ديار بكر (كشف مصدران مقربان من قادة الجماعات المسلحة التابعة لتركيا في شمال شرق سوريا، عن اجتماع جرى بين قادة مليشيات الحزب التركستاني المعروف بـ”الإيغور” الموالي لأنقرة، والاستخبارات التركية في 20 نوفمبر، عرضت فيه الحكومة التركية صفقة تمثلت في نقلهم إلى مؤسسات ومراكز أمنية بمحيط مدينة ديار بكر جنوب شرقي تركيا، والمشاركة في معارك جديدة ضد الأكراد شمالي سوريا.
وقال المصدران إن خلافات نشبت بين الحزب التركستاني وأبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة الإرهابية التي تسيطر على مدينة إدلب، بسبب رفض الأخير انتقال مليشيات التركستان إلى تركيا بكافة أسلحتها، وتمسكه بخروجهم بعد تسليم كافة أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة.
ويرى مراقبون أن أنقرة تحشد قوات جديدة في العمق التركي لقتال حزب العمال الكردستاني. وتمثل مدينة ديار بكر قاعدة لهجمات الجيش التركي ومرتزقته الجدد، ضد المسلحين التابعين لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا “منظمة إرهابية”.
وسبق للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إقناع الجانب الأميركي بإزالة مايسمى بـ”بالحزب الإسلامي التركستاني” من قوائم الإرهاب، وبالفعل أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو رفع اسم الحزب من قوائم الإرهاب الدولي بداية شهر نوفمبر.
وتدفقت مليشيات الحزب الإسلامي التركستاني بصحبة عائلاتهم إلى سوريا منذ 2013، واستقروا بداية في جبال الساحل والريف الغربي لإدلب، ضمن مناطق حدودية مع تركيا، كما ينتشرون في ريف اللاذقية.
وتضم مليشيات “التركستاني” مسلحين من عدة جنسيات من الإيغور الصينيين والشيشان والأوزبك و الطاجيك وغيرهم، ويقدر عددهم بقرابة 7 آلاف مسلح.
وأكدت مصادر لموقع “سكاي نيوز عربية”، عبور ألف من ميليشيات الإيغور مع عائلاتهم إلى تركيا كدفعة أولى، تليها أعداد جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث تعمل تركيا على نقل 5 آلاف مسلح إلى ديار بكر.
مآرب خفية
ويعتقد الصحفي المتخصص في شؤون السياسة التركية، أنس ماماش، أن حرص رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في، أردوغان، على التشبث بسدة الحكم حتى لو خسر الانتخابات الرئاسية، “هو ما جعله يخطط لإنشاء جيش خاص به”.
وقال “أردوغان أقر عام 2004 قانونا خاصا بنظام شركات الأمن والحراسة الخاصة في مدن كردية عديدة في تركيا وفي الأناضول، لإطفاء صفة رسمية على الجيش الذي أنشأه، وإكسابه بنية تحتية قانونية، بعد تعيينهم اليوم ميليشيات الإيغور والمليشيات السورية والليبية الإرهابية الموالية لأنقرة، بصفة حراس وأمنيين لتلك الشركات والمراكز”.
وتابع: “منذ تأسيس حزب العدالة والتنمية، كان عدد العاملين في الأمن الخاص نحو 20 ألفا، أما الآن فبلغ تعدادهم 283 ألفا و431 موظفا، بينما بلغ عدد الأشخاص الحاصلين على شهادة أمنية خاصة حوالي مليون و556 ألفا و250 شخصا”.
ويرى ماماش أنه بمقارنة ارتفاع عدد رجال الشرطة والأجهزة الأمنية منذ تأسيس الحزب الحاكم وبعد استلامه الحكم في البلاد، يتضح جليا أن نظام الحراسة الأمنية الخاصة في تركيا أصبح الأكبر قوة في البلاد، بعد القوات المسلحة التركية”.
ويشير ماماش إلى أنه في 28 فبراير 2012، تم تأسيس شركة خاصة للإنشاءات والاستشارات الخاصة بالأمن القومي والتجارة العامة تحت اسم “سادات”، التي كانت “الرحم الذي تمخض عنه جيش أردوغان السري”.
وأضاف: “الجيش شكله 23 ضابطا متقاعدا وصف ضباط تحت قيادة العميد السابق عدنان تانريفيري، حيث يقوم بتجنيد إرهابيين من عدة دول في جيشه الحديث، مثل سوريا وليبيا و الإيغور”.
تغيير ديموغرافي
من جانبها، تعتقد الصحفية الكردية نالين بوتان، أن هدف أردوغان من تأسيس جيشه السري من المرتزقة والمليشيات الإرهابية هو محاربة الأكراد.
وأضافت: “تكشف المعلومات الواردة من جنوب شرق تركيا عن فتح الحكومة مؤخرا خطا للسكك الحديدية وسط مدينة ديار بكر، وستقوم بتسويره على غرار حائط برلين، بهدف تجزئة ديار بكر إلى شطرين لإحداث تغيير ديموغرافي في المناطق ذات الغالبية الكردية”.
واعتبرت أنه “لن تهدأ مخططات حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، في سبيل الحفاظ على سلطته إلى الأبد”.
أما ماماش فيرى أن خسارة أردوغان في حال ترشحه لدورة رئاسية جديدة، “لا تعني أنه سيغادر السلطة، بل سيحرص على اتخاذ جميع الاحتياطات والاستعدادات اللازمة، وسيخوض حربا أهلية دموية مستخدما المتطرفين، نظرا لعدم ثقته المطلقة بعناصر الشرطة والجيش، واعتماده على نظام الأمن الخاص به لمواجهة كل التحديات التي ستقف في طريقه”.
تجنيس الإيغور
وكشف تكليما كان “من حركة الجيل الجديد لتركستان الشرقية”، في تصريحات صحفية، أن عدد الإيغور الحاصلين على الجنسية التركية من 10 سنوات وصل إلى 350 ألفا، ولفت إلى أن المعلومات التي لديه تشير إلى وصول ما بين 30 إلى 50 ألفا من الإيغور بعد عام 2015.
وأوضح أن هؤلاء حاصلين على إقامات غير محددة بالزمن، وهم بمثابة مواطنين من الدرجة الثانية، يتمتعون بأوضاع قانونية مريحة.
وفي السياق ذاته، ترى الصحفية الكردية نالين بوتان، أن الرئيس التركي “بعد إشعاله حربا أهلية داخل المدن الكردية ومحاربة حزب العمال الكردستاني، سيفرغها من سكانها الأكراد، وسينتقل لاحتلال الشمال السوري وضمه لتركيا في حال بقاء المجتمع الدولي صامتا عن تجاوزاته”.
وتابعت: “أردوغان سيعمل على توطين عائلات المتشددين في المناطق الكردية، كما فعلها في عفرين ورأس العين وتل أبيض، وحاليا في إقليم ناغورني كاراباخ”.