طرابلس (زمان التركية): شكلت عودة وزير الداخلية في حكومة طرابلس فتحي باشاغا، إلى ممارسة مهامه من جديد بعد أسبوعين من التوقيف على ذمة التحقيق، فصلا جديدا من فصول الصراع على السلطة مع رئيس الحكومة فايز السراج.
ويرى مراقبون للشأن الليبي أن إعلان حكومة السراج عن عودة باشاغا إلى عمله على رأس وزارة الداخلية جاء تحت تهديد السلاح الذي مارسته ميليشيات تابعة لباشاغا، خصوصا أن نتيجة التحقيق معه لم يتم الإعلان عنها.
وقرّرت حكومة السراج في 23 أغسطس إيقاف وزير الداخلية عن العمل احتياطيّا وإحالته إلى تحقيق إداري نهاية الشهر الماضي، على خلفيّة إطلاق مسلحين النار على متظاهرين سلميين في طرابلس، خرجوا للمطالبة بتحسين حياتهم المعيشية.
ووسط انتشار كثيف للمسلحين التابعين لباشاغا حول مقر حكومة السراج، عقد وزير الداخلية اجتماعا لساعات مع الحكومة، الخميس، ليلعن بعدها السراج إعادة الرجل إلى منصبه في تصريح مقتضب لم يحمل أي تفاصيل.
لكن في خلفية المشهد تكمن تركيا، التي تعتبر لاعبا رئيسيا ومحركا للشخصيات التي تدير العملية السياسية في طرابلس، سواء داخل الحكومة أو في ما يسمى “المجلس الرئاسي”.
ويقول الكاتب والباحث السياسي الليبي عبد الباسط بن هامل، في هذا الصدد، إن المتحكم في ما سماه “المسرحية التي تدور على أرض طرابلس” هي “تركيا بالدرجة الأولى، مضيفا: “هؤلاء كلهم عملاء لتركيا، سواء كان السراج أو باشاغا ومن لف لفهم”.
وتساءل بن هامل قائلا: “أين لجنة التحقيق التي تحدثوا عنها مع باشاغا؟ لِمَا لَمْ تكشف عن تفاصيل هذا التحقيق؟ ما الذي تم مناقشته خلال التحقيق؟ من هي اللجنة التي أشرفت على التحقيق”، واصفا ما جرى بأنه “أضحوكة على الليبيين”.
وأوضح بن هامل أنه “طيلة هذا الأسبوع والأسبوع الماضي مررت حكومة طرابلس عدة قرارات خطيرة، من بينها تسمية رئيس أركان جديد، بالإضافة على إجراء تغييرات في مؤسسات مالية مفصلية، وكأنهم يريدون السيطرة على الاستثمارات في البلاد، والتي يتم نقل بعضها إلى تركيا حاليا”.
وقال إن ما يجري حاليا من صراع داخل حكومة طرابلس ما هو إلا “تدوير للمناصب وتوزيع للنفوذ على اعتبار واهم أنهم انتصروا في معركة طرابلس، وبالتالي يدور الصراع حول من يستحوذ على أكبر حصة من الكعكة، سواء على الصعيد المالي، أو تصدير نفسه على أنه العنوان لأي حوارات قادمة”.
وأكد بن هامل أن “المبعوث الذي أسله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طرابلس لملم ما تبعثر من خلافات داخلية في المجلس الرئاسي وحكومة السراج، وهو ربما من قاد الحوار الذي أفضى إلى النتيجة التي تم الإعلان عنها اليوم بعودة باشاغا”.
وقال إن “لدى باشاغا طموح حقيقي بأن يكون هو المسيطر على المشهد بأكمله في طرابلس، كأن يترأس حكومة جديدة أو أن يكون على رأس مجلس رئاسي جديد”.
وشدد بن هامل بالتأكد على أن “هناك أطرافا دولية تحافظ على حكومة السراج”، مشيرا إلى أنها حكومة “لا مستقبل لها، فهي ساقطة شرعيا وشعبيا، وهي موجودة فقط لأنها مفروضة من قوى دولية”.