لندن (زمان التركية) – قال تقرير إن العلاقات الوثيقة بين مصر والسعودية لم تحُلْ دون احتفاظ كل دولة بمسافة للحركة الإقليمية منفصلة عن الثانية بعدما أبدت الرياض مؤخرًا مرونة حيال تركيا، مشيرة إلى أن القاهرة لم تتخذ حتى الآن خطوة محددة نحو أنقرة تشي بأن هناك استجابة لجملة الرسائل السياسية التي وجهها إليها مسؤولون كبار في تركيا.
ونقلت صحيفة العرب اللندنية عن مصادر لم تسمّها القوله إن “القيادة المصرية درجت على التريث والحذر، وعدم المبادرة في هذا النوع من الأزمات المركبة، طالما أن المكونات غير مستقرة، وتتحكم فيها أطراف مختلفة، وتميل إلى الرهان على الزمن، الذي يتكفل بإيجاد واقع قد يحمل صبغات قاسية”.
وأضافت الصحيفة أن الإدارة المصرية تتفهم دوافع التغير في الموقف السعودي تجاه أنقرة، لِمَا لذلك من علاقة بتقديرات الرياض في هذه المرحلة الدقيقة، حيث لا يضيرها حدوث تطور إيجابي، لكن المشكلة تكمن في أن القيادة التركية غير صادقة، ولن تصفو نواياها تماما، وأبقت على ملف اغتيال جمال خاشقجي معلقا لتوظيفه سياسيا في أي لحظة.
وأعادت مصادر الصحيفة للأذهان أن مصر والسعودية كان لهما تقديرات متباينة بشأن تفاصيل ما جرى في كل من سوريا واليمن، ناهيك عن إيران، دون أن تتأثر العلاقات في أي مرحلة، وهناك تفاهمات في الخطوط العريضة تبقي على تحالفهما.
وقالت المصادر ذاتها إن القاهرة تنتظر ما سينجلي من المواقف بين السعودية وتركيا بعد المكالمة الأخيرة بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والحديث عن فتح الحوار، وتأكيدات كبار المسؤولين السعوديين أن لا مشكلة مع تركيا.
وأشارت المصادر للعرب الندنية إلى أن هناك خطا أحمر رسمته القاهرة لأنقرة في ليبيا، صمد حتى الآن، بينما وضعت تركيا خطها المماثل في خندق هذا المشروع، وهو صامد حتى الآن، وتترقب مصر المدى الذي يمكن أن يبلغه وسط صعود وهبوط لافتيْن.
يذكر أن الرسائل المتفرقة التي وجهتها أنقرة للقاهرة مؤخرا لم تتطرق صراحة إلى مصير الإخوان، بل اكتفت بالتركيز على تلميحات تتعلق بقضيتيْ شرق البحر المتوسط وليبيا اللتين اتخذت فيهما مصر خطوات بعيدة عن تركيا، وقاومت استفزازاتها عبر تشكيل شبكة أمان إقليمية ودولية، يحتاج أي تغير فيها إلى تنسيق كبير مع جهات أخرى.
وأفاد الباحث والمحل السياسي التركي محمد عبيد الله، في تصريحات لصحيفة العرب، أن ورقة الإخوان مهمة لكل من تركيا ومصر، ولن تفرّط فيها أي واحدة منهما، إلا تحت ضغوط معينة أو مكاسب مغرية، فالنظام التركي يعتقد أن التضحية بالإخوان تكبده خسارة فادحة، ذلك أن خطابه يتبنى نهجا منسجما مع الجماعة، ودفع في سبيل ذلك ثمنا باهظا، والتخلي عنه قد يكون مكلفا له، ما لم يكن المقابل سخيّا.
وقال الباحث التركي: “إن أردوغان يستعد للقيام باستدارة ناحية الغرب لتحسين علاقته المتوترة هناك، خوفا من اشتداد الحملة عليه، ودخول بايدن على خطها بضراوة، خاصة أن هناك إشارات متتابعة لمنع الرئيس التركي من مواصلة تجاوزاته، وربما معاقبته على ابتزازه السابق”.
واعتبر عبيد الله أن هذه الاستدارة يمكن أن تمنح القاهرة فرصة جيدة للحركة والمناورة السياسية، لأنها تعني أن أردوغان لن يمارس هوايته في الضغط على بعض الدول عبر انخراطه في أزمات، بينها ليبيا، التي تراها القاهرة تهديدا كبيرا لأمنها القومي.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن الحكومة المصرية تميل إلى عدم التخلي عن سياسة الانتظار حتى تتبين لها الخيوط السوداء والبيضاء في المواقف الإقليمية، ثم تقرر بطريقة عملية أي الطرق سوف تسلك، شريطة ألا تتكبد خسائر، لاسيما أن منطقة الشرق الأوسط ستوضع تحت منظار الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن.
–