أنقرة (زمان التركية) – دائمًا ما يلصق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصمة “الإرهابي” بكل شخص ينتقده أو يعترض على سياساته، بحيث لم يبق هناك أي مجموعة سياسية أو مدنية، بل حتى مواطن عادي، إلا وأخذ نصيبه من هذه الوصمة، بدءًا ممن صوتوا بـ”لا” في استفتاء 2017 الدستوري، مرورا بالمستثمرين في الدولار، وصولا إلى طلاب جامعيين.
آخر ضحايا وصمة أو تهمة الإرهاب التقليدية كان كل من طلاب جامعة البوسفور الذين احتجوا على تعيين “وصي” على جامعتهم، بعد تعيين أحد المرشحين البرلمانيين السابقين من صفوف حزب العدالة والتنمية رئيسًا للجامعة، ورئيسة شعبة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول جانان كافتانجي أوغلو بعدما تضامنت مع هؤلاء الطلاب.
قائمة أردوغان للإرهابيين شملت المواطنين الذين استثمروا في الدولار بعد ارتفاعه الجنوني أمام الليرة التركية عقب أزمة إرسال القس الأمريكي من تركيا إلى الولايات المتحدة في 2018، وكذلك كل وكالة تصنيف ائتماني دولية خفضت تصنيف تركيا بعد تدهور المؤشرات الاقتصادية، متهمًا إياها بتدمير تركيا من الناحية الاقتصادية بعد فشل الانقلاب العسكري في 2016.
لم يسلم أي حزب من الأحزاب المعارضة من وصمة الإرهاب أيضًا، حيث اعتبر أردوغان تحالف الشعب المعارض تحالفًا إرهابيًّا يسعى إلى الإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية الحليف مع حزب الحركة القومية، بل إلى إزالة تركيا من خارطة العالم بالتعاون مع امتدادته الخارجية.
وكذلك سبق أن وصف أردوغان كلا من الذين صوتوا بـ”لا” في التعديلات الدستورية التي تمت في أبريل 2017 وفتحت الطريق أمام انتقال تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي الحالي، ورؤساء البلديات التابعين لأحزاب الخير والشعب الجمهوري بالإرهاب، وذلك إلى جانب حزب الشعوب الدسمقراطي المؤيد للأكراد بطبيعة الحال.
كما طال وصف الإرهابي رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو والرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي والمعتقل حاليا في سجن أدرنة صلاح الدين دميرطاش أيضًا.
ليس السياسيون هم من في مرمى نيران أردوغان فقط، بل قائمته للإرهابيين تشمل الكتاب، مثل الكاتبين الروائيين الشهيرين أحمد ألطان وأورهان باموق، صاجب جائزة نوبل للأدب، وصحفيين، مثل جميع الصحفيين العاملين في صحف “زمان” و”بوجون” المحافظتين، و”طرف” ومجلة “نقطة” الليبراليتين، ورئيس تحرير صحيفة جمهوريت العلمانية سابقًا جان دوندار؛ والرياضيين، مثل نجم كرة القدم التركي الدولي هاكان شكور الذي كان نائبًا برلمانيا من صفوف حزب العدالة والتنمية حتى عام 2014، ولاعب كرة السلة الشهير عالميا أنس كانتر؛ والناشطين الحقوقيين، مثل رئيسة منظمة حقوق الإنسان في تركيا شيبنام كورور فينجانجي وعثمان كافالا.
تقليد أردوغان في وصف معارضيه أو مختلفين معه بدأ بعد فضائح الفساد والرشوة التي ظهرت إلى السطح في عام 2013، حيث اتهم ما سماه الكيان الموازي في البداية بأنه يسعى لانقلاب “قضائي” على حكومته من خلال توظيف تحقيقات الفساد والرشوة، ومن ثم زعم أن حركة الخدمة هي التي تقف وراء الانقلاب الفاشل في 2016 وبدأ يتهمها بشكل صريح بمنظمة إرهابية مسلحة.
وعلى الرغم من أن أردوغان يزعم أن حكومته تعرضت لنحو عشر محاولات انقلابية منذ 2003 حتى اليوم إلا أنه ما زال على رأس الحكومة، ونقل تركيا إلى النظام الرئاسي ليصبح ريسًا “غير مسؤول” بفضل تلك الانقلابات التي وصف آخرها بـ”هدية كبيرة من الله”.
والآن بدأ أردوغان يستخدم ورقة الإرهاب مرة أخرى، وهذه المرة ضد طلاب جامعة البوسفور، لكن من السابق لأوانه التكهن بما إذا كان سينجح في تحويل احتجاجاتهم إلى “هدية إلهية جديدة” يحصد بفضلها رؤوس العلمانيين هذه المرة أم لا.