نيجريا (زمان التركية) – بمسيرة حافة بالعطاء استمرت خمسين عامًا أمضاها في سبيل خدمة الإنسانية؛ انتقل الأستاذ حسين بيدر، أحد المتطوعين في أنشطة حركة الخدمة -التركية- التعليمية والخيرية، إلى رحمة الله تعالى في دولة نيجريا التي اتخذها وطنًا له منذ سنين، وقد أثر فراقه على كل المحيطين به والمتعاملين معه.
حسين بيدار تولى منصب المدير العام لشركة “نصرت” للعلوم والثقافة بنيجيري، لكن أنشطته لم تقتصر على نيجريا فقط، بل شملت كل القارة الأفريقية، لذا كان له محبون من كل أنحاء تلك القارة السمراء.
وقد نشر عديد من الكتاب والباحثين من أفريقيا وتركيا، رسائل تعزية هي بمثابة شهادة للراحل ودليل على مدى الحب الذي نثره في قلوبهم بأخلاقه السامية.
يواصل موقع “زمان التركية” نشر الرسائل التي كتبها محبو الأستاذ حسين بيدر، بعد أن نشر أمس الأربعاء مقالًا للكاتب المصري الموهوب صالح القاضي بعنوان “رجال الرحمة” عبر فيه عن مشاعره تجاه وفاة الراحل.
وفيما يلي الرسالة التي نشرها عضو المنتدى العالمي للوسطية الدكتور جمال السفرتي من الأردن:
إنا لله وإنا إليه راجعون.
إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
رحم الله الأستاذ حسين بيدر وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
نشهد أمام الله تعالى أنه بذل حياته وجهده وعمره ووقته في سبيل الله تعالى.
نشهد أنه ضحى وصبر على البعد عن أولاده وفراق أهله وكل هذا في سبيل الله تعالى.
نشهد أنه أحب أهل أفريقيا، عامة ونيجيريا خاصة، حتى بتنا لا نظنه يمكنه أن يعيش خارجها، ولذلك مات ودفن فيها بمشيئة المولى سبحانه وتعالى.
نشهد أن المؤمنين والمخلصين والصادقين من أهل أفريقيا عامة، ونيجيريا خاصة، قد صدقوا في محبتهم له ولإخوانه، واجتمعوا معه على الإخلاص للمولى سبحانه، والسعي لأداء أمانة الرسالة، ورفعة المسلمين، ونهضة الأمة، فكافأهم الله عزوجل أن جعل مثواه الأخير في أرضهم وتحت ترابهم.
ولا أعرف حقيقة هل هو تكريم من الله تعالى له أن جعله يدفن في تلك البلاد أم هو تكريم لأهلها أم لعله تكريم لكليهما معا؟ والله أعلم!
بكل الرضا والتسليم لأمر الله تعالى وبقلب مكلوم مفجوع موجوع أقول:
إنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم أقول عظم الله تعالى أجركم وأجرنا جميعا.
ورحمه الله رحمة واسعة.
وألهم أهله وأولاده وأحبابه الصبر والسلوان.
بينما قال طالب الدراسات العليا من دولة تشاد آدم عبد العزيز عمر في رسالته عن الأستاذ بيدر:
أنموذج مشرق للخدمة الإيمانية والقرآنية ونشر الخير والمعرفة. لقد افتقدت أفريقيا شخصية نموذجية خدومة محبة للإنسانية جمعاء .
همه الوحيد هو كيف تنهض هذه القارة، كيف تكون في المقدمة، كيف يكون أبناؤها علماء يعرفون الحق والحقيقة.
عرفته أول ما عرفته في دولة نجييريا، وجدت فيه قلب الأب الحنون الذي يشفق على أبنائه ويحب لهم الخير .
كلما نلتقي معه كان يزرع فينا الوعي وحب الإنسانية، وكيفية إيصال الحق والحقيقة إلى غيرنا .
كان يحمل هما حضاريا ووعيا ثقافيا جعلته يتعامل مع الصغير والكبير.
كان مبتسما في كل وقت مع الهموم التي يحملها، وهي هموم الخدمة الإيمانية والقرآنية .
وصدق الله حين قال (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه).
ففعلا أستاذنا كنت من الذين عاهدوا الله على حمل هذه الأمانة الثقلية، نسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك. وأن يحشرك مع الصديقين والشهداء والصالحين .
وأقدم تعزيتي لنفسي أولا ولتلاميذه وأصدقائه.
من جانبه، نشر مركز نسمات للدراسات الإنسانية والاجتماعية تعزية جاء فيها كا يلي:
لولا أن رأته عيناي وأبصرت جِدّه ونشاطه وسعيه الدؤوب في خدمة الإنسانية جمعاء لقلت إن وجود شخص كهذا في إخلاصه وورعه وتقواه الذي لا نزكيه فيه على الله هو ضرب من الوهم أو الخيال.
امتدحه الراحل فريد الأنصاري هو وأمثاله ممن سلكوا نفس الدرب بأنهم: “ظلال من جيل الصحابة أو نُسخ أخرى لستُ أدري.. ولقد رأيتهم وما كذبت عيني. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا.. فلله درّهم.. أي رجال هم!؟
هو واحد من حفنة المجانين الذين عناهم الأستاذ “فتح الله كولن” متضرعًا إلى الله تعالى أن يمنحه قلة منهم: ”مجانينَ أريد، حفنةً من المجانين… يثورون على كل المعايير المألوفة، يتجاوزون كل المقاييس المعروفة. وبينما الناس إلى المغريات يتهافتون، هؤلاء منها يفرّون وإليها لا يلتفتون.
هاجر تاركًا وطنًا يتمنى كل أحد أن يعيش على أرضه يجوب الآفاق لخدمة دينه متخذًا من كل أرض تطؤها قدماه وطنًا له، وقد حالت الظروف السياسية في تركيا مؤخرًا بينه وبين أسرته فمات بعيدًا عن أهله، الذين كثيرًا ما بكى متألمًا فراقهم والشوق إلى لقائهم.
كان الأستاذ حسين بيدار المدير العام لشركة نصرت للعلوم والثقافة بنيجيريا رجلا بأمة، فارسًا بالنهار راهبًا بالليل لا يكلًّ ولا يملُّ، كان رجلا من أهل الله، كرس حياته كلها ليلها ونهارها في سبيله. كان رقيق القلب سريع البكاء من خشية الله.
والمشرفون على موقع نسمات إذ ينعون اليوم بمزيد من الأسى ولوعة القلب على فراق أخ عزيز ورفيق درب جليل يسألون الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ويتقبله عنده في الشهداء، وأن يلهم أهله وذويه ورفاق دربه الصبر والسلوان.
–