أنقرة (زمان التركية) – كرر دوغو برينجك، زعيم حزب الوطن اليساري، تصريحاته التي يؤكد فيها دائما تدخله في رسم سياسة تركيا.
برينجك، المنتمي لتنظيم أرجنكون “الدولة العميقة” قال إن الحكومة الحالية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، هي من تقود السفينة ولكنهم من يرسمون لها الطريق.
وأوضح برينجك أنهم في النهاية لا يدعمون أردوغان، ولكن على العكس أردوغان يدعمهم ويقودهم إلى أهدافهم، ولهذا السبب فإن حزبي “العدالة والتنمية والوطن في نفس السفينة، وفي نفس جبهة القتال”، مشيرا إلى أن حزب الحركة القومية الذي (يتزعمه دولت بهجلي) يتواجد معهم أيضا.
وتابع برينجك: “قد يكون هناك أزمة من يقود السفينة، يعني من يدير السفينة بشكل أفضل؟ من سيقود هذه السفينة نحو وجهتنا وهدفنا دون الاصطدام بالصخور؟ حزب العدالة والتنمية هو قبطان تلك السفينة الآن، ولكن حزب الوطن هو من يرسم طريق تلك السفينة”، على حد قوله.
أشار برينجك إلى أن تركيا تنفصل عن المحيط الأطلسي وتتجه إلى آسيا، وأضاف: “سياستها الحالية تميل نحو آسيا والصين. فهي تحرص على عدم مواجهة روسيا والصين في القضايا الحاسمة”، وفق قوله.
وأكد برينجك أن حزبي “العدالة والتنمية والحركة القومية” هما أكثر الأحزاب قومية ووطنية في تركيا، ولكن بعد حزب “الوطن”، على حد تعبيره.
ومع أن دوغو بيرنجك سبق أن أصدر تصريحات مشابهة إلا أن الغريب أن الرئيس رجب أردوغان لم يرد عليها بالنفي أو التأكيد حتى اللحظة.
من هو دوغو برينجك؟
لقد خطف برينجك الأضواء على نفسه عبر مواقفه الحساسة في اللحظات الحرجة طيلة تاريخ السياسة التركية. فمع أن نسبة الدعم التي يحصل عليها في الانتخابات ضئيلة جدًا لا تتجاوز 1%، إلا أنه تمتع حتى اليوم بنفوذ قوي في أجهزة الدولة، خاصة في أجهزة الأمن والقضاء والجيش، ولعب أدوارًا حاسمة في تلميع أو تشويه حركات ومجموعات سياسية أو مدنية، بفضل علاقاته “الغامضة” و”المثيرة” مع بؤر القوى الداخلية والخارجية.
وأسّس برينجك أربعة أحزاب وترأسها، وهي حزب العمال والفلاحين (1978-1980)، والحزب الاشتراكي (1991-1992)، وحزب العمال (1992–2015)، وحزب الوطن الحالي (15 شباط 2015 – ؟). لم يتبنَّ فكرًا معينًا ثابتًا، وإنما روّج لأي فكر مهما كان، بحسب الظروف واتجاه الرياح؛ فهو كان ماركسيًّا لينينيًّا ماوِيًّا في سبعينات القرن الماضي؛ وداعمًا لليسارية الكردية في الثمانينيات؛ وقوميًّا علمانيًّا متطرفًا بعد التسعينيات!
وأصدر برينتشاك صحيفة يسارية علمانية باسم “آيدينليك” (Aydınlık)، وقاد المجموعة التي تكوّنت حول هذه الصحيفة. واللافت للانتباه أنه دعم في تسعينات القرن الماضي حزب العمال الكردستاني “الإرهابي”، وعمل على تشتيت اليسارية التركية من خلال توظيف اليسارية الكردية. حتى إنه كان يشرف على مجلة (نحو 2000) (2000’e doğru) التي تحولت إلى اللسان المتحدث باسم العمال الكردستاني.
وأجرى برينتشاك، الذي كان يمثل اليسارية التركية حينها، لقائين مختلفين مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الذي كان يمثل اليسارية الكردية، أحدهما في عام 1989، والآخر في عام 1991، والتقطتهما عدسات آلة التصوير وهما يتبادلان الزهور فيما بينهما، في أحد المعسكرات التابعة للعمال الكردستاني، على الرغم من أنهما يظهران اليوم العداء لبعضهما البعض، بل يعتبر أحدهما الآخر نقيضه، حيث يقدم برينجك نفسه في الوقت الراهن “قوميًّا وطنيًّا علمانيًّا” يجاهد ضد أوجلان الذي يحاول تقسيم تركيا!
وعُرف برينتشاك بمواقفه المصلحية المتقلبة، ولا يخفي أنه لا يتبني أي دين أو فكر أو توجه إيدولوجي معين؛ إذ يقف اليوم إلى جانب “المعسكر الأوراسي” بقيادة روسيا والصين، لكنه كان يدافع قبل ذلك عن “المعسكر الغربي” بقيادة أمريكا وبريطانيا أو حلف شمال الأطلسي الناتو ويصف الاتحاد السوفيتي بـ”الأمبريالي”؛ ويعلي اليوم من شأن “القومية التركية الطورانية”، غير أنه كان يصف تركيا من قبلُ بـ”الدولة المحتلة” لجزيرة قبرص، ويعترف بمزاعم الإبادة الأرمنية على يد الدولة العثمانية.
–