بروكسل (زمان التركية) – أكد الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد عبيد الله أن الرئيس رجب طيب أردوغان يبتغي من وراء أسلوبه التصادمي مع الدول المجاورة تحقيق هدف داخلي يخلق له قوة سياسية يحول بها دون تدهور شعبيته بسبب التراجع الاقتصادي والقمع الأمني، وهدف آخر خارجي يوظفه في تدعيم مكانته أمام الغرب.
في مداخلة هاتفية مع قناة “تن” المصرية، نوه عبيد الله بأن أردوغان يستهدف من وراء سياسته الخارجية القائمة على “العداء” إثارة المشاعر “الإسلامية” و”القومية” عند الشرائح المحافظة والقومية في المجتمع من أجل منع انخفاض شعبيته من جانب؛ ومن جانب آخر ابتزازَ كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي، عن طريق اختلاق مشاكل في عموم المنطقة من أجل إجبارهما على التصالح والتفاوض معه مجددًا بعد فترة من البرودة معهما عقب تحوله من المعسكر الأطلسي إلى المعسكر الأوراسي.
أشار عبيد الله خلال مداخلته إلى إمكانية تناول مبادرة أردوغان إلى اصطناع توترات مع اليونان والتصعيد العسكري في شرق المتوسط من عدة جوانب، ثم فصل قائلاً: “أولاً، أردوغان يسعى لإيهام الشعب التركي بأن حكايات النجاحات الاقتصادية التي حققها في الماضي لا تزال مستمرة للحطّ من خطورة المؤشرات الاقتصادية التي تكشف التراجع في كل المجالات، لذا يتحدث دوما عن الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول المجاورة واكتشاف حقول غاز جديدة في البحر الأسود وما إلى ذلك”.
وأوضح المحلل التركي أن سياسة أردوغان الخاصة باليونان وشرق المتوسط لا يمكن فهمها بشكل صحيح دون الأخذ في الاعتبار ذلك النهج العدائي والتصادمي الذي بدأ يفضله بعد عام 2011، وتابع: “فهذه اللغة إن لم تحدث أي تغيرات حقيقية في الأرض والواقع إلا أن لها رصيدا لدى الشعب التركي، خاصة لدى القوميين والمحافظين الذين تربوا على القصص البطولية التي تحققت في العهد العثماني. فأردوغان يوظف هذه اللغة في الحفاظ على شعبيته لدى هذه الشريحة بعد أن كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجعًا كبيرًا فيها”.
من جهة ثالثة لفت عبيد الله في مداخلته إلى أن أردوغان يستثمر دائما في غياب موقف إقليمي ودولي موحد من قضايا المنطقة لتدعيم سياساته ومواقفه في سوريا وليبيا وكذلك شرق المتوسط، حيث قال: “فمثلا ليس هناك موقف موحد لدول الاتحاد الأروروبي بشأن ليبيا وشرق المتوسط. فمع أن فرنسا يبدو موقفها معارضًا لأردوغان في ليبيا وشرق المتوسط إلا أن موقف إيطاليا يبدو قريبا إلى الموقف التركي في هذا الصدد”.
ورجح عبيد الله أن الرئيس التركي مهما صال وجال ووجه تهديدات إلى اليونان وحلفائها فإنه لن يوصل الأمور إلى حد مواجهة مباشرة بأغلب الاحتمال، بل سيكتفي باستغلال هذا المشهد الظاهر بعموم المنطقة في خلق نفوذ سياسي يمنع به تدهور شعبيته في الداخل التركي.
أما النقطة الرابعة والأخيرة التي تطرق إليها الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد عبيد الله فهي مساعي أردوغان لتحقيق رغبته في التحول من المحور الروسي إلى المحور الغربي مجددا، حيث قال: “أردوغان يريد أن يتصالح مع الولايات المتحدة والدول الغربية بعد أن كلفه انضمامه إلى المعسكر الأوراسي بقيادة روسيا والصين وإيران فاتورة باهظة من الناحية السياسية والاقتصادية، ولذلك يحاول ابتزاز الغرب من خلال إثارة المشاكل مع اليونان لإجبار كل من أمريكا وأوروبا على التفاوض والحصول على دعمهما مجددا بعد فترة من البرودة التي سادت على علاقاته معهما”، على حد تعبيره.
_