أنقرة (زمان التركية) – لا تزال تصريحات وزير العدل التركي عبد الحميد جول بشأن إجراء إصلاحات في القضاء، تشغل الرأي العام في تركيا؛ فيما استغل الصحفي التركي أحمد تاشجتيران المعروف بتوجهه الإسلامي الفرصة ليتسائل عن الموقف القانوني لاستمرار احتجاز رجل الأعمال والناشط الحقوقي عثمان كفالا رغم تبرئته من التهمة الرئيسية الموجهة إليه.
تاشجتيران استنكر اعتقال عثمان كافالا لأكثر من ثلاث سنوات، قائلا: “بأي حق يمكث كافالا داخل السجن منذ ثلاث سنوات؟ ولماذا -أيها الوزير- لم تعترض طوال هذه الفترة على اعتقاله؟ هل نحن نلعب لعبة أم نطبق العدالة؟”.
وواصل تاشجتيران حديثه قائلا: “الجماعات الإسلامية الأخرى لا تعي أن النموذج الذي صنعه حزب العدالة والتنمية الحاكم بكوادره (المتدينة) في البلاد ستستغله غدا حكومة جديدة تحمل في طياتها نية سيئة وستتذرع بها لتضييق الخناق على الجميع”.
وعقب صدور قرار بالإفراج عن عثمان كافالا في فبراير الماضي وتبرئته من تهمة إشعال احتجاجت حديقة جيزي عام 2013، أبدى الرئيس رجب أردوغان انزعاجه الشديد، ثم صدر قرار باستمرار احتجاز كافالا بتهمة جديدة تتعلق بالمحاولة الانقلابية في 2016، وتم إحالة مجلس المحكمة الذي أفرج عن كافالا للتحقيق.
وأضاف: “هذه الحكومة الجديدة ستصنف كل الجماعات الإسلامية ككيانات غير قانونية بغطاء قانوني وسيحاسب أعضاءها بما يشمل النساء والأطفال. وذلك لأن السلطات الحالية هي التي فتحت هذا الباب وصنفت في عهده المشاركة في درس ديني (لحركة الخدمة) وقراءة رسائل النور (مؤلفات العلامة سعيد النورسي) كجريمة”.
وتابع تاشجتيران الذي كان مدافعًا حماسيًّا عن أردوغان حتى وقت قريب: “الله تعالى يقول في سورة المائدة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”. إن لم نكن نحن المعنيين من هذه الآية فمن هم يا ترى؟ الإعلام بالغ في تبرير أخطائك وظلمك، ولن تستطيع تحمل وبال هذا الأمر”.
يذكر أن الرئيس أردوغان اخترع تهم واهية إنشاء “كيانات غير قانونية تحت غطاء قانوني” وإنشاء “جماعات إرهابية غير مسلحة” و “الانتماء إلى جماعات إرهابية دون العضوية فيها” بعدما فشل في إقناع الرأي العام بأن حركة الخدمة التي يزعم تورطها في تدبير انقلاب 2016، كيان إرهابي مسلح، ووصفه لها بـ”الكيان الموازي” عقب تحقيقات الفساد والرشوة في 2013، نظرًا لأن (الرأي العام) لم يشهد ارتكاب أي شخص ينتمي إلى هذه الحركة أي جريمة، ولم تكن القوانين في ذلك الوقت تساعده لترجمة ذلك إلى أرض الواقع.
لجأ أردوغان إلى هذه الطريقة من أجل التمكن من إنقاذ رجاله من تحقيقات الفساد والرشوة، حيث زعم أن الحركة شكلت “كيانًا موازيًا” داخل الجهاز البيروقراطي ولاحقا اتهم من أراد التخلص منهم بهذه التهم سواء كانوا ينتمون إلى الحركة أو لا ومن بينهم الناشط المجتمعي عثمانا كافالا، كما توجه إلى إجراء تغييرات جذرية في الأمن والقضاء أسفرت عن اعتقال كل أعضاء الأمن والقضاء المشرفين على هذه تحقيقات الفساد بدعوى انتمائهم إلى هذا الكيان الوهمي وإغلاق جميع ملفات الفساد.
وعلى الرغم من الدعاية السوداء ضد حركة الخدمة عبر وسائل الإعلام على مدى ثلاث سنوات لم يقتنع الرأي العام إلى حد كبير بكون حركة الخدمة تنيما إرهابيا، فاضطر إلى خلق جريمة كبرى ينسبها لهذه الحركة ويقتلها معنويًّا في نظر الشعب ثم يطلق حملة تصفية شاملة لكل المعارضين الذين حاولوا الوقوف أمام طموحاته في نقل تركيا إلى النظام الرئاسي تحت قيادته، فدبر مع حلفائه القوميين اليمينيين واليساريين ما سمي “الانقلاب الفاشل” في 2016 لتحقيق هذا الهدف.
لكن كل هذه العمليات الهادفة إلى إغلاق جميع ملفات الجرائم وتمهيد الطريق للنظام الجديد تسبب في انهيار تركيا من كل النواحي، وبالأخص من الناحية الاقتصادية والقانونية والسياسة الخارجية، وجعلت الشعب التركي يدفع ثمنها.
–