بعض الحلفاء في فتح الحدود لتدفق الأسلحة دون تدقيق حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، مشيرًا إلى احتمال البدء بعمل عسكري مشابه لما تم فعله في مناطق سيطرة تنظيم داعش في سوريا والعراق. مما دفع أنقرة لرفع شكوى ضده في ديسمبر 2017، وأعلن مكتب المدعي العام في أنقرة عن شكوى ضده لأنه يدعم الإرهاب قاصدا بذلك القوات الكردية السورية. ثم قدم استقالته في ديسمبر 2018 احتجاجا علي قرار “ترامب” بسحب القوات الأمريكية من سوريا بعد محادثة هاتفية مع “أردوغان”. كما كشف “ماكجورك” عن دعم أنقرة “لداعش” خلال مقابلة في برنامج تليفزيوني له عام 2019، واتهم أنقرة بأنها سمحت بعبور 40 ألف مقاتل من الجهاديين من 110 دول حول العالم جاءوا إلى سوريا، للقتال في تلك الحرب وجمعيهم عبروا من خلال تركيا.
كما دافع الجنرال المتقاعد “لويد أوستن” مرشح “بايدن” لمنصب وزير الدفاع عن قوات “قسد”، وأوضح أن القيادة المركزية الأمريكية شكلت شراكة فعالة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في حملتها ضد “داعش” بعد فشل سابق في محاولات لتدريب وتجهيز الفصائل السورية الأخرى.
-تسليم كولن: انتقد وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار” رفض واشنطن تسليم بلاده المفكر الإسلامي التركي المقيم بولاية بنسلفانيا “فتح الله كولن”، وهو رجل دين مسلم يعيش في المنفى الاختياري في الولايات المتحدة وتحمّله تركيا المسؤولية عن محاولة انقلاب عسكري عام 2016. ومنذ أربع سنوات تطالب أنقرة بتسليها “كولن”، بيد أن واشنطن ترفض لعدم كفاية الأدلة المقدمة لها من تركيا التي تثبت تورط الأخير في المحاولة الانقلابية بتركيا، ومن المنتظر أن تتخذ إدارة “بايدن” نفس الموقف وترفض تسليمه لأنقرة.
-التوترات بشرق المتوسط: ستظل التوترات بين تركيا وحلفائها عبر المحيط الأطلسي تشكل تحديًا لإدارة “بايدن” عبر مجموعة متنوعة من القضايا الإقليمية. لاسيما بعدما بلغت التوترات حد المخاوف من التحول لمواجهات العسكرية في نهاية 2020 حال حدوث تصادم سفينتين تركية ويونانية بشرق المتوسط، وقد رشح “بايدن” بمنصب المدير الأعلى للشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي “أماندا سلوت”، وهي كانت مسؤولة عن العلاقات الأمريكية مع تركيا وقبرص واليونان، بالإضافة إلى أنها كانت مسؤولة عن المشاركة الأوروبية في قضايا الشرق الأوسط كنائبة مساعد وزير الدولة لشؤون جنوب شرق أوروبا وشرق البحر المتوسط في عهد “أوباما”. ولذا فمن المتوقع وجود وساطة أمريكية لتقريب وجهات النظر بين أنقرة وأثينا لاسيما حال نجحت المفاوضات بين تركيا واليونان للتوصل لحل ما للملفات الخلافية بينهما. كما أن المواقف الأمريكية والأوروبية ستتقارب على نطاق واسع بشأن القضايا المتعلقة بتركيا، وهذا سيدفع أنقرة إلى تقديم المزيد من التنازلات لاحتواء الخلافات مع حلفائها.
ثالثا: سيناريوهات مستقبلية:
من المؤكد أن إدارة “بايدن” ستتخذ مواقف مغايرة عن الإدارة السابقة، وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات التركية الأمريكية خلال السنوات الأربع المقبلة، فإنها تتأرجح بين..
– سيناريو احتواء الأزمات وتعزيز التعاون الإقليمي:
وهذا السيناريو يقضي بنجاح أنقرة وواشنطن في احتواء الخلافات بينهما وإدارتهما بما يحقق مصالح الطرفين، لاسيما بعد الرسائل الإيجابية التي قام بها “أردوغان”، وربما تلجأ واشنطن للاعتماد على أنقرة في تنفيذ عدة مهام إقليمية، للاستفادة من التمدد العسكري التركي في سوريا وليبيا والعراق وأذربيجان. لاسيما وأن “بايدن” لديه العديد من الأزمات الداخلية التي سيتوجب عليه الاهتمام بها أولا قبل حل الأزمات الإقليمية والدولية، ومنها (احتواء الانقسام السياسي الداخلي، أزمة كورونا، تراجع الاقتصاد الأمريكي)، ولذا فمن المتوقع أن يعتمد على تركيا كذراع له في منطقة الشرق الأوسط للقيام ببعض المهام العسكرية والأمنية للتوازن مع النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة. وهذا الأمر كان متبعا خلال إدارة الرئيس الأسبق “باراك أوباما”.
– سيناريو التصعيد المدروس: وهذا السيناريو سيتم حال رفضت أنقرة تقديم تنازلات لحل القضايا الخلافية، مثل إصرارها على شراء منظومة (إس 400)، مما سيدفع واشنطن لفرض المزيد من العقوبات عليها ولكنها ستبقى “عقوبات مخففة” كالتي فرضها “ترامب”، كما ستنتقد الإدارة الجديدة حملات القمع والعنف وتراجع الديمقراطية واضطهاد اللاجئين والأكراد في تركيا، بيد أن تلك البيانات ستبقى بيانات رمزية لاحتواء الرأي العام الأمريكي فقط. لأن واشنطن لن تغامر بخسارة تركيا تماما وإبعادها عن المعسكر الغربي؛ لأن ذلك سيؤدي لتعزيز التقارب بين موسكو وأنقرة، وهذا بدوره سيضر المصالح الأمريكية على المدى المتوسط.
– سيناريو التصعيد الجاد: وهذا السيناريو سيتم حال فشلت كل المحاولات لتقريب وجهات النظر وحل الملفات الخلافية بين واشنطن وأنقرة، مما سيدفع “بايدن”، لفرض عقوبات جدية على أنقرة، وربما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة، الأمر الذي سيؤثر سلبا على الاقتصاد التركي المتأزم. وربما يؤدي لإقدام “أردوغان” على التصعيد العسكري في سوريا أو ليبيا أو شرق المتوسط للضغط على واشنطن عبر إثارة التوترات الإقليمية.
مما سبق، نجد أن العلاقات التركية الأمريكية تواجه مرحلة جديدة خلال إدارة “بايدن”، ومن المنتظر احتواء الخلافات بينهما وعدم التصعيد. لأن الإدارة الأمريكية الجديدة سينصب تركيزها على معالجة الأزمات الداخلية غير المسبوقة في المجتمع الأمريكي خاصة، وأن تلك الإدارة ستبقى بالحكم أربع سنوات فقط، ولذا لن تغامر بخسارة حليف قوي مثل تركيا، بل إن واشنطن ستسعى لحل المشكلات والتوصل لحل وسط في مختلف الأزمات الإقليمية والدولية.
* باحثة مصرية حاصلة على الدكتوراه في العلوم السياسية، متخصصة في الشأن التركي